العائد على الاستثمار في قطاع الاتصالات: فرانس تيلكوم مثالا

جواد جلال عباسي*
عمان - صار لفرانس تيلكوم بالأردن حوالي 13 عاما. كيف كان تقييم استثمارها في الأردن من وجهة نظر ادارتها ومساهميها؟ لم اسألهم مباشرة لكن نستطيع ان ننظر الى الارقام المتوفرة لنكون رأينا الخاص. فرانس تيلكوم هي المشغل الرئيسي في فرنسا ومن أكبر شركات الاتصالات أوروبيا وعالميا.اضافة اعلان
في العام 2000 اشترت فرانس تيلكوم مع البنك العربي 40 % من شركة الاتصالات الأردنية بعد عطاء علني نافسها فيه شركة اتصالات الإماراتية. دفعت فرانس تيلكوم انذاك 317 مليون دينار لقاء حصتها في الشركة (35.2 % من الشركة). في 2000 بلغت حصتها من ارباح شركة الاتصالات الأردنية الموزعة 14.5 مليون دينار و 15.5 مليون دينار في 2001 و 12.3 مليون دينار في 2002 و13 مليون في 2003 و12.3 مليون في 2004 و 15.8 مليون في 2005. كذلك ما بين 2000 و 2005 حصلت فرانس تيلكوم على 34.3 مليون دينار كرسوم ادارة لشركة الاتصالات الأردنية.
في 2006 باعت الحكومة الأردنية باقي اسهمها في الاتصالات الأردنية ودفعت فرانس تيلكوم 129 مليون دينار لترفع حصتها بشركة الاتصالات الأردنية الى 51 %. وكانت حصة فرانس تيلكوم من الارباح الموزعة في 2006 43.3 مليون دينار و43.3 مليون وفي 2007 و48.4 مليون وفي 2008 و51 مليون وفي 2009 و55.5 مليون في 2010 و49.7 مليون وفي 2011 و45.9 مليون في 2012. كذلك ما بين 2006 و2012 حصلت فرانس تيليكوم على 52 مليون دينار كرسوم ادارة لشركة الاتصالات الأردنية. كل الارقام اعلاه من الميزانيات المدققة لشركة الاتصالات الأردنية استخرجتها بمساعدة من زميلي عمر الجعبري.
المجاميع:
دفعت فرانس تيلكوم ما مجموعه 446.4 مليون دينار للحكومة الاردنية لشراء حصتها في شركة الاتصالات الأردنية.
في المقابل وخلال 13 سنة بلغ مجمل تحصيل فرانس تيلكوم من الارباح ورسوم الادارة 505.2 مليون دينار.
حساب العائد على الاستثمار:
لحساب العائد على الاستثمار يجب ان نحسب قيمة حصة فرانس تيلكوم في شركة الاتصالات الأردنية حاليا فهي تملك 51 % من اسهم الشركة. سعر سهم الاتصالات الأردنية بسوق عمان المالي 3.55 دينار في اغلاق ما قبل عطلة عيد الفطر. وعليه تكون قيمة اسهم فرانس تيلكوم في الاتصالات الأردنية 452.6 مليون دينار بحسب سعر السوق الحالي.
اذن خلال 13 سنة استثمرت فرانس تيلكوم 446.4 مليون دينار وحصلت على  505.2 مليون دينار ارباح ورسوم ادارة وحصتها الآن تساوي 452.6 مليون دينار. اي ان الـ 446.4 مليون دينار صارت 957.8 مليون دينار خلال 13 سنة.
بهذه الارقام تكون نسبة العائد الداخلي على الاستثمار (irr) لشركة فرانس تيلكوم بالأردن 9 %. وعند حساب الارقام باليورو (عملة فرانس تيلكوم في مقرها الاساس) تكون نسبة العائد الداخلي على الاستثمار (irr (7.5 %. كون سعر صرف الدينار انخفض امام اليورو بعد 2002.
ماذا لو حسبناها "حسبة بلدية": لو وضعت فرانس تيلكوم نقودها في وديعة بنكية بفائدة متراكمة كم نسبة الفائدة التي تعطي نفس العائد؟ بحسب هذه الطريقة فان النسبة المطلوبة
6.4 %. اي ان فرانس تيلكوم كانت ستحصل على نفس الارباح والعوائد الاجمالية لو وضعت نقودها في وديعة بنكية بفائدة متراكمة بنسبة 6.4 %.
موضوعيا العائد على الاستثمار لفرانس تيلكوم بالأردن ليس ممتازا ولا كارثيا. هو مقبول الى حد ما. لكن يجب ان نتذكر ان التصنيف الاستثماري للأردن ليس درجة استثمارية (investment grade) بل هو تحت الدرجة الاستثمارية اي ان مخاطره أعلى. وبالنسبة للمستثمرين الخارجيين فان هكذا استثمار يجب ان يكون عائده أعلى من العوائد في الدول الصناعية ذات الاقتصادات القوية لتعويض فرق المخاطرة.
بالنسبة لباقي الشركات فان ارقام العائد على الاستثمار لشركة زين الكويتية (مالكة شركة زين بالأردن) والعائد على الاستثمار لشركة بتلكو البحرينية (مالكة شركة أمنية) ليست متوفرة بنفس الدقة لان الشركتين ليستا مدرجتين بالسوق المالي وبالتالي ارقام "القيمة الحالية" للشركة غير متوفرة. لكن تقديرا نسبة العائد الداخلي على الاستثمار (irr) لشركة زين بين 10 الى 13 % ولشركة بتلكو بين 3 الى 5 %. بالطبع هناك تحفظات مشروعة على رخصة امنية وهذا يخص من اعطى الرخصة ومن اخذها ، ولا يخص مالكي أمنية الحاليين (بتلكو) الذين اشتروها كشركة قائمة مرخصة.
يجب ان نذكر ان العائد على الاستثمار في قطاع الاتصالات الأردني كان كارثيا لمساهمي اكسبرس التي دخلت وخرجت من السوق بعد خسارة أكثر من 100 مليون دينار. كذلك شركة واي ترايب بخسارة تجاوزت 50 مليون وباقي شركات الواي ماكس التي لا تربح لغاية الآن.
القيمة الحالية لشركة الاتصالات الأردنية وزين وامنية هي مرتبطة تماما بارباحها ومستقبل ارباحها. فاذا زادت الضرائب او الكلف بشكل كبير ستقل الارباح الصافية وبالتالي تقل القيمة الحالية للشركات وهذا سيقلل نسبة العائد الداخلي على الاستثمار (irr) لمالكي الشركات الثلاث وسيقلل من شهيتهم للاستثمار في الأردن. كذلك فان ارباح القطاع في آخر 3 سنوات في تراجع بسبب المنافسة واستخدام تطبيقات الهواتف الذكية (مثل سكايب وواتس اب) بدلا من خدمات الاتصالات المدفوعة وبسبب زيادة الكلف. فمثلا اسعار الكهرباء على شركات الاتصالات 265 فلسا للكيلو واط (اي 39 % اعلى من كلفة انتاج الكهرباء) وستصبح 278 فلسا هذا الشهر (46 % فوق الكلفة) وكل هذا سيضغط ارباح الشركات وبالتالي يقلل من قيمتها الحالية.
ان تحرير قطاع الاتصالات الاردني قصة نجاح. لاننا استبدلنا فيه كبلد  احتكار المؤسسة الحكومية بسوق تنافسية بالكامل فيها استثمارات خارجية مباشرة ومشغلون من القطاع الخاص (يتحملون كافة مخاطر الاستثمار من دون أي ضمانة حكومية). وبسبب المنافسة استفاد المستخدمون من تخفيض اسعار الخدمات وتعدد الخيارات وانتشار الاستخدام بشكل واسع. واستفادت الخزينة من تحصيلات ضريبية كبيرة (شركات الاتصالات الخلوية وردت للخزينة ضرائب مبيعات ودخل ومشاركة عوائد بقيمة 268 مليون دينار أردني للعام 2011، و 264 مليون دينار أردني للعام 2012). طبعا قد نختلف مع بيع الحكومة باقي حصصها في شركة الاتصالات الأردنية او في اسلوب بيع بعض الرخص لكن النتيجة تبقى ان الخصخصة في قطاع الاتصالات اتت بالتزامن مع ادخال المنافسة وضمان استمرارية المنافسة الفاعلة وبلا أي ضمان لربح أي مساهم.
الخوف ان تصل القرارات الحكومية المتلاحقة بقطاع الاتصالات الى حالة تقل فيه ربحية الشركات بشكل كبير مما يقلل من واردات الحكومة الضريبية ومن استثمارات الشركات المستقبلية. اي نخاف من ان نخرب بايدينا قصة النجاح هذه.
اخيرا في مقابل المنافسة في الاتصالات كانت الخصخصة في قطاعات الطاقة (تكرير وكهرباء) هي عمليا استبدال الاحتكار الحكومي باحتكار قطاع خاص مضمون الارباح! مشكلتنا الاساس الآن في الأردن قطاع الطاقة فيما تبقى الحكومة تبحث عن الحل في قطاع الاتصالات وفي قانون ضريبة الدخل!
*مؤسس ومدير عام مجموعة المرشدين العرب