رفض الأردن تهجير الفلسطينيين.. موقف صلب لا يقبل المساومة

مواطنون من شمال غزة يتجهون إلى جنوبها -(وكالات)
مواطنون من شمال غزة يتجهون إلى جنوبها -(وكالات)

أحبط الرفض العربي الخطة الإسرائيلية الأميركية لتهجير أكثر من مليون إنسان من أهالي قطاع غزة، باعتبارها غير مقبولة إطلاقا، وغير إنسانية، وتنتهك القانون الدولي، في حين دانت الأمم المتحدة الخطة ووصفتها بـ"الأمر المروع".

اضافة اعلان


وشكل رفض الأردن لهذه الدعوات، الى جانب دول عربية أخرى، لحظة حاسمة، أسهمت بتوجيه الأنظار الى موقفه الصلب، وتجلى ذلك في خطابه الرسمي الذي رفض بحزم أي حديث عن تهجير الفلسطينيين في الضفة والقطاع، وحتى في الأراضي المحتلة عام 1948، جملة وتفصيلا.


وكان جلالة الملك، قد أكد رفض أي شكل من أشكال التهجير للفلسطينيين خلال جولة وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن في المنطقة العربية، وزار خلالها الأردن.


ولم يقتصر الأمر على ذلك، ففي جولة جلالة الملك إلى عدد من الدول الغربية، التي بدأها أول من أمس، والتقى خلالها أمس، رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، حذر من أي محاولة للتهجير القسري للفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية، أو التسبب بنزوحهم، معتبرا جلالته هذه المحاولات، خرقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتنذر بآثار كارثية على دول المنطقة.


وخلال اتصالات جلالة الملك بزعماء دول وشخصيات سياسية من العالم، منذ بدء الحرب على غزة قبل عشرة أيام، شدد جلالته رفضه لأي محاولة للتفكير بتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وتحت أي ظرف، ورفضه للحرب التي أعلنها الاحتلال على قطاع غزة.


ويرى مراقبون، أنه من الواضح بأن الرئيس الأميركي جوزيف بايدن خطط لتوظيف نجاحه بتمرير فكرة الممر الإنساني في حملته الانتخابية، بوصفها مؤشرا على مدى التزامه بخدمة مصالح الاحتلال الصهيوني، في إيماءة منه إلى تهجير أهالي القطاع، لكن ولسوء حظ المحتلين والأميركيين وكل من يقف خلف خديعة الممر الإنساني، فإن فرص تطبيقه أساسا منعدمة تماما، أمام رفض الأردن ودول عربية لأي محاولات قد تلتف على الجانب الإنساني، وتذهب به الى تحقيق حلم المحتل بتهجير الفلسطينيين من أرضهم التي ما تزال تحت الاحتلال.


الوزير الأسبق مجحم الخريشا، قال إن "هذه الخطة الفاشلة، ليست الأولى التي يتبناها كيان الاحتلال، وحليفته الولايات المتحدة، اذ سبق وروج المحتل في العام 2008، بزعامة رئيس وزرائه آنذاك إيهود أولمرت، لمشروع صهيوني قائم على تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء لتغيير طابعه الديموغرافي".


وأضاف الخريشا "كان الموقف العربي آنذاك من القضية الفلسطينية متمسكا بضرورة الحفاظ على الحقوق الفلسطينية المشروعة، واستمرار جهود تحقيق السلام على أساس حل الدولتين على خطوط الرابع من حزيران (يونيو)، وعاصمتها القدس الشرقية".


وأضاف، لقد حذر جلالة الملك في لقائه بلينكن الجمعة الماضية، من أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية، أو التسبب بنزوحهم، مشددا على عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار، ومفاقمة قضية اللاجئين، وهو موقف أردني ينم عن وعي شديد، لما يحاك من مخططات لتفريغ القطاع من الفلسطينيين.


وقال الخريشا، إنه لمن الواضح بأن بايدن، يخطط لتوظيف تمرير فكرة الممر الإنساني في حملته الانتخابية، بوصفها مؤشرا على التزامه بخدمة مصالح الاحتلال، الهادفة الى تهجير أهالي القطاع، لكن ولسوء حظ الاحتلال والأميركيين ومن يقفون خلف خديعة هذا الممر، أن فرص تطبيقه منعدمة تماما، بسبب الرفض العربي له.


وقال المحلل السياسي د.  صدام الحجاحجة، إن الرفض العربي أفشل خطة تهجير الغزيين من أراضيهم، باعتبارها جريمة جديدة، تجاوزت كل حد معقول، وأنها ستؤدي إلى معاناة لا حدود لها للفلسطينيين من أهالي القطاع، فضلا عما تمثله من انتهاك صارخ للمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على القوة القائمة بالاحتلال، من مباشرة أي نقل قسري (ترانسفير) للسكان، أو ترحيل لأي من الأشخاص المشمولين بالحماية في الإقليم الذي يقع تحت الاحتلال.


واضاف الحجاحجة إن "الادانة العربية التي اصطدم بها بلينكن في جولته بالمنطقة، أفشلت مسعاه الجنوني بتهجري أهالي القطاع، بل وأدين مشروع التهجير بحزم ووضوح، فضلا عن الأداء الدبلوماس للأردن ودول عربية ذات التأثير، في وضع حد لهذا المشروع المدمر، ووقف تنفيذه، مشددا على أن أي محاولة لتنفيذ هذه السياسة الجنونية، ستلطخ وجه المجتمع الدولي بالعار للأبد، فالظرف الراهن، يقتضي الالتزام بالبوصلة الأخلاقية الصحيحة تجاه سكان غزة".


وأكد أن المواقف العربية خلال جولة بلينكن في المنطقة، أجمعت وتوحدت على رفض التهجير جملة وتفصيلا، وشددت على وقف إطلاق نار فوري، وفتح ممرات لتزويد الشعب الفلسطيني في القطاع بالماء والغذاء والطاقة والمستلزمات الطبية وإعادة الكهرباء، وتجنيب الفلسطينيين كوارث هذه الحرب المدمرة، وحماية المدنيين والحفاظ على وجودهم في القطاع.


وبين أستاذ العلوم السياسية د. هاني السرحان، أن دعوة قوات الاحتلال لترحيل أهالي غزة الى جنوب القطاع، لم تلق أذنا صاغية عربية لها، ورفضت عربيا ودوليا على نطاق واسع، بينما صرح الجمعة الماضية المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي في مقابلة صحفية، بان مهمة إجلاء أكثر من مليون شخص في غزة إلى جنوب القطاع، ستكون صعبة، نظراً للكثافة السكانية فيها، ونظراً لأنها مسرح للقتال، دون أن يدين أو يستنكر تلك الخطوة.


واضاف السرحان، إنه أثناء جولة بلينكن في المنطقة، جوبه بلاءات عربية لمخطط التهجير، من الأردن ومصر وقطر والكويت والسعودية، معبرين عن رفضهم القاطع لهذه المحاولات، مطالبين برفع الحصار عن القطاع، وإدخال المساعدت والاحتياجات الإغاثية والدوائية اللازمة له، ووقف الحرب.


وأشار إلى أن قدرة الولايات المتحدة وأوروبا على مواصلة الدعم للاحتلال الصهيوني والانحياز الأعمى له في هذه الحرب المستعرة على القطاع، سيتراجع، أمام وتيرة الاحتجاجات المتصاعدة عليها في العالم أجمع.

 

اقرأ المزيد : 

غزة: التطهير العرقي يتواصل.. وعجز دولي عن لجم العدوان