تهريب المخدرات والسلاح آخر هموم دمشق.. والأردن يكافح وحيدا

1703523803005191300
أسلحة وقاذفات ومخدرات ضبطت قبل أيام على الحدود الشمالية-(من المصدر)

- على الأردن أخذ زمام المبادرة بمواجهة أوكار المخدرات

- دور أردني مزدوج بحماية المصالح الوطنية للمملكة ولدول شقيقة

اضافة اعلان

 

فيما يواجه الأردن تحديا كبيرا جراء تهريب المخدرات من سورية، فهو ما يزال مستمرا في مكافحتها بكل إمكانياته، وسط تأكيدات رسمية بأن المملكة ستقوم بكل ما يلزم لدحر هذا الخطر وحماية المجتمع الأردني منه.


ومع استمرار عمليات التهريب، يرى مراقبون أن هناك اعتقادا سائدا بعدم وجود تحرك يذكر من قبل النظام السوري لمكافحة المخدرات وتهريبها إلى الأردن، وهو التحرك الذي كان أحد شروط الانفتاح العربي على دمشق.


ورجح هولاء، بأن الحكومة السورية لا تفعل الكثير، على المدى القصير، لوقف تدفق المخدرات التي تحقق أرباحا بالمليارات سنويا، لشبكات التهريب.


وكانت تشكلت اللجنة الأردنية السورية المشتركة لمكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن، تنفيذا لما اتفق عليه خلال اجتماع عمان التشاوري الذي استضافه الأردن في الأول من أيار(مايو) الماضي.


وعقدت اللجنة اجتماعها الأول في 23 تموز(يوليو) الماضي، بحضور أمني رفيع المستوى من الجانبين، وبحثت سبل مواجهة خطر المخدرات ومصادر إنتاجها وتهريبها، والجهات التي تدير وتنفذ عمليات التهريب عبر الحدود السورية إلى الأردن، إضافة إلى الإجراءات اللازمة لمكافحة عمليات التهريب.


لكن بعد يوم واحد من الاجتماع، أعلنت القوات المسلحة - الجيش العربي، إسقاط طائرة مسيّرة محملة بمواد مخدرة، آتية من الجانب السوري، داخل الأراضي الأردنية، في حين ذكر الجيش أن الطائرة كانت تحمل كيلوغرامين اثنين من مادة "الكريستال" المخدرة.


وفي هذا الصدد يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، إنه ينبغي على الأردن أن يأخذ زمام المبادرة في مواجهة أوكار المخدرات، وبضربات استباقية؛ لأن تركها بدون مواجهة، يعني أنها ستشكل خطورة لاحقا على الأمن الوطني، خاصة وأن هذه الميليشيات الإجرامية لديها أهداف وخلفيات سياسية، منها نشر الفوضى، وبالتالي فإن القيام بضربات استباقية يمنع استمرار عمل هذه الميليشيات باتجاه الأردن، ويعني ذلك أيضا تحملها تكلفة كبيرة فيما إذا خاطرت باستمرار نشر المخدرات أو تهريب السلاح للأراضي الأردنية.


وتابع شنيكات: "الحقيقة أن الأضرار السياسية تعتبر الآن طفيفة مقارنة بما ستسببه هذه الميليشيات في المستقبل أو تركها دون مقاومة، ولا بد من القيام بالمطلوب والدفع بقوة باتجاه فرض منطقة عازلة بتنسيق دولي يمنع وصول الميليشيات إلى هذه المنطقة، سواء بالتنسيق مع سورية أو العراق، خاصة لأن العراق أيضا متضرر، بل يلحق الضرر حتى بدول الخليج وكذلك بروسيا والولايات المتحدة.


وأضاف: "إذا حدثت أضرار سلبية بالنسبة للسيناريوهات، فأعتقد أن النظام السوري غير معني بالدخول في مواجهة عسكرية مع الأردن في هذه المرحلة على الأقل، وقد تشكل هذه الميليشيات عبئا عليه، وبالتالي فإن التخلص من الأضرار التي تسببها أولوية، وسيبقى الجهد الدبلوماسي الأردني هو العامل الحاسم في التمهيد لعملية عسكرية محدودة أو فرض منطقة عازلة، وسيحدد إلى أين تتجه الأمور".


بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية، الدكتور بدر الماضي: "عندما نتحدث عن المصالح الوطنية الأردنية العليا المتعلقة بقضية المخدرات التي بدأت قبل سنوات قليلة، لم يتصرف الأردن عسكريا بشكل فوري أخذا بالاعتبار الأخلاقيات المتعارف عليها دوليا، وفضل الحديث مباشرة إلى الحكومة السورية، وفي أكثر من مناسبة، وقال لها إن هناك خطرا على الحدود الأردنية، ويتمنى من الإخوة السوريين محاولة معالجة هذا الأمر".


وتابع الماضي: "لكن بعد ذلك التقييم الأردني، وصل الأردن إلى قناعة بأن شبكات التهريب هي شبكات مرتبطة بشكل أو بآخر مع جهات رسمية داخل أروقة الدولة الرسمية السورية، فباتت هناك حالة من عدم اليقين بأن الحكومة السورية قادرة على ضبط هذا السلوك الإجرامي الذي يهدد الأمن الاجتماعي الأردني، ولذا تم التصريح رسميا من قبل الدبلوماسية الأردنية في أكثر من مرة، بأن الأردن قادر على الوصول إلى هؤلاء الناس الذين يحاولون تهديد الأمن الوطني الأردني، بأي وقت، وهذه كانت إحدى الرسائل السياسية الأردنية أيضا للحكومة السورية". 


وأضاف: "بعد ذلك أصبح الأردن في حل من أي حرج مع الحكومة السورية، ولذلك قام، وبما توجبه مصالحه الوطنية، بمهاجمة هذه الأوكار داخل الأراضي السورية، لأن الحكومة السورية ترى على ما يبدو أن قضية تهريب المخدرات من حدودها ليست من أولوياتها، فهناك مشاكل داخلية كثيرة لديها تحتاج إلى معالجتها أولا، بمعنى أن ما يهمها الآن، وبشكل كبير جدا، تركيزها على محاولة البقاء الوجودي، وإبقاء فاعليتها داخل حدود العاصمة دمشق، وليس لديها قدرة على السيطرة على باقي الأراضي السورية". 


وبحسب الماضي، "يتناقض ذلك مع ما وعدت به الحكومة السورية الدولة الأردنية في أكثر من مناسبة، وأنا لا أعتقد أن المواجهات ستتطور بين الأردن وسورية، فالأردن مدعوم وطنيا، ولديه جبهة داخلية متماسكة وكبيرة، والأغلبية تعتقد أن الأردن يقوم بواجبه تجاه مواطنيه، وهو يعمل في إطار ما تمليه عليه واجباته تجاه مواطنيه، وتجاه حماية أمنه الوطني".


وتابع: "الأردن لم يدخر جهدا في محاولة معالجة هذا الأمر من خلال العلاقة الثنائية بينه وبين الحكومة السورية، لكن كما ذكرت عندما توصل الأردن إلى مرحلة أنه لا يمكن أن يتسامح، أو ينتظر ما ستفعله الحكومة السورية لمعالجة هذا الأمر، عندئذ أخذ على عاتقه معالجة هذا الأمر بنفسه من خلال قواته المسلحة". 


وقال: "مرة أخرى، لا أعتقد أن الحكومة السورية ستطور من المواجهة السياسية مع الأردن، للأسباب التي ذكرتها، ولأسباب منطقية أيضا، لأن ما يقوم به الأردن مشروع في مواجهة هذه العصابات والشبكات التي أصبحت لا تهدد الأمن الأردني فقط، بل الأمن العربي أيضا، وخاصة الخليجي، بسبب كثرة التهريب ولكبر كميات المخدرات التي يتم ضبطها، فهي ليست معده فقط للسوق الأردني، بل أيضا لأسواق دول الخليج العربي الشقيقة".


وأضاف: "ذلك يعني أن الأردن يقوم بدور مزدوج، الأول المحافظة على مصالحه الوطنية، وكذلك المحافظة على المصالح الوطنية للدول العربية الأخرى، من خلال ما يقوم به في مواجهة مثل هذه العصابات والشبكات الإجرامية".


من جهته، يرى المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، أن "تزايد عمليات التهريب وما رافقها من تصعيد عسكري للمجموعات المسلحة المرافقة لتلك العمليات، يرتبط بشكل مباشر مع حالة الغموض على الحدود السورية الأردنية، حيث تتقاطع جبهة إسرائيل الشمالية مع الجماعات المسلحة المدعومة إيرانياً. ونظراً لانشغال روسيا بالأزمة الأوكرانية، وتراجع التنافس الروسي – الإيراني في سورية؛ فمن المرجح أن التواجد الإيراني في سورية سيتسع".


وبحسب الحجاحجة، فإن الحدود السورية الجنوبية في أغلبها خارج سيطرة الدولة السورية، وهناك نشاط متزايد جدا في الاتجار بالمخدرات، وبكمية باتت تغطي كل المجتمعات العربية بما في ذلك الأردن، فيما ابتكرت هذه المجموعات طرقا جديدة للتهريب، عبر الطائرات المسيرة وغيرها من الوسائل.


وأوضح أن "هذه الكميات التي تهرب من الحدود السورية، يعاني منها الأردن، وتمثل تهديدا حقيقيا للمملكة وللعديد من البلدان الأخرى، ما دفع الأردن في أكثر من مناسبة إلى مطالبة الدولة السورية عبر مباحثات سياسية جادة بضبط الحدود، لكن دمشق، وفي ظل الوضع الحالي، تبدو غير قادرة على استعادة الأمن هناك، خاصة في ظل التدخلات الخارجية بالجنوب السوري".


وأكد أن هذا الوضع "تتحمل تكاليفه الدولة الأردنية التي استنفدت كل طاقتها في حماية الحدود مع سورية من جانب واحد، منذ اليوم الأول للأحداث السورية عام 2011، إذ دائما ما طالب الأردن بإيجاد حل سياسي يجعل هناك دولة سورية قوية تحمي حدودها بالشكل المثالي المطلوب".


وتابع: "لا يمكن تحديد التكلفة السياسية لتهريب المخدرات بين الأردن وسورية بدقة، حيث إن هذا النوع من الأنشطة غير قانوني، ويمكن أن يتسبب بتداعيات سلبية على العلاقات بين البلدين، ويمكن أن تشمل التداعيات السياسية اتخاذ إجراءات أمنية أشد، وتأثيرات على العلاقات الدبلوماسية، وزيادة التوتر بين الدولتين".


وأضاف: "من الضروري فهم أن التهريب يثير قضايا أمنية وقانونية خطيرة، ويؤثر على الثقة بين البلدان المعنية، إذ تتفاوت العواقب السياسية لتلك الأنشطة اعتماداً على عدة عوامل، مثل كيفية التعامل مع المشكلة من قبل السلطات السورية، والتزام كل بلد بمكافحة الجريمة المنظمة، والتعاون بين الدولتين لمواجهة هذه التحديات، خاصة وأن محاربة تهريب المخدرات تتطلب تعاونا دوليا فعّالا وتبادلا للمعلومات، وجهودا مشتركة للقضاء على هذه الظاهرة الضارة".


وقال إن "العلاقة بين عمان ودمشق مضطربة منذ عقود طويلة، وما يحدث حاليا على الحدود الأردنية-السورية هو عمليا بمثابة حرب حقيقية تقوم على تهريب الأسلحة والمخدرات والإرهابيين عبر الحدود مع سورية، وليس أمام عمان سوى الدفاع عن النفس، بالإضافة إلى أن الحراك الدبلوماسي الذي انتهجه الأردن لم يحدث ذلك الاختراق المطلوب، اذ استخدم الأردن الرسمي سياسة العمل المتدرج في العلاقة مع النظام السوري، لكنها لم تأت بحل لتلك المشكلة، لاسيما وأن الأردن بحاجة للحصول على موافقة دولية كبيرة لإقامة منطقة عازلة في الجنوب السوري".

 

اقرأ المزيد : 

80 يوما مع غزة.. فلسطين بوصلة الأردن