هل يزور اوباما إيران؟

 

في خطوة بدت "مستحيلة" في عالم الصراعات توجه الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في شباط 1972 بزيارة إلى بيجين وقابل الزعيم الصيني ماوتسي تونغ.

اضافة اعلان

تلك الزيارة التي كان مهندسها وزير الخارجية الأميركية آنذاك هنري كيسنجر، والذي عاد في صيف 1971 من زيارة إلى بيجين ليعلن الرئيس الأميركي انه قبل دعوة الرئيس الصيني لزيارة بيجين.

خطوة كيسنجر جاءت في إطار اشمل وهو إعداد الرأي العام الأميركي لتلك الزيارة، فقد أعلن الرئيس نيكسون في خطاب حالة الاتحاد في شباط (فبراير)1971 بأن هناك حاجة للحوار مع جمهورية الصين الشعبية.

الدلالة المقصودة هنا أنّ زيارة الرئيس نيكسون وضعت حدا للقطيعة السياسية بين البلدين، لكنها لم تنه قائمة الخلافات بين البلدين حتى يومنا هذا. فالصين حتى لحظة كتابة هذه المقالة تبدو أهم التحديات الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة، ولعله لا يخفى الحراك الذي تقوم به إدارة الرئيس باراك اوباما في اتجاه الصين وشرق آسيا بشكل عام.

الرئيس باراك اوباما، بدوره، أعلن في حملته الانتخابية الحاجة إلى الحوار مع إيران، كما تجاوز مسألة الشروط المسبقة للحوار، وأرسل بعض الرسائل التي هي اقل حدة إن لم تكن ايجابية، ما يؤكد وجود مقاربة أميركية جديدة ومختلفة تجاه إيران.

مقارنة الصين بإيران ربما يثار حولها كثير من التحفظ بالنظر إلى "الجغرافيا السياسية" والحضور الاقتصادي والسياسي لكلا البلدين، وهو في نظري تحفظ مشروع إلى حد ما، لكن ذلك لا ينفي أن احتمالية المقارنة تبقى قائمة.

الجغرافيا السياسية في ملف إيران تبدو ضاغطة على الولايات المتحدة في اتجاه الحوار، أحيانا، حتى بالرغم من الضغوط الإقليمية، من قبل إسرائيل تحديدا، وربما بعض الدول العربية. تركيا في المقابل لا ترى في الحوار تهديدا لها بل على العكس تدفع باتجاهه. 

الأهم ربما هو الأولوية الأميركية التي تقدم أمن إسرائيل، والتي تقع كنقطة تعارض، نظريا مع إيران، لكن أيضا ذاتها الجغرافيا السياسية تبدو ضاغطة لواشنطن لاتخاذ مواقف حادة مع إيران. الفارق المهم هو أن واشنطن وحلفاءها مارسوا خيار المقاطعة والقطيعة مع إيران ثلاثة عقود، لكنهم لم يجربوا خيار "الدبلوماسية الشاقة".

خيار العزلة والمقاطعة له تأثيراته السلبية على الدولة المستهدفة، لكنه لا ينهي دولا، بل يدفع الدول لسياسيات يراها الآخر متطرفة.

في موجز قدمه وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، الذي يزور المنطقة لطمأنتها بشأن الحوار مع إيران، أمام الكونغرس اعترف بأنّ الاختراقات الإيرانية في أميركا اللاتينية تبدو بالنسبة للولايات المتحدة اخطر مما تفعله روسيا.

ذلك يعني، بالضرورة، أن مراجعة واشنطن لسياساتها تجاه إيران تبدو ضرورة أميركية قبل أن تكون لها علاقة بالأمن والسلام في العالم.

 إن أي حوار مع إيران لن ينهي تركة ثقيلة من القطيعة استمرت ثلاثة عقود، ولنا عبرة في العلاقات بين إيران وبريطانيا، والتي استمرت رغم مواطن الخلاف والمطبات المتعددة، فتلك العلاقات لم تنه حالة الشك والريبة المتبادلة، ولم تنزع من ثقافة الإيرانيين بأن كل الأعمال السيئة والأزمات التي تواجهها إيران إنما هي من فعل الانجليز.

نيكسون تجاوز عبارة رددها رؤساء وسياسيون أميركيون تتمثل بأنّ "الصين هي الخطر الاصفر" وزار بيجين، فهل يتجاوز اوباما مقولة رددها رؤساء وسياسيون قبله بأن إيران هي "التهديد الأكبر للمصالح الأميركية" ويزور طهران؟

[email protected]