خبراء يؤكدون خلال ندوة عقدتها "الغد" أن تقلب السياسات في القطاع أدى لتراجع الاستثمار

سوء الإدارة والتخطيط كابوس يطارد قطاع الطاقة

قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة
الطاقة المتجددة

غياب اعتماد إستراتيجية تواكب تغيرات قطاع الطاقة

"سوء الإدارة والتخطيط" هذا الكابوس المزعج قاد قطاع الطاقة في الأردن إلى مرحلة يصفها فريق من الخبراء بـ"السيئة" بعد أن أدى هذا النهج إلى تراكم جملة من الأخطاء بعضها فوق بعض حتى أصبح حمل القطاع ثقيلا لدرجة يصعب التخلص منه بسهولة.

اضافة اعلان


وبات قطاع الطاقة اليوم يعاني بعد أن تكالبت عليه التحديات عبر سنوات طويلة فيما كانت الحكومات تتعامل مع الأزمات دون إدارة أو تخطيط ما أدى، بحسب خبراء، إلى غياب اعتماد إستراتيجية تقف أمام التغيرات الهائلة التي مرت على القطاع خلال أكثر من عقدين. 


وفي ندوة حوارية ضمن "مجالس الغد" حول إنجازات قطاع الطاقة وتحدياته فإن "رأس نتائج الأزمة" يتمثل اليوم بخسائر شركة الكهرباء الوطنية التي تجاوزت 5 مليارات دينار وهو الأمر الذي يحمله خبراء للسياسات الحكومية التي تركت هذه الشركة وحيدة في تحمل مسؤولية تأمين موارد الطاقة في الأوقات الأكثر حساسية سواء سياسيا أو اقتصاديا لا سيما في أوقات ارتفاع أسعار الطاقة إذ كانت تتحمل الشركة تأمين فروقات الدعم لتطبيق السياسات الحمائية.


ويشير الخبراء إلى أن نموذج عمل الشركة بكونها المشتري والبائع والناقل الوحيد للطاقة الكهربائية هو الخطأ الأساس وأن الحل يبدأ من "فكفكة" هذا النموذج، وتخليص الشركة من ديونها لتتمكن من العمل بأسس جديدة تجنبها خسائر أخرى.


وهنا يؤكد الخبراء أن مشكلات قطاع الطاقة في الأردن تبدأ عند ملف الكهرباء لكنها لا تنتهي عنده فاحتياجات القطاعات المختلفة من موارد الطاقة مثل الغاز الطبيعي وضرورة تأمينه بكلف معقولة للقطاعات الإنتاجية يمثل هاجسا آخر بالإضافة إلى دعم برامج كفاءة الطاقة التي يمكن أن تحقق خفضا في الاستهلاك بنسب تتجاوز 25 %.


الخبراء اتفقوا أيضا على أن تقلب السياسات في القطاع أدى لتراجع الاستثمار في السنوات الأخيرة، وأن العودة إلى مراجعة اتفاقيات مبرمة سابقا سواء في قطاع الصخر الزيتي أو الطاقة المتجددة هو خطأ إستراتيجي، فمن غير المعقول إعادة التفاوض وفقا للظروف الحالية حول اتفاقيات وقعت سابقا بظروف مختلفة كان المستثمرون قد بنوا دراسات جدوى مشاريعهم بناء عليها.


وتوصل الخبراء إلى مجموعة من التوصيات لمواجهة تحديات القطاع من بينها إنشاء مجلس أعلى للطاقة والمياه والغذاء برئاسة رئيس الوزراء والمضي في الإصلاحات التي كانت مطروحة منذ عام 2007 والتي لم تطبق بالكامل بما فيها "فكفكة" شركة الكهرباء الوطنية وإيصال الغاز الطبيعي لكل المدن الصناعية.


يقول المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية د.أحمد حياصات إنه "منذ بداية السبعينيات باشرت سلطة الكهرباء عملها بشكل رسمي، إذ حققت إنجازا عظيما في ذلك الوقت وكانت حكومية تعمل بنظام القطاع الخاص وكانت بالفعل بمستوى "أوروبي" ولغاية بداية التسعينيات إلى حين بدء مسلسل تغيير الوزراء بشكل مستمر بدأت من هنا الأخطاء وفقا لحياصات.


ويضيف حياصات "في التسعينيات بدأت سياسة خصخصة القطاع وما حمله ذلك من سلبيات على القطاع والعاملين فيه وإرباك شديد في العمل بالقطاع بدأ معه الانحدار لغاية بداية عقد الـ 2000  وقد كانت الأمور مقبولة لكن دون مستوى سلطة الكهرباء وأصبحت في ذلك الوقت وزارة الطاقة تسيطر على القطاع وتقوده بخبرات أقل من تلك الموجودة في سلطة الكهرباء".


يقول حياصات إنه كان هناك خطأ حكومي في التعامل مع ملف أسعار الغاز المصري عام 2010 إذ كان هناك طلب مصري برفع السعر بمقدار طفيف في ذلك الوقت قابله الرفض من قبل وزارة الطاقة في ذلك الوقت في التفاوض ما أدى إلى مشكلة في الإمدادات قبل أزمة الربيع العربي وما نتج عنها من انقطاع كلي في الإمدادات نتيجة للتفجيرات على الخط في ذلك الوقت.


وأدى ذلك وفقا لحياصات إلى خسائر في ذلك العام تقدر بنحو 260 مليون دينار مقارنة بربح 40 مليون دينار في العام الذي سبقه.


ومع بدء الربيع العربي وأزمة انقطاع الغاز كان هناك مطالبات عاجلة باللجوء إلى استيراد الغاز المسال غير أن العمل في هذا الصدد كان بطيئا جدا بعد تعيين مستشارين ووضع شروط مرجعية وغيرها من الإجراءات التي استغرقت 3 سنوات، لتعمل ناقلة الغاز منتصف عام 2015.


الخسائر راوحت، بحسب حياصات، خلال الفترة 2011 -2015  نحو  1.2 مليار دينار 1.4 مليار دينار 1.2 مليار 1.1 مليار دينار ثم  أقل من مليار دينار على التوالي، وعندما دخل الغاز المسال تحسنت الأمور أما الخسائر قد تجاوزت 5 مليار دينار.


ولذلك، لجأت شركة الكهرباء الوطنية إلى الاقتراض وتحمل أعباء الفوائد بقيمة تقارب 200 مليون دينار سنويا، مرجعا حياصات السبب الرئيسي في تراكم هذه الديون وفوائدها إلى أداء الحكومة وتعاملها مع هذا الملف.


وقال "الخلل موجود في قطاع الطاقة بشكل واضح ويجب توضيح ما هو دور وزارة الطاقة ودور شركة الكهرباء الوطنية وما هو المدى الذي يجب أن تتدخل فيه وزارة الطاقة لأنها تتدخل حاليا في كل شيء يتعلق بشركة الكهرباء الوطنية وفي القطاع".


إلى ذلك، بين حياصات أنه تمت ممارسة كل أنواع الضغوط على مشروع الصخر الزيتي دون وضوح أسباب ذلك يرجعها البعض إلى أسباب سياسية كما بين أن الاتفاقيات الدولية في مجال الغاز جنبت الأردن في فترة من الفترات أزمة كبيرة في ما يتعلق بتزويد الغاز، مؤكدا أيضا أن استغلال الصخر الزيتي والمضي فيه لن يؤثر على سير اتفاقيات الغاز وأن أي مصدر للطاقة لا يزاحم الآخر.


يقول عضو مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والبيئة والمياه ومقرر لجنة الطاقة في رؤية التحديث الاقتصادي د.ماهر مطالقة  "في العام 2007 عند تأسيس اللجنة الملكية للطاقة تم التشديد في ذلك الوقت على أن المصدر الوحيد للطاقة هو من مصر، فيما كان الهدف في ذلك الوقت هو تنويع مصادر الأردن من الطاقة حيث تضمن إستراتيجية 2007 أن تكون نسبة خليط الطاقة من المصادر المحلية 53 % وهي مصادر معروفة من الصخر الزيتي المثبت احتياطاته بكميات ضخمة، والطاقة المتجددة، غاز الريشة ومصادر النفط".


وأكد مطالقة غياب التخطيط والإدارة الحصيفة وخطة واضحة، حيث أن مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي التي شارك فيها اقتصاديون وأكاديميون ونواب وأعيان كانت تتضمن الوصول إلى هدف واضح بمواعيد زمنية محددة .


المشكلة وفقا لمطالقة في التنفيذ إذ أن وتيرة التنفيذ والإجراءات متواضعة جدا، وخصوصا فيما يتعلق بتحديث الإستراتيجية التي لم تتم حتى الآن، وكذلك موضوع طاقة الهيدروجين الذي ماتزال الحكومة في طور إعداد إستراتيجية ولجنة وطنية له رغم إعطاء امتياز لشركة أسترالية ومنع أي شركة أخرى من التصدير إلا بعد 3 سنوات على أول شحنة تجارية لهذه الشركة، ما يعني وضع قيود وعراقيل ليس لها أي معنى.


وفيما يخص ملف "العدادات الذكية" رغم الحاجة لمليوني عداد فقط إلا أنه لم يتم تركيب 20 % منها فقط رغم أن الإستراتيجية السابقة كانت تتضمن الانتهاء من تركيب العدد الإجمالي في نهاية العام 2024 رغم أن تركيب هذه العدادات أو استبدال القديمة غير مكلف في ظل قدرة شركات من القطاع الخاص والاتحاد الأوروبي على تمويلها.


وقال "النقل أيضا الذي يستحوذ على 40 % إلى 45 % من الوقود الأولي وهنا تأتي ضرورة كهربة الاقتصاد وهو ما أكدت عليه رؤية التحديث".


كما قال "الوزارات المعنية لم تحدد ضابط ارتباط قوي للمتابعة مع رؤساء اللجان ومتابعة المسار ومواعيد التنفيذ، مبينا أن الوزارة تعمل بمعزل عن من وضع رؤية التحديث.


وقال مطالقة "علاقة القطاع الخاص مع الحكومة ليست بهذه السهولة بسبب عراقيل وضعت في حكومة سابقة أمام الاستثمار والتوسع في الطاقة المتجددة".


وزاد "مع وجود احتياطيات الصخر الزيتي وفرص الطاقة المتجددة والهيدروجين ومع حسم إنتاج آبار حمزة والسرحان، فإنه يفترض رصد مخصصات كافية لذلك في الموازنة للتحقق منها وهذا لم يتم اعتماده في برنامج الرؤية لأنه ما يزال غير مثبت على خلاف الصخر الزيتي المثبتة احتياطياته.


وبين أن ما تم تحقيقه حتى الآن وتم تضمينه في الرؤية هو الوصول إلى نسبة 29 % من خليط الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، والصخر الزيتي يفترض أن تبلغ نسبته 15 %.


كما بين أن إجراءات مراجعة الاتفاقيات وصورة الأردن الاستثمارية في مجال الطاقة وأمثلة العطارات والطاقة المتجددة عليها ضد المناخ الاستثماري على الساحة العالمية إذا أصبح الأمر هو إعادة فتح كل اتفاقية وقعت سابقا بظروف وشروط ذلك الوقت، والنتيجة هي إعراض المستثمرين العالميين عن العطاءات التي تطرحها الحكومة في مجال الطاقة .


واشار إلى أن 16 شركة قدمت طعنا لدى المحكمة الإدارية بقرار هيئة الطاقة والمعادن فرض رسوم بمقدار دينارين شهريا على استخدام الطاقة المتجددة مؤكدا أنه يجب مناقشة المستخدمين وأن يكون ذلك تدريجيا وعدم مفاجأتهم بالقرار الذي يؤثر على نموذجهم المالي.


في هذا الشأن، قال عميد الكلية الوطنية للتكنولوجيا د.أحمد السلايمة "وضع الأردن فيما يتعلق بمجال الطاقة جيد خصوصا على المستوى العربي مقارنة بدول المنطقة فيما يخص الطاقة والكهرباء، إلا أنه يجب دائما التطلع إلى الأفضل ومقارنة نفسنا بالدول المتقدمة".


وعند الحديث عن الطاقة فإن ذلك لايقتصر على الكهرباء التي تشكل نسبتها 40 % إلى 42 % من مجمل استهلاك الطاقة في المملكة والباقية للقطاعات الأخرى.


وقال السلايمة "الأمر الذي نفتقده هو التخطيط الشامل لقطاع الطاقة وغياب خطة شمولية ترتبط بأخرى تنفيذية لها مع سرعة تغير الوزراء والسياسات مع أن الأصل هو أن يكون هناك سياسة ثابتة لاتتغير بتغير الوزراء".


فعلى سبيل المثال أن التوجه في الفترة الحالية هو نحو السيارات الكهربائية التي ارتفع التخليص عليها العام الماضي إلى جانب السيارات الهجينة مقارنة بسيارات الوقود لأول مرة إذ اتجه المواطن إليها بسبب ارتفاع أسعار البنزين، وهنا يستدعي الأمر إجراءات تتعلق بخفض كلفة الكهرباء من خلال توسعة استخدام العدادت الذكية التي تساعد على التحكم بالأحمال.


وقال السلايمة "في كل مؤتمرات الطاقة كنا نتحدث عن ضرورة وجود مجلس أعلى للطاقة برئاسة رئيس الوزراء وعضوية الوزراء المعنيين للعمل والتنسيق في المشاريع التي تحتاج إلى تكامل مع قطاعات مختلفة، مشروع الناقل الوطني على سبيل المثال حيث تعمل وزارة المياه منفردة مع أنه يحتاج المشروع إلى استهلاك طاقة بكميات كبيرة بما يتطلب وجود معنيين من قطاع الطاقة لاعتماد حلول تخفف من هذا الاستهلاك، في وقت أكد فيه ممثلو المشروع الدوليين ضرورة أن تكون 50 % على الأقل من الطاقة المستخدمة في المشروع من مصادر نظيفة".


في هذا الخصوص، قال السلايمة "كان من المتوقع  أن يكون الفرق بين الأسعار التقليدية والأسعار وفقا لآلية التعرفة المرتبطة بالزمن  أكثر مما اعتمدته الحكومة وأن إعلانها بهذه الصيغة جاء وكأنه على استحياء".


وفيما يتعلق بالعدادات الذكية تضمنت الإستراتيجية السابقة للقطاع 2007 أن تكون نسبة العدادات الذكية في 2022 نسبتها 100 % إلا أن ما تحققق فعلا حتى ذلك التاريخ نحو 14 % فقط ورؤية التحديث الاقتصادي أعطتهم حتى 2024 إلا أن النسبة وبالرغم من ذلك حتى الآن ما تزال ضئلية.


وبينأان تغيير هذه العدادات ليس أمرا صعبا وغير مكلف إذا رغب المواطن تحمل هذه التكلفة في حال كانت هناك تعرفة مرتبطة بالزمن مجدية.


فرض رسم بمقدار دينارين على كل كيلو واط بدأته لحكومة بالقطاع المنزلي ليشمل قطاعات عدة فيه مثل الصناعة الفنادق والمستشفيات التي أدت إلى ردة فعل على المستخدمين القدامى.


وقال مدير برامج الطاقة والمناخ في بعثة الاتحاد الأوروبي عمر أبو عيد إن "الاتحاد مر بمراحل مختلفة فيما يتعلق بالطاقة في الأردن بدأ من إستراتيجية 2007".


وزاد "الأردن حقق إنجازات ممتازة في هذا الخصوص" مؤكدا أن الاتحاد يرى نفسه شريكا لهذا الإنجاز وليس مجرد جهة مانحة وأن هذا الأمر يطرح دائما إلا أنه في كثير مع الأحيان كان يساء الفهم خصوصا مع القيود داخل القطاع وبالذات على شركة الكهرباء الوطنية


وحول إستراتيجية 2007 قال أبو عيد: "رائعة.. إلا أنه عندما تم البدء بتنفيذ محور الطاقة الخضراء فيها نتيجة انقطاع الغاز المصري كان ذلك فرض تحقيقه، أي الطاقة الخضراء، فالفكرة ليست وضع خطط وإستراتيجيات وعدم تنفيذها" مؤكدا أن رؤية الاتحاد  كانت التشاركية والتوافقية والتكامل بين القطاعات وهذا يعني التكامل في التخطيط بحيث يتم التخطيط لقطاع الطاقة مع القطاعات الحيوية الأخرى مثل قطاع المياه وغيرها.


وقال أبو عيد "رؤية التحديث الاقتصادي كانت فرصة مهمة لطرح ذلك حيث بدأنا قبل ذلك بعدة أشهر في هذا الأمر".


وحول معضلة شركة الكهرباء الوطنية قال "تبدأ من نموذج عملها كونها المشتري الوحيد للطاقة مقابل توصيات متعددة من قبل الجهات المانحة ومنذ العام 2007 بضرورة إصلاحات هذا النموذج إلا أنه لم يتحقق حتى الآن".


هذا النموذج هو السبب في أعباء الديون على الشركة، بحسب أبو عيد، فهو لايسمح لهم بالتفكير في هذا الإطار، وفي لجان رؤية التحديث الاقتصادي طرح هذا الأمر غير أنه لم يمكن عكسه بشكل كبير على أرض الواقع.


وقال إن " الاتحاد الأوروبي يؤمن بإمكانيات الأردن وعلى ميزة موقعه السياسي والجغرافي لربط المنطقة اليورومتوسطية ككل وأن لديه الإمكانيات الفنية لذلك مع وجود الشبكات في هذه الدول وهي رؤية ما تزال موجودة".


في هذا الصدد قال أبو عيد إن "الاتحاد مر في عدد من التجارب منها مشاريع ثنائية وأخرى متعددة الأطراف إقليميا أحدها الربط بين عدد من الأسواق في عدد من المجالات مثل الغاز ،مشروع الغاز العربي المشرقي الأوروبي وفكرته التكامل في قطاع الغاز بين المنطقة العربية وأوروبا، ثم فكرنا بالتكامل في قطاع الكهرباء من خطة يورومتوسطية من  خلال فرص الطاقة النظيفة وخصوصا الشمس ثم فكر الاتحاد بمفاهيم أخرى منها التكامل بين قطاعات الطاقة والمياه والزراعة على وجه الخصوص".


كما مر الاتحاد في علاقته مع الأردن بمراحل مختلفة منها التوأمة بين شركة الكهرباء الوطنية والمركز الوطني لبحوث الطاقة  في الجمعية العلمية الملكية  والقطاع الخاص من خلال جمعية إدامة كما تم التوجه إلى القطاع الصناعي من خلال بعض المشاريع الإقليمية لتغيير مفهوم الصناعة إلى الإنتاج والاستخدام المستدام من خلال كفاءة المواردة وهذا كله أصبح ضمن مظلة العمل المناخي الذي تصب فيه أيضا سياسة الاتحاد الأوروبي


ومن أهم عوامل سياسته الجديدة بين أبو عيد أنها تتركز على دعم الطاقة النظيفة لأنها محفز لكل قطاعات الأردن حيث عمل الاتحاد الأوروبي في هذا الخصوص عددا من المشاريع الوطنية الإقليمية والدولية.


وبالأرقام بين أبو عيد أن الاتحاد الأوروبي قدم مايزيد على 160 مليون يورو دعما مباشرا لقطاع الطاقة الأخضر في الأردن خلال 15 سنة وتخلل ذلك برنامجان لدعم الطاقة المتجددة تم من خلالها وتقديم دعم فني .


كما اجتهد الاتحاد بحسب أبو عيد ليكون هناك تكامل بين القطاعات خصوصا مع مشاريع المياه والزراعة لا سيما مع صدور إستراتيجيات الأمن الغذائي والمائي ، كما كان جزء من إعداد إستراتيجية الطاقة الأخيرة حتى العام 2030 والتي تتم مراجعتها حاليا في الوزارة ليتم الإعلان عن النسخة المحدثة بعد انتهاء بعض الدراسات، كما عمل أيضا على تحسين الخطط الوطنية لكفاءة الطاقة وايضا التكامل مع القطاعات الأخرى في هذا الخصوص، بما في ذلك تحفيز الدور الأكاديمي والجمعيات والمجتمع المدني.


وكانت أهم الدروس التي تمت الاستفادة منها قبل الدخول في مرحلة جديدة من العمل معا للأردن عام 2021، هو عدم التكامل بين القطاعات وغياب رؤية على المدى القريب والبعيد والمتوسط، ومثال على ذلك موضوع التخزين على السدود والذي قام الاتحاد الأوروبي بإعداد أول دراسة جدوى له ليتممها بعد ذلك خبراء من ألمانيا إذ أعدت الدراسات على مواقع سد الملك طلال ووادي الموجب ووادي العرب ليتم التوصل إلى أن موقع وادي الموجب هو الأفضل ليس فقط لأنه فرصة للتكامل بين قطاعي المياه والطاقة إنما لأنه أيضا بداية لمشروع حقيقي للتخرين تم العمل مع عدد من الأطراف في هذا الخصوص في ذلك الوقت على أمل أن تتضمن سابقا المرحلة الثالثة مشاريع العروض المباشرة للطاقة (التي ألغيت) إلا أن ذلك لم يتم .


في المرحلة الحالية  قال أبو عيد " بدأنا مرحلة دعم الاقتصاد الأخضر في الأردن ما جعل البعض يعتقد أن الاتحاد الأوروبي  انسحب من قطاع الطاقة في الأردن إلا أنه لم ينسحب لكن الرؤية تركزت على التكاملية بين القطاعات".


ومع كل ذلك، كجهة شريكة وليست فقط مانحة بين أبو عيد أنه لن يكون هنالك توقف عن دعم القطاع لكن نترقب الفرص ونتفهم المشاكل التي تحصل في القطاع، ونحن لسنا مع إيقاف أي اتفاقيات لشراء الطاقة وإنما بالمنطق الدخول بعنصر جديد والاستفادة منه في كل مرحلة بما يمكن استيعابه على الشبكة .


ولفت إلى أنه لايجب الاستمرار بالتفكير بمعزل عن القطاعات الأخرى كذلك النظر إلى الحاجة الوطنية بعيدا عن الاستجابة لحاجة اللاجئين، كذلك توفير فرص التمويل للمستهليكن الكبار والمنتجين من القطاع الخاص ، خصوصا وأن القطاع الخاص ومنه الصناعي أصبح لديه القناعة بأن أي استثمار في مفاهيم الاقتصاد الأخضر بما فيه الطاقة والمياه والموارد سيساعد على تخفيض الكلف وفي الوقت نفسه تعزيز العمل المناخي والبيئي وزيادة فرص المنافسة في الأسواق الخارجية .


ونوه إلى أن نظرة الاتحاد الأوروبي للقطاع هي الاستمرار بشكل مدروس بزيادة الاستثمار في الطاقة الخضراء للوصول إلى نسبة 45 % إلى 50 % من إنتاج الكهرباء وهي نسبة تتوافق مع رؤية التحديث الاقتصادي، مع التركيز على العمل في مجال كفاءة الطاقة هو أمر ما يزال الأردن مقصرا فيه وأن نسبة 9 % التي تضمنتها الإستراتيجية حتى العام 2030 هو رقم خجول جدا يجب رفعه لأكثر من 17 %، مع زيادة الاستثمار في قطاع النقل الأخضر والأخذ بعين الاعتبار أوقات شحن سيارات الكهرباء بما يتوافق مع التعرفة المرتبطة بالزمن، والتركيز أيضا على المفاهيم الجديدة بما في ذلك مشاريع التخزين بكل أنماطه ومفاهيم الهيدروجين الأخضر بكل أنواعه.


وأكد أهمية الترابط بين المنطقة ودول أوروبا وهو موضوع يجب التأكيد عليه والعمل عليه باستمرار لدور الأردن السياسي في حل المشاكل التي تعيق هذا الموضوع.


وفيما يتعلق بالصخر الزيتي ، قال " بالرغم من أن الاتحاد الأوروبي مهتم جدا بالنواحي البيئية ، إلا أنه كان متأكدا أن هذا العنصر هو جزء لا يتجزأ من خليط الطاقة".


يقول رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية د.إياد أبو حلتم إن " الطاقة بالنسبة للقطاع الصناعي لاتقتصر على الكهرباء وهي تبدأ من كلف النقل لمدخلات الإنتاج وأثر ذلك على العملية الإنتاجية عموما".


ويلفت أبو حلتم إلى أسعار المشتقات البترولية وأسعار الوقود الثقيل للصناعة والغاز مع إعلان الحكومة مشاريع إيصال الغاز لبعض الصناعات والمدن الصناعية ، بالإضافة إلى الكهرباء المولدة من المصادر التقليدية ومصادر الطاقة المتجددة، وأن القطاع الصناعي هو ثالث أكبر مستهلك للطاقة بعد قطاعي النقل والقطاع المنزلي.


وأوضح ابو حلتم أن اللاعبين الرئيسيين في القطاع هم بداية وزارة الطاقة والثروة المعدنية وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن وشركة الكهرباء الوطنية وشركات توليد الكهرباء سواء التقليدية أو المتجددة، وشركات توزيع الكهرباء وهيئة الطاقة النووية والعطارات، وشركة اليورانيوم وشركة البترول الوطنية وأن التكامل بين كل هؤلاء يجب عكسه في الإستراتيجية الوطنية.


في هذا الخصوص، يقول أبو حلتم إن " لم تتم استشارة القطاع الصناعي أو القطاع الخاص في وضع الإسراتيجية الأخيرة لقطاع الطاقة" واصفا إياها بأنها "نزلت بالباراشوت" ولم تتضمن أي أفكار أو معطيات جديدة، داعيا إلى تخفيض كلف تعرفة الكهرباء على القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة والموظفة للأيدي العاملة .


وقال "الحكومة الحالية أصدرت ما أدعت أنه إصلاح هيكلي للتعرفة الكهربائية، مبينا أن القطاع الصناعي يتضمن عددا من الشرائح منها القطاع الصناعي الصغير والمتوسط والصناعي الكبير الذي يضم عددا محدودا من الصناعات الاستخراجية".


وبين أن التعرفة الأخيرة للكهرباء والتي طبقت منذ العام الماضي كان أثرها محدودا، وفي هذا الشأن خفضت تعرفة الصناعي المتوسط من78 فلسا لكل كيلو واط إلى 68 فلسا للتعرفة النهارية بنسبة 11 %.


وفي القطاع الصناعي الصغير أن هناك شريحتين بالتعرفة الجديدة من 1 إلى 10 ألاف كيلو واط بسعر كان حوالي 71 فلسا لكل كيلو واط وفوق 10 آلاف 68 فلسا تم تخفيضها لـ 65 فلسا للشريحة فوق 10 آلاف كيلو واط والأخرى بنسبة أقل رغم أن المنطق يتطلب العكس بحسب أبو حلتم.


أما بالنسبة للتعرفة الليلية  وهي خارج أوقات الذروة، يفترض تشجيع الإنتاج في القطاع الصناعي الأكثر استهلاكا للطاقة للعمل في هذه الفترة بعد 11 ليلا على سبيل المثال كما يرى أبو حلتم ، وتقديم المحفزات بمنح سعر مناسب للتعرفة في هذه الفترة بينما كان الخفض لهذه الفترة في التعرفة الجديدة التي طبقتها الحكومة اعتبارا من العام الماضي يكاد لايذكر، بما يحفز كثيرا من الصناعات على نقل إنتاجها لهذه الفترة.


وقال "هناك فجوة بين إدارة العرض والطلب في مجال الكهرباء للقطاع الصناعي وسط عدم إدراك حقيقي من الأطراف المعنية في الطاقة لهذه الفجوة، كما بين أن وجود تعرفة مناسبة خارج أوقات الذروة ساعد على نقل العملية الإنتاجية إلى هذه الأوقات كما يسهم أيضا في توظيف عدد من الأيدي العاملة للعمل في هذه الفترة خصوصا من المناطق الأقل حظا في التوظيف".


أما التعرفة المرتبطة بالزمن التي أعلنتها الهيئة أخيرا تضمنت عددا من القطاعات، والتي أعيدت بعد أن جمدت في حكومة د.عمر الرزاز وقسمت الفترات إلى ثلاث أولها فترة جزئية وخارج الذروة وفترة الذروة التي تم فيها رفع تعرفة الكيلو واط ساعة إلى 85 فلسا.


هذا أدى في النهاية إلى رفع قيمة إجمالي الفواتير على القطاع وليس خفضها، مايدل على أن القرارات تؤخذ دون استشارة أو التنسيق مع المعنيين بالقطاع، وأن هذه الفترة ولدت ميتة منذ البداية .


وفيما يخص الغاز، بين أبو حلتم أن دعم توصيل الغاز للصناعات من أهم المواضيع التي يطالب بها القطاع الصناعي ، كلفة الربط من الخط الرئيسي وحتى موقع المنشأة الصناعية مرتفعة جدا حيث وصلت لأحد الصناعات التي تقدمت للحصول على هذا الغاز إلى مليون دينار لكل كيلو متر مقابل غياب جهة حكومية تدعم توصيل هذا الغاز.


التعرفة المعمول بها حاليا والمطبقة منذ نيسان (ابريل) 2022 فيما يخص الاشتراك للصناعي المتوسط، ألغت تعرفة الحمل الأقصى عليه، كما ستنخفض التعرفة النهارية من 79 فلسا إلى 68 فلسا، في حين بقيت التعرفة الليلة كما هي 65 فلسا.


وبالنسبة للقطاع الصناعي الصغير، فإن الاستهلاك من 1 إلى 10 آلاف كيلو واط ساعة خفضت تعرفته من 61 فلسا لتصبح 60 فلسا، كما خفضت للاستهلاك أكثر من 10 آلاف كيلو واط ساعة شهريا من 71 فلسا لتصبح 68 فلسا.


وفيما يتعلق بتعرفة القطاع الصناعي الكبير والصناعات الاستخراجية، فقد تم إلغاء تعرفة الحمل الأقصى، فيما تبقى التعرفة النهارية والليلية كما هي.


إلى ذلك، اعتمدت هيئة الطاقة اعتبارا من 28 أيار (مايو)  الماضي (اختياريا) 3 فترات؛ الأولى فترة الذروة تحددت بين الساعة الخامسة مساء ولغاية الساعة الحادية عشرة قبل منتصف الليل، والفترة الثانية خارج أوقات الذروة بين الساعة السادسة صباحا والثانية بعد الظهر، واعتبار بقية اليوم على أنه الفترة الثالثة وهي الذروة الجزئية. 


وتم تحديد أسعار الكهرباء وقت الذروة من الساعة 17:00 إلى 23:00 هي: الصناعي المتوسط 88 فلسا لكل كيلو واط ساعة، وضخ المياه 120، وشحن المركبات/المنزلي 150، وشحن المركبات/المحطات العامة 15 بدون عمولة.


وخارج وقت الذروة من الساعة 06:00 إلى الساعة 14:00 هي: الصناعي المتوسط 60 لكل كيلو واط ساعة، وضخ المياه 80، وشحن المركبات/المنزلي 90، وشحن المركبات/المحطات العامة 90 بدون عمولة.


وذروة جزئية من الساعة 14:00 إلى 17:00 ومن الساعة 23:00 إلى 06:00 هي: الصناعي المتوسط 68 لكل كيلو واط ساعة، وضخ المياه 95، وشحن المركبات/المنزلي 117، وشحن المركبات/المحطات العامة 112 بدون عمولة.


وقال أبو حلتم "يجب أن تكون هناك نظرة شمولية تضم جميع الأطراف  ذات العلاقة في قطاع الطاقة، وتوجد العديد من الحلول يجب أن تكون هناك أولويات لدعم القطاعات الإنتاجية ومنها القطاع الصناعي القادر على توفير فرص عمل لعكسها في قطاع الطاقة لدعم القطاع أيضا دعما تقنيا وهنا يأتي الحديث عن كفاءة الطاقة وهو موضوع مهم جدا وبعض المصانع تمكنت من خفض فاتورتها بنسبة 25 %- 30 % بعد إعادة ترتيب كفاءة الطاقة"مبينا أن هذا الأمر بحاجة لتمويل.


أما فيما يخص الطاقة المتجددة للقطاع الصناعي، يأتي الحديث عن شركات التوزيع الثلاث التي تعد جزءا من هيكل قطاع الطاقة في الأردن وتحوز كل منها على امتياز في مناطق من المملكة .


وبين أن الحكومة أعطت هنا من خلال هذه الشركات سعات على شبكات التوزيع في مناطق محددة، بينما تم الاضرار بالقطاع الصناعي الذي هو قطاع انتاجي بحرمانه كمنتج من الاستفادة من الحصول على سعات على هذه الشبكات.


ولفت إلى أن شركة الكهرباء الوطنية هي المشتري الوحيد من شركات التوليد وتزويد شركات التوليد بالوقود بغض النظر عن مصدره وسعره ما يعني تحمل الخسارة في حال ارتفاع أسعار الوقود، والبائع الوحيد لشركات التوزيع .


كما قال أبو حلتم يجب "فكفكة" عمل شركة الكهرباء الوطنية للتخلص من خسائرها وكذلك إعادة النظر في عمل شركات التوزيع لأنها بطيئة جدا في إجراءاتها لتشغيل نظام طاقة متجددة في العديد من القطاعات عدا عن كثرة وتعقيد متطلبات تشغيل هذه الأنظمة مايستدعي إعادة النظر في سياساتها من أجل إيجاد مسارات أسرع للقطاعات الإنتاجية.

 

اقرأ المزيد : 

قطاع الطاقة مهيأ لاستثمارات جديدة برهن تقديم حوافز