هل يهاجم الاحتلال رفح ويضرب بعرض الحائط كل "الضغوط" لوقف العدوان؟

مخيمات النزوح على الحدود المصرية مع قطاع غزة في رفح-(وكالات)
مخيمات النزوح على الحدود المصرية مع قطاع غزة في رفح-(وكالات)
عمان - برغم إعلان رئيس وزراء الاحتلال المتطرف بنيامين نتنياهو، تأجيل موعد العملية البرية في رفح جنوبي قطاع غزة، إلا أن المؤشرات والمعطيات على الأرض، تدل على أن جيش الاحتلال ماض بعمليته العسكرية صوب رفح.اضافة اعلان
ويرى مراقبون أن قرار تأجيل العملية، مناورة سياسية من قبل نتنياهو، إذ إن جميع المعطيات تشير حتى هذه اللحظة، إلى أنه لم يتنازل عن هدفه في سيطرة جيش الاحتلال على مناطق القطاع وإدارتها كافة، مع العلم بأنه قد يأخذ بعين الاعتبار، الانتقادات الدولية وخصوصا من الولايات المتحدة الأميركية بضرورة إخلاء المدنيين في رفح.
وأعلن جيش الاحتلال الصهيوني أمس، استدعاء لواءين من قوات الاحتياط، لتنفيذ مزيد من العمليات في قطاع غزة، تحت ذريعة "مواصلة الاستعداد للدفاع والحفاظ على أمن السكان"، وفق وسائل إعلام عبرية.
النائب السابق د. هايل الودعان الدعجة، قال "قد يشي توقيت قرار نتنياهو بتأجيل اجتياح رفح إلى أجل غير مسمّى، بعلاقة هذا القرار بالهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني، الذي رافقه مشاركة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في التصدي للمسيرات والصواريخ الإيرانية، وإدانة الهجوم دوليا، بما يمكن تفسيره لدى الكيان، استعادة الدعم والتعاطف الأميركي والغربي تحديدا، الذي افتقده بخاصة مع وجود تحذيرات دولية من تداعيات إنسانية كارثية سيوقعها هذا الاجتياح في ظل وجود نحو 1.4 مليون نازح فلسطيني في رفح.
وأشار إلى أن التهديدات السابقة بالاجتياح، اتبعت طريقة، قادت لحدوث خلافات وتوترات غير مسبوقة في علاقة الكيان مع أميركا ومعظم دول أوروبا، بلغت حد التهديد بتغيير سياساتها ومواقفها تجاهه، بالاضافة الى التعاطي مع هذا الهجوم، كفرصة امام نتنياهو لاعادة توحيد داخل الاحتلال، وربما الخروج من مستنقع 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ما سينعكس على الأحداث التي تشهدها غزة على شكل استجابة إسرائيلية للضغوط الأميركية والأوروبية والدولية، وبالتالي حدوث انفراجة في الجانب الإنساني، المتعلق بزيادة إدخال المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطيني المحاصر، وتعزيز فرص عقد صفقات تبادل أسرى وهدن مؤقتة بين الكيان والمقاومة الفلسطينية، إيذانا بوقف إطلاق النار ربما.
ووفقا لتصريحات من الاحتلال، صدرت قبل الهجوم الإيراني عليه، كانت حكومة الاحتلال عازمة على اجتياح رفح، بحيث توجد مخيمات للنازحين الفلسطينيين من غزة وأجزاء عديدة من مناطق القطاع، بينما أكد نتنياهو في وقت سابق، أن الضغوط الدولية التي تمارس على الكيان، لن تثنيه عن تنفيذ عملية عسكرية في رفح.
من جهته، لا يعتقد رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د. خالد شنيكات، أن الاحتلال حتى هذه اللحظة، عزف عن دخول رفح، وبالنسبة لما يبث في الإعلام العبري كهيئة البث الصهيونية أو غيرها من الوسائل الإعلامية، فإننا نلاحظ أن هناك تناقضا وتضاربا في هذه البيانات، لأن جيش الاحتلال مستمر في عمليته العسكرية في القطاع، في الوسط كمخيم نصيرات أو غيره من المناطق الأخرى وبدون توقف، ويستهدف كذلك رفح بقرارات الطيران، وكثير من المجمعات السكنية التي يجري نسفها كليا.
وأضاف، عليه فإن هذا يعطي مؤشرا إلى أن جيش الاحتلال ماض في عمليته العسكرية حتى الآن، مع ملاحظة أن هناك إنهاكا أصاب جيشه بسبب طول العملية، وهذا أيضا ينشره الإعلام العبري، إلى جانب تعرضه لإصابات وخسائر كبيرة، لذلك هو يتريث في الهجوم لحين استكمال سيطرته على مناطق القطاع كافة.
وأتم: حتى هذه اللحظة، يبدو أن الاحتلال لم يتنازل عن هدفه، بسيطرة جيشه على مناطق القطاع وإدارتها كافة، وربما إذا استمرت العملية بالوتيرة الحالية، قد تأخذ وقتا حتى الوصول الى رفح، مع العلم بانه قد يأخذ بعين الاعتبار الانتقادات الدولية، وخصوصا من الولايات المتحدة، بضرورة إخلاء المدنيين من رفح.
وأضاف أن "ما يؤجل أو يسرع في دخول رفح، هو حجم الخسائر التي قد يتعرض لها جيشهم، والذي قد يعيد على إثره حساباته بشأن دخول رفح، ومناطق القطاع كافة، لأنه يتعرض لمقاومة شديدة تؤخر كثيرا من خططه العملياتية".
وكانت هيئة بث الكيان قالت أول من أمس، إن "نتنياهو قرر تأجيل العملية العسكرية في رفح"، مشيرة إلى أن "القرار اتخذ من كبار المسؤولين على المستوى السياسي خلال الأيام الأخيرة في تل أبيب"، موضحة أن العملية أجلت مراراً وتكراراً بسبب المخاوف التي عبر عنها الأميركيون بشأن عدد النازحين الكبير في جنوب القطاع، لكنها أشارت إلى أنه من المتوقع استمرار المناقشات بشأن عملية رفح بين الإدارة الأميركية ومسؤولي الكيان.
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة اليرموك د. محمد خير الجروان، أنه يمكن النظر لأسباب تأجيل الاحتلال عمليته العسكرية في رفح وتحليلها في عدة سياقات داخلية وإقليمية ودولية، ويمكن إيجازها بما يلي: حاجة الاحتلال لمزيد من الاستعدادات العسكرية اللازمة لتحقيق أهدافه في المدينة، وأبرزها إطلاق الرهائن والقضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس، بخاصة مع استدعاء الكيان أول من أمس لواءي احتياط للمشاركة في العمليات العسكرية الجارية في القطاع.
وأضاف: في هذا الإطار يسعى الاحتلال من قرار التأجيل إلى إجراء مزيد من المفاوضات والتفاهمات وحل الخلافات مع الجانب المصري بشأن سعيه للسيطرة على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) على طول حدود غزة مع مصر.
ولفت الى أن "الكيان يسعى بقرار التأجيل إلى مناقشة رد حماس على مقترح الهدنة الذي شمل ثلاث مراحل، تبدأ بانسحاب قوات الاحتلال إلى الحد الفاصل في المرحلة الأولى، وتبادل الأسرى وعودة النازحين إلى الشمال، مع إعلانه لوقف إطلاق النار في المرحلة الثانية، بينما تتضمن المرحلة الثالثة إنهاء الحصار والبدء بعملية إعادة الإعمار".
وأتم: أيضا، من الأسباب المهمة لقرار التأجيل، التعامل مع الضغوط الداخلية والخارجية بشأن الرد على الهجوم الإيراني وحجم هذا الرد، إذ يناقش مجلس حرب الكيان الهجوم الإيراني وكيفية التعامل معه بشكل يخفف من الضغوط الداخلية لمختلف التيارات في شارعه، بخاصة اليمين المتطرف الذي طالب برد قوي وحاسم، يردع إيران من تكرار مثل هذا الهجوم، وفي الوقت نفسه يأخذ بعين الاعتبار، التحذيرات الأميركية والأوروبية من رده ودعواتهم له لضبط النفس، وعدم توسيع قاعدة الصراع في المنطقة، وقد دفع موقف الولايات المتحدة ومساعدتها له بصد المسيرات والصواريخ الإيرانية، قيادات الاحتلال الى مراعاة الضغوط الدولية بشكل كبير.
وقال: لا شك بأن قرار التأجيل يأتي في سياق المناورة وسعي الاحتلال لخلق ظروف أفضل، تتزامن مع عمليتها العسكرية في رفح، في ضوء رفض دولي واقليمي كبيرين لمثل هذا الخطوة، فقرار إلغاء العملية أمر مستبعد، لأن حكومة الحرب ترى نصرها الكامل على حماس بدخول رفح والسيطرة عليها، إذ يعني ذلك من وجهة نظر الاحتلال، القضاء على حماس في معقلها الرئيس، واستعادة الأسرى وتحقيق أهدافها العسكرية كافة في غزة بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وشنّ الكيان عشرات الغارات الجوية على قطاع غزة ليلة الأحد- الإثنين الماضية، بينما أكدت تل ابيب أن الهجوم الإيراني الذي تعرضت له، وأثار مخاوف من تصعيد إقليمي، لن يصرف اهتمامها عن الحرب التي تخوضها في القطاع المحاصر، في وقت تحاول الدول الوسيطة التوصل إلى هدنة في غزة، بحيث تتزايد المخاوف من مخطط صهيوني لشن عملية برية في رفح.