لؤلؤتا منى

محمود خطاطبة «وﺍﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ الغمد ﻻ ﺗُﺨشَى مضاربُه .. ﻭﺳﻴﻒ عينيك في ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﻦ ﺑﺘّﺎﺭُ».. بيت شعر قاله الشاعر السوداني، إدريس جماع، مُتغزلًا بعيني مُمرضة في أحد مُستشفيات العاصمة البريطانية لندن، حيث كان يخضع لعلاج هُناك، وذلك بعد أن قامت بارتداء نظارة سوداء، بناء على نصيحة مُدير المُستشفى بذلك، إثر مُبالغة جماع في التغزل في عينيها. ليتني أمتلك موهبة ذلك الشاعر، لعل وعسى أن أكتب شعرًا أو نثرًا، في لؤلؤتين تمتلكهما مُنى، التي في الأصل تمتلك قلبًا صافيًا، لا أُبالغ عندما أقول إنه قلب طفل، لم يصل مرحلة الحُلم بعد، لا يعرف خُبثًا أو سوءًا لأي كان. رأيتها منذ أيام قليلة، بُعيد انقطاع دام لأكثر من ستة أعوام، وإذ بها ما تزال تحتفظ بنفس الروح الطيبة، الصادقة، الصافية، مع تغيرات طفيفة طرأت عليها، بفعل الزمان وتغيراته، زادتها جمالًا وألقًا، مع نظارة، ليست سوداء بالطبع، إلا أنها لم تُخف جمال عينيها. رأيتها واضعة كمامة، مُلتزمة بالبروتوكول الصحي، جراء جائحة فيروس كورونا المُستجد، التي ضربت بقاع الأرض كافة.. «كمامة» أخفت ما تبقى من جمال وجهها، لكنها وفي الوقت نفسه، أبرزت رونق لؤلؤتيها، ذاتي اللون البُني الغامق، بطريقة أفضل، وكأنها تتعمد عمل «زووم» عليهما. عندما أمعنت النظر في وجهها، أو بمعنى أدق عينيها، أيقنت وقتها، بأن الشاعر نزار قباني، لم يكن يكذب، ولا حتى يُبالغ، عندما قال: «لا أطلبُ أبدًا من ربي إلا شيئينْ.. أن يحفظ هاتين العينين، ويزيدَ بأيامي يومين، كي أكتبَ شعرًا في هاتين اللؤلؤتينْ». لكن وللأسف، لستُ بشاعر، أو كاتب موهوب، كي أكتب كلامًا في لؤلؤتي مُنى، ويا ليتني أستطيع البوح بما يجول في أعماق قلبي تجاه إنسانة، أكن لها كل احترام وتقدير وود ومحبة!. قد أكون مُبالغًا، إذا قلت إنه لا يوجد من يُنصف عينيها، لرونقهما وصفائهما، فنظرة منهما تكفي لترك غصة في القلب، فهما عبارة عن سهمين يسكنان القلب.. ويا ليتهما يسكنانه فقط، بل قادران على قتله، أو تركه في أوجاع وآلام، لا يعلم بهما إلا الله جل في عُلاه. ما بين نظرة عينيها وصوتها، يتوه الإنسان، ويحتاج إلى جهود مُضاعفة، قد تفوق طاقته، حتى يستطيع التركيز فيهما.. فعندما يُمعن النظر بلؤلؤتيها، يُصاب بنوع من عدم الاتزان، لبهاء لمعانهما، وحدتهما في الوقت نفسه، وكأنهما يوصلان رسالة من شطرين، فحواها أنهما قادرتان على إضعاف من أمامهما، وفي الوقت نفسه لديهما قدرة لوضع حد، عندما يُفكر أحد، مجرد تفكير فقط، بتجاوز الحدود!. وعندما يستمع لتلك الكلمات التي تخرج من فمها، ممزوجة بضحكة، أكثر من رائعة، فإنه حتمًا لا يكاد يُسيطر على نفسه، وكأنه شارب خمر إلى حد الثمالة.. وهُنا يُصبح بين نارين، فإما أن يُركز على جمال اللؤلؤتين، ويغض الطرف عن صوتها وضحكتها، أو يُركز على جمال حروف الكلمات التي تخرج من بين شفتيها.. فالتركيز في الاثنتين، بالطبع من المُستحيلات.

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا

اضافة اعلان