الغور الشمالي: سكان بلا مياه وكهرباء منذ عشرات السنين

Untitled-1
Untitled-1

علا عبداللطيف

الغور الشمالي - لم تكف البطالة والفقر من خنق نحو 500 أسرة تعيش في 100 مسكن تقريبا، تتوزع على مناطق شرحبيل بن حسنة، وابو سيدو والكريمة والقرن، في لواء الأغوار الشمالية، لتضيق عليهم سبل العيش، بل يضاف الى معاناتهم غياب أي خدمات عن مساكنهم التي بنيت على نحو غير منظم فوق أرض الدولة التابعة لسلطة وادي الأردن.اضافة اعلان
وفي ظل ذلك، تتنصل السلطة وبعض البلديات، وشركتا الكهرباء والمياه، من أي اجراءات لحل مشكلتهم بالحصول على أبسط الخدمات التي يحصل عليها غالبية المواطنين، من المياه والكهرباء. ما يجبرهم بحسب قولهم على اللجوء لطرق غير مشروعة للحصول عليهما، برغم تعرضهم لملاحقات أمنية جراء ذلك.
ولفت قاطنون في هذه المناطق، الى ان الغور بشكل عام، منطقة ذات حرارة مرتفعة، وغياب خدمات المياه والكهرباء عن مناطق سكناهم، خلق معاناة كبيرة لهم ولأطفالهم ولكبار السن منهم.
وأشاروا الى ان الجهات المعنية في اللواء، غير قادرة على حل مشكلتنا، بذريعة أن السلطة تريد تخصيص مناطق سكنانا، وان هذه الامر يكبدنا أكلافا لا نستطيع تغطية أدناها، لكن تلك الذرائع، لا يمكنها أن تحرمنا من حق طبيعي في الحصول على المياه والكهرباء، كبقية المواطنين في المملكة.
ويقولون إنه منذ عقود تقريبا من اقامتهم في هذه المناطق، وهم يطالبون بايصال المياه والكهرباء اليهم، لكنهم لم يتمكنوا من اقناع الجهات المعنية.
المواطن محمد ابداح، بين أن اهالي المنطقة، يعيشون وضعا قاسيا جدا، فهم ينتظرون وصول المياه والكهرباء لمساكنهم منذ أعوام، وسط ما يعيشونه من فقر وبطالة، تحرمهم من شراء مياه الصهاريج.
ولفت ابداح لارتفاع أسعار مياه الصهاريج، بحيث يصل سعر الصهريج احيانا لـ20 دينارا، ما يدفعهم للجوء إلى القنوات المكشوفة والسدود، للحصول على المياه، وهذا بدوره يعرضهم لخطر الغرق، والحصول على مياه غير صالحة للشرب.
وبين علي التلاوي من قاطني هذه المناطق، أن الحياة بلا ماء أو كهرباء، جحيم، مؤكدا أن الضرر بسبب عدم توافرهما يمس الجميع، لكن أشد المتضررين هم الأطفال وكبار السن.
ونوه التلاوي الى ان اغلب السكان يلجأون لاستخدام طرق غير مشروعة لإيصال التيار الكهربائي لمساكنهم، ما يعرضهم للخطر، لكن ليس بيدهم أي حلول أمام فشل محاولاتهم مع السلطة والجهات المعنية بهذا الشأن.
ونوه الى ان اغلب تلك الجهات التي يراجعونها، يتنصلون من التدخل لحل مشكلتهم التي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، وتحتاج الى قرار حاسم، ينتبه الى حقنا في العيش بكرامة كبقية ابناء البلدات في المنطقة وغيرها من مناطق المملكة، والأخذ بالاعتبار اوضاع الفقر والبطالة التي نغرق فيها.
ولفت الى أن "التذرع بأننا نقيم مساكننا في مناطق من أملاك السلطة، لا يعني حرماننا من حقنا في العيش الكريم"، منوها الى ان تلك الاراضي اساسا جرداء، ولم تكن السلطة تستغلها في أي مشاريع تدر دخلا ماليا على اهالي المنطقة الفقراء.
وأشار إلى أنه ومع ارتفاع اعداد السكان في اللواء، أمام ندرة العمل وقلة المساكن، وارتفاع نسبة الزواج، لجأ جزء منهم الى بناء مساكن بسيطة لحل مشاكلهم، للحد من تفاقم المشاكل الاجتماعية في اللواء.
في هذا النطاق، قال المواطن علي الرياحنة، ان كلفة استئجار المنازل في اللواء والقرى القريبة عالية جدا، ولا تناسب الاهالي الذين يعانون من الفقر، ناهيك عن انتشار البطالة بين صفوفهم وخصوصا الشباب، ما اجبر عشرات منهم للتوجة الى تلك الاراضي واصلاحها، برغم ضيق الحال، ولكن ذلك يظل افضل من العيش في مساكن عشوائية ومرتجلة كالخرابيش.
ام محمد من المنطقة ذاتها، قالت إنه مضى على إنشاء هذه المساكن عشرات الاعوام، ومنذ ذلك الوقت وهم يطالبون بالحصول على خدمات مياه وكهرباء، ولكن لا احد يريد ان يستجيب لنا.
وأوضحت بأن الفقر والحاجة وارتفاع ثمن الأراضي، كلها أمور حرمتهم حتى من التفكير بشراء أراض في المناطق المنظمة لبناء مساكن عليها، منوها بان الفقر والبطالة دفعا الشباب المتزوجين والمقبلين على الزواج لبناء مساكن في هذه المناطق، وقالت "هذا الحل أهون من العيش في خيمة أو عريشة على قارعة الطريق، او بيت لا يمكن دفع اجرته".
وبين أحد قاطني المنطقة (طلب عدم نشر اسمه)، أنهم يشكلون مجتمعا يستحق حياة أفضل، والأخذ بعين الرعاية والاهتمام واقع اقامتهم في هذه المساكن، ومساندتهم بإيصال المياه والكهراباء لهم.
وبين أن الأهالي يضطرون للاستعانة بمياه قناة الملك عبدالله لقضاء حوائجهم من حمام وغسيل وتنظيف، مشيرا الى ان ذلك عرض عددا من ابنائهم للغرق والموت اكثر من مرة.
أما بالنسبة لمياه الصهاريج، فلفت الى انه قلما تتوافر الاموال لشرائها، فدخولهم متدنية جدا، تكاد لا تغطي مصاريف الطعام والعلاج، بخاصة وأن جزءا منهم لديهم حالات اعاقة مختلفة.
مصدر من سلطة وادي الاردن، بين ان اهالي المنطقة، لم تصلهم المياه منذ أعوام طويلة، لأن مساكنهم خارج التنظيم وتعود الارض التي يقيمون عليها الى السلطة، مشيرا الى انه جرى طرح مشكلتهم على الجهات المعنية لحلها، ولكن دون جدوى.
وقال رئيس بلدية وادي الريان سابقا عقاب العوادين، ان حل هذه المشكلة، يكمن بيد السلطة، في وقت تصر فيه على تخصيص الاراضي التي يقيمون عليها، بينما الاهالي لا يملكون القدرة المالية على تغطية اكلاف هذا التخصيص وتبعاته.
وطالب السلطة، بأن تقرأ قصة هذه الأسر انسانيا، قبل ان تخضعها لقوانين ونظم ثابتة، لكي تقف الى جانب فئة معدمة نسبيا، وحل مشكلتها بايصال الخدمات لهم، وخلق مشاريع ترفع من دخولهم، منوها الى انه في حال ايصال الكهرباء والمياه فتسحل مشاكل اخرى على هامشها.
يشار الى أن قاطني لواء الغور الشمالي، يعانون الفقر والبطالة، جراء طبيعة المنطقة الزراعية والحارة، الى جانب نقص الخدمات والمرافق العامة والبنى التحتية، وعدم وجود مشاريع استثمارية، ويعمل غالبيتهم في الزراعة، والنصف الآخر في وظائف حكومية أو في القطاع الخاص، ويدرج اللواء على لائحة المناطق الأشد فقرا في المملكة.