مشكلة الترجمة وتسريبات الإعلام عن اجتماع بايدن وأردوغان

تقرير خاص - (أحوال تركية) 21/6/2021
لم يفكر السيد أردوغان قط في إبلاغ البرلمان عما جرى في الاجتماع مع بايدن، ولا عن نتائج ذلك الاجتماع، وقد سمعنا كل شيء من وسائل الإعلام. أليس من مسؤولية رئيس الدولة أن يبلغ البرلمان بالنتائج أم أن يبقي ذلك طي الكتمان في دائرته الضيقة؟ هذه الأسئلة أثارتها ميرال أكشنير، زعيمة الحزب الصالح والمنافسة اللدودة لأردوغان في تيار المعارضة التركية.اضافة اعلان
وعلى الرغم من أن الجانب الأميركي لم يبد تفاؤلاً يذكر بنتائج تلك القمة ومخرجاتها، إلا أن وسائل إعلام حكومة العدالة والتنمية ظلت تتحدث عن تحقيق أهداف عظيمة.
من وجهة نظر إعلام العدالة والتنمية، كانت قمة الناتو التي عقدت في بروكسل بمثابة إعلان عن عودة الإدارة الأميركية الجديدة إلى العلاقات عبر الأطلسي. ونظرًا لحالة العلاقات الأميركية التركية والبداية الصعبة للعلاقات بين الإدارتين، كانت هناك الكثير من الأسئلة والتكهنات التي طرحت قبل الاجتماع.
من وجهة نظر صحيفة "ديلي صباح"، ينطبق الموقف نفسه على تغيير بايدن موقفه الذي صرح به في وقت سابق بأن بلاده سوف تدعم المعارضة، وهو ما فسرته أنقرة بأن الأميركيين يريدون أن يتدخلوا في الشؤون الداخلية لتركيا خلال فترة الانتخابات.
هذه الصورة المتفائلة التي رسمها الإعلام التركي والتعليقات التي نشرت بعد لقاء بايدن-أردوغان يناقضها وجود العديد من الملفات العالقة والمعقدة والتي لا تحلها المجاملات الدبلوماسية ولا التعليقات المتفائلة، ولعل من أبرزها وأكثرها أهمية قضية شراء تركيا منظومة الدفاع الصاروخي الروسية (أس-400)، ثم تأتي مشكلة طائرات (أف-35) التي لم تتسلمها تركيا على الرغم من مشاركتها في الإنتاج ودفع ثمنها، حيث ما يزال النقاش حول هذا الملف مستمراً. وفي المقابل، ومن أجل تعزيز مجده الشخصي ورفع اسمه وأسهم حزبه استعداداً للانتخابات المقبلة، ما يزال أردوغان يطالب بمساندة اميركية لقضية اعتقال فتح الله غولن، وعدم التخلي عن تركيا في صراعها الدامي مع الفصائل الكردية في سورية.
وهناك شيء آخر يبدو جزئية ظاهرية، لكنه بالغ الأهمية، وهو ما أثارته الزعيمة المعارضة ويتعلق بالترجمة. وتقول إن الأمر كان مهينًا عندما اكتشفت وجود مشكلة في الترجمة في لقاء أردوغان وبايدن وأنها اكتشفت ذلك من الصحافة الأميركية، كما قالت.
وانتقدت أكشنر قلة الخبرة مترجمة أردوغان خلال اجتماعه مع الرئيس الأميركي على هامش قمة الناتو في بروكسل يوم الاثنين، حسب ما ذكرت وسائل الإعلام المحلية. وتناولت وسائل الإعلام قضية مفادها بأن فاطمة جولهام أبو شنب، ابنة ميرف كافاكجي، التي أصبحت أول نائبة محجبة في تركيا في الانتخابات العامة للعام 1999، كانت مترجمة لقاء أردوغان مع بايدن على الرغم من قلة خبرتها في الترجمة، فما بالك بالعلاقات الدولية؟
وتقول أكشنير معلقة على هذه القضية إنه نظراً لأنهم (حزب العدالة والتنمية الحاكم) قلبوا تقاليد دولتنا رأسًا على عقب، فإنهم لم يختاروا العمل مع مترجم ذي خبرة من السفارة أو وزارة الخارجية، وإنما اختاروا شخصاً من الدائرة التي يثق بها أردوغان أيضاً.
خلال لقائها مع أعضاء حزبها شارك نائبها، أحمد إيروزان، في النقاش بعرض صورة لأردوغان مع أبو شنب على تويتر، بحجة أنه على الرغم من أنه كان من المشكوك فيه أن لديها مهارات ترجمة كافية ومعرفة كافية بالموضوعات المطروحة على جدول الأعمال العالمي عالي المستوى، فقد جازف الرئيس واختارها مترجمة له لأنه لا يثق بأحد آخر ربما يعرف عن تفاصيل المحادثات بينه وبين بايدن.
في الرد على ذلك، اتهم نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، حمزة داغ، إيروزان بالتمييز ضد أبو شنب لأنها ترتدي الحجاب. وتساءل: "هل لأن امرأة محجبة هي التي كانت المترجمة الفورية للرئيس لم تستطع تقبّل الأمر، أم أنك منزعج من كفاءة المرأة التي ترتدي الحجاب؟".
والد أبو شنب هو علي أحمد أبو شنب، وهو أردني أميركي تزوجته ميرف كافاكجي في العام 1988 وطلقت منه في العام 1993، وهي حصلت على درجة البكالوريوس من قسم العلاقات الدولية في جامعة جورج ميسون في فيرجينيا، ثم حصلت على درجة الماجستير من برنامج الدراسات الليبرالية في جامعة جورج تاون في واشنطن، وهي حاليًا ضمن فريق خبراء العلاقات الدولية في قصر أردوغان.
وكانت ميرف كافاكجي، التي انتخبت لعضوية البرلمان من صفوف حزب الفضيلة الإسلامي المنحل، قد أثارت ضجة عندما ارتدت حجابها في حفل أداء اليمين في البرلمان فيما اعتبره البعض تحديًا للتقاليد العلمانية وما نص عليه الدستور التركي. وفي ذلك الوقت، حظر القانون التركي ارتداء الحجاب في المؤسسات العامة.
وأدى الحادث إلى سحب الجنسية التركية من كافاكجي بعد أن تبين أنها حصلت على الجنسية الأميركية من دون إبلاغ السلطات؛ وبذلك مُنعت من العمل نائبة.
لكن أردوغان أعادها الى وضعها وأمر بتعيينها سفيراً لتركيا في كوالالمبور في العام 2017. وهي استفادت مما تعهدت به حكومة حزب العدالة والتنمية بإلغاء الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في جميع المؤسسات عندما وصلت إلى السلطة في العام 2002، حيث كان ارتداء الحجاب محظوراً على الموظفات والطالبات.
وكانت النتيجة هي بعض الممارسات المتخبطة التي نشهدها في أداء حكومة العدالة والتنمية، عندما يعتبر رئيس الجمهورية لقاءه مع أهم زعماء العالم لا يستوجب ترجمة عالية الاحتراف بحيث يصبح ذلك موضع سخرية في صحافة الآخرين، لا لشيء إلا لعدم ثقة أردوغان بالآخرين وتصور أن مترجمين آخرين قد يفشون أسراره.