تخفيض الاحتلال قواته بغزة.. تكتيك عسكري أم فشل ميداني؟

جانب من آثار العدوان الصهيوني على غزة-(وكالات)
جانب من آثار العدوان الصهيوني على غزة-(وكالات)

أثار قرار سلطات الاحتلال الصهيوني بتخفيض عدد قواتها في قطاع غزة، وتحديدا في شمال وجنوب القطاع، علامات استفهام عديدة، حول ما إذا كان القرار يندرج ضمن المرحلة الثالثة من الحرب التي أعلن عنها الكيان سابقا، أو يأتي في سياق محاولات استثماره سياسيا بالزعم أنه جاء استجابة للمطالب الأميركية.

اضافة اعلان


غير أن خبراء عسكريين أكدوا لـ"الغد"، أن قرار التخفيض هو "إجراء عسكري طبيعي في العلوم العسكرية، ما يفرض استبدال القوات أو تقليص عددها بعد مضي أشهر على قيام الحرب، خاصة بعد أن تحول عدوان الاحتلال على غزة إلى حرب استنزاف نتيجة عدم تحقيق أي نصر عسكري بسبب عدم إنجاز أي أهداف عسكرية بالنسبة له".


وفي هذا الشأن، يرى خبير الدراسات الدفاعية اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار أن هناك عدة احتمالات وراء تخفيض عدد قوات الاحتلال المشاركة في الحرب على غزة، من أبرزها، أنه يأتي استجابة للضغوطات الأميركية بالتخفيف من حدة العدوان وقتل المدنيين، وصعوبة الحرب البرية على خان يونس في ظل الخسائر البشرية لقوات الاحتلال بشكل يومي، وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين.


وأضاف أبو نوار أن من الأسباب أيضا تأثر الاقتصاد الصهيوني بسبب الحرب، ولتخفيف حدة النزاعات الداخلية بين قيادات الاحتلال (العسكرية والسياسية)، وصعوبة الحرب البرية في خان يونس، في ظل وجود ما يزيد على مليون مدني فيها، وبالتالي زيادة عدد الضحايا، مرجحا استمرار الحرب لكن على شكل ضربات جوية تتركز في وسط وجنوب غزة.

 

ويؤيده في ذلك اللواء المتقاعد الدكتور ظاهر الطراونة، موضحا أن الاحتلال استثمر هذا القرار لتسويقه سياسيا، لكن قراره عسكري ويتخذ عادة في حروب الاستنزاف التي تستمر فترات طويلة، مشيرا إلى أن الاحتلال استخدم معظم قواته في الحرب البرية على غزة، وحان الوقت عسكريا لتبديل هذه القوات وتقليصها بما يتناسب مع قدرات المقاومة، في ظل الخسائر البشرية المستمرة لقوات الاحتلال، وعدم تمكن القوات من تحقيق أي نصر عسكري.


وأشار الطراونة إلى أن قوات الاحتلال دخلت حرب استنزاف بسبب قوة المقاومة في غزة وشراستها، وأصبحت تتكبد خسائر بشرية، ومن هنا فالهدف من تقليص القوات عسكريا هو لتلاشي الخسائر البشرية، علما أن الاحتلال سيبقي على الضربات الجوية التي أنهكت الحياة في غزة.


ورجح أن يكون قرار التخفيض مرحلة لإعادة التفاوض مع المقاومة في ظل الضغوطات التي يمارسها أهالي الأسرى الصهاينة على نتنياهو لاستعادة أبنائهم، وكذلك فشل قوات الاحتلال باستعادة أسراه.


فيما يرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد الدكتور عبدالله الحسنات أن التخفيض هو تمهيد لتطبيق المرحلة الثالثة من الحرب، مشيرا إلى أن ملامح هذه المرحلة بدأت قبل نحو أسبوعين بعملية اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري.


وقال الحسنات إن القيادة السياسية ترفض الدخول في المرحلة الثالثة، لأن نتنياهو يستفيد من إطالة أمد الحرب لحماية مستقبله السياسي، وبالتالي طالما هناك حرب قائمة فإن القيادة السياسية باقية.


ويضيف: "أما القيادة العسكرية الصهيونية وحتى الأميركيون فيسعون نحو المرحلة الثالثة"، مشيرا إلى أن أميركا تعمل حاليا مع القيادة العسكرية الصهيونية مباشرة، كونها أكثر استجابة من القيادة السياسية للكيان.


وحسب الحسنات فإن المرحلة الثالثة تشترط تسريح قوات الاحتياط، وقد بدأ فعليا ذلك قبل أسبوعين، حيث التركيز على أهداف نوعية وأهمها اغتيالات القادة، والانسحاب التدريجي للقوات البرية إلى أطراف غزة بهدف إنشاء مناطق عازلة في الشمال والشرق.


وأضاف: "ثم يأتي الانسحاب الأكبر بنسبة تتراوح من 80 %- 90 % من شمال ووسط القطاع لكنها، مع بقاء قوات الاحتلال في الجنوب، حيث يسعى للضغط على النازحين في رفح لغايات تحقيق التهجير الطوعي، ناهيك عن إعادة احتلال محور فيلادلفيا لتحقيق عزل غزة بشكل كامل، مع استمرار تنفيذ عمليات ذات أهداف نوعية وباستخدام الذكاء الاصطناعي، والطائرات التجسسية والمسيرة لتحقيق المزيد من عمليات الاغتيال.

 

اقرأ المزيد : 

الاحتلال يوغل بعدوانه بـ14 مجزرة وحشية جديدة في القطاع