التشاركية بين أولياء الأمور والمدرسة.. هل تكفل حماية الطفل؟

التشاركية بين الآباء والإدارات المدرسية تصب بمصلحة الطفل - (ارشيفية)
التشاركية بين الآباء والإدارات المدرسية تصب بمصلحة الطفل - (ارشيفية)

منى أبوحمور

عمان- ألقت فاجعة البحر الميت التي أدمت قلوب الأردنيين وشغلت بالهم طوال الأيام الماضية، الضوء على الكثير من القضايا التي كانت مغيبة وكشفت عنها "الرحلة" التي خلفت ألما ووجعا على نطاق واسع.اضافة اعلان
وتعيد رحلة البحر الميت، التي أطلق عليها الشارع الأردني عبر مواقع التواصل "رحلة الموت"، أهمية الحديث عن العلاقة بين أولياء الأمور والمدرسة فيما يتعلق بحماية الطفل داخل المدرسة والتشاركية في اتخاذ القرارات المتعلقة بهم، الأمر الذي أكدت أهميته الرئيسة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية وأخصائية حقوق الإنسان سمر محارب.
وأشارت محارب إلى أن قانون المجالس التعليمية يفرض وجود اجتماع دوري بين المدرسة والأهالي، الأمر الذي لا يتم تطبيقه في جميع المدارس الحكومية وتحديدا بالمناطق النائية تماما مثل جانب الإرشاد والدعم النفسي، حيث لا يوجد لديها أقسام للمتابعة.
وتشدد محارب على ضرورة تشاركية الأهل مع المدرسة في اتخاذ القرارات التي تتعلق بأبنائهم مثل الرحلات المدرسية والوجهة المقررة والنشاطات اللامنهجية والفعاليات التي تقام داخل المدرسة حتى لا يتفاجأ ذوو الطلبة من أي نشاط يقام.
وتلفت محارب إلى جود خلل من ناحية تطبيق القوانين وعدم التفات الأهالي؛ حيث يتخلى البعض عن أعباء أبنائهم المدرسية ولا يسعون لإقامة شراكة حقيقية مع المدارس، مبينة أن مشاركة الأهل في تصميم الفعاليات والأنشطة التي تقيمها المدرسة للطلاب تجعلها أكثر انسجاما.
"التشاركية بين أولياء الأمور والمدرسة تعزز المساءلة والمسؤولية"، تقول محارب؛ إذ تمنح الأطفال حقهم في الترفيه وتسمح لتبادل وجهات النظر بين الأهالي والمدرسة.
وأشارت محارب إلى أن الورقة البحثية التي قدمتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية، تمحورت حول تعزيز ثقافة المسؤولية والمساءلة من أجل تحسين البيئة التعلمية في الأردن، وبينت أن هنالك ضعفا بالتواصل والمساءلة بما يتعلق  بالأهداف التعليمية. كما أشارت إلى أن غياب المشاركة والثقة بين أولياء الأمور والمدارس ووزارة التربية والتعليم أمر معيق لتوفير بيئة تعلم إيجابية؛ إذ إن التواصل ومشاركة المجتمع والعائلة أمر مهم في جوانب سياسات المدرسة وإدارة ودعم الأطفال كافة.
وأكدت الورقة البحثية أهمية التواصل في دعم الأداء الأكاديمي للطلاب ومتابعة أحوالهم الصحية والنفسية ودعم العلاقات الطبيعية ما بين الطلاب والمعلمين من خلال المشاركة في أنشطة لا منهجية مثل تنظيم الألعاب الرياضية والمباريات والاحتفالات بمختلف المناسبات والمشاركة في رحلات تثقيفية وترويحية.
كما تساعد أولياء الأمور على فهم أوضاع أبنائهم ونقاط القوة والضعف لديهم وأيضا التحديات التي قد يعانون منها، وبالتالي تحقيق أقصى منفعة للطلاب.
وبدورها، تؤكد التربوية سيرسا قورشا أهمية المشاركة الحقيقية والفعالة بين البيت والمدرسة، مشيرة إلى أن حضور أولياء الأمور للاجتماعات وحده لا يكفي وإنما لابد من وجود رقابة حقيقية سواء كان في القرارات المتعلقة بتعديل المناهج أو الأنشطة المدرسية.
وتلفت إلى ضرورة معرفة مدى تجاوب وتعاون المدرسة مع مشاركة أولياء الأمور ودمجهم بالسياسات المدرسية، وتكثيف وتنوع مشاركتهم في الأنشطة، وقياس مدى تقبلهم ورصدهم للاقتراحات التي يقدمها الآباء لاتخاذ قرارات معينة تتعلق بمصلحة الطالب.
وتسلط قورشا الضوء على مشاركة الأهل الفعلية والواضحة، متسائلة إن كانت هناك إجراءات داخلية للمدرسة أو أنها ضمن سياساتها تأخذ بعين الاعتبار مشاركة أولياء الأمور في اتخاذ القرار وهل تكون فعالة ومستمرة أم شكلية أو لمرة واحدة.
وتشدد قورشا، بدورها، على ضرورة أن تكون مشاركة أولياء الأمور جادة وحقيقية ومستدامة حتى يتمكن الأهل من معرفة إن كانوا مقتنعين بالسياسات والأسلوب والتوجه التي تتخذه مدارس أبنائهم في العمليتين التعليمية والتربوية.
ويتفق مستشار الطب الشرعي وخبير حقوق الإنسان الدكتور هاني جهشان، مع ما سبق، حول أهمية العلاقة ما بين أولياء أمور الطلاب والمدرسة بهدف حمايتهم وتوفير بيئة آمنة لهم والتفاعل مع المجتمع المحلي.
ويؤكد أن مشاركة أولياء الأمور بالمساهمة في وضع وتطبيق السياسات والتعليمات في المدرسة، تساعد على تفهمها وتطبيقها من قبل الطلاب وانضباطهم في الأنشطة الأكاديمية واللامنهجية.
كما تسهم التشاركية بين المدرسة وأولياء الأمور، بحسب جهشان، في الاكتشاف المبكر للعنف والإهمال الواقع على الأطفال في المنزل ومن قبل المعلمين وإدارة المدرسة، متوقعا من تلك المشاركة أن تدعم خطط وآليات اكتشاف حالات العنف والإهمال هذه بوقت مبكر.
وتعود التشاركية، وفق جهشان، بمخرجات إيجابية على الطرفين من خلال المساعدة على مواجهة شيوع التنمر في المدرسة وعنف الطلاب ما بين بعضهم بعضا والوقاية من تعرض الأطفال للعنف خلال الذهاب والإياب من وإلى المدرسة من قبل غرباء، أو في واسطة النقل المدرسية.
ويلفت جهشان إلى إمكانية تحقيق ذلك من خلال لجان رسمية تسجل في وزارة التربية والتعليم، يتم انتخابها من هيئة عامة من المعلمين وأولياء الأمور، وفي الأردن توجد لجان في أغلب المدارس الخاصة، ويتوقع من وزارة التربية والتعليم أن تنشئ هذه الروابط أو اللجان في جميع المدارس الحكومية مهما كانت صغيرة.