تناول الأطفال للوجبات السريعة يضرّ بصحتهم

الأطفال الذين يتناولون الوجبات السريعة لا يتوقفون عن الطعام طوال اليوم - (أرشيفية)
الأطفال الذين يتناولون الوجبات السريعة لا يتوقفون عن الطعام طوال اليوم - (أرشيفية)

ديما محبوبة

عمان- تغيرت ثقافة الغذاء في العالم كله، مع انتشار مطاعم الوجبات السريعة، مثل شرائح البطاطس أو المقرمشات وغيرها، والأغذية المعلبة، فأصبح تناول هذه الأطعمة القاسم المشترك بين معظم أطفال العالم.اضافة اعلان
تشير إحدى الإحصائيات في الولايات المتحدة إلى أن الأطفال أصبحوا يتناولون معظم غذائهم من الوجبات السريعة.
وتعد الوجبات السريعة من الأطعمة التي لا يستطيع الطفل الابتعاد عنها، أو التقليل منها، فقد يجهل الكثير من الآباء خطورة تلك الأطعمة على أطفالهم على المدى البعيد.
في هذا الشأن يبين خبراء بأن الوجبة السريعة المثالية هي التي تحتوي على جميع العناصر الغذائية الرئيسة التي يحتاجها الجسم، خصوصا التي يحتاج إليها الطفل في طور النمو، لكن هذه المواصفات غير موجودة في الوجبات السريعة، حيث تحتوي على قدر عال من الشحوم، والزيوت، والدهون، والنشويات، مع القليل من البروتينات والخضروات والألياف الطبيعية.
التربوية رولا أبو بكر، تبين أن الوجبات السريعة مصطلح يطلق على أي طعام يتم إعداد مكوناته وتحضيره بسرعة، كما أن تناوله قد لا يستلزم ترتيب وضع معين، إذ يمكن تناوله أثناء المشي، أو الجلوس أمام التلفزيون وهو ما يحبذه الأطفال.
والإقبال على الوجبات السريعة في رأي أبو بكر بات يستهوي الكبير والصغير، موضحة "لكن لا بد من الحرص أكثر على صحة الطفل، فهو في طور النمو، ولذا لا بد أن تحرص الأسرة على احترام وقت الجلوس على المائدة، وتناول الطعام سويا، مما يؤدي إلى تقليل الطلبات على الوجبات السريعة".
وعلى الوالدين، كما تقول، أن يقدما لأطفالهما أسبابا وجيهة للابتعاد عن هذه المأكولات، لما لها من أضرار ومساوئ على صحة الإنسان.
ولا ضير، في رأي أبو بكر، من تنظيم بعض الوجبات، وتحديد أوقات تناولها، مع اختيار أصنافها وكمياتها، والأفضل تناولها مرة واحدة أسبوعيا أو مرتين شهريا، إلى جانب اختيار الحجم الأصغر من الوجبات، مع الحرص على إضافة الخضراوات إلى الوجبة تقدَّم في طبق جانبي، والتقليل من الإضافات الدهنية، مثل المايونيز، واختيار اللحم المشوي وليس المقلي، وتناول العصائر بدلا من المشروبات الغازية، أو تناول المشروبات الغازية بعبوات صغيرة الحجم.
وتبين أبو بكر أن التعود على الممارسات الغذائية السليمة يأتي بالتدريج، وليس المطلوب المنع الفوري، حتى يصل الطفل إلى الخيار الصحيح، بتناول هذه الوجبات أسبوعيا، ثم شهريا، ثم عدة مرات في السنة.
وهناك طريقة أخرى وهي مشاركة الأطفال في صنع الوجبات السريعة داخل البيت بطريقة صحية، حيث إن تشجيع الأهل للأطفال على الخيار الصحي له دور في تغيير قناعاتهم وعاداتهم الغذائية.
ومن الناحية الطبية يبين اختصاصي الطب العام، د. محمد أبو سماقة، أن العديد من الدراسات الصحية والأكاديمية المحلية والدولية كشفت عن النتائج الخطرة للتناول المستمر للوجبات السريعة.
وأضاف أن إحدى الدراسات أشارت إلى أن الأطفال الذين يتناولون الوجبات السريعة لا يتوقفون عن الطعام طوال اليوم، لأن محتوى السكر فيها مرتفع، ويجعل الرغبة أكبر في تناول المزيد من الطعام، إلى جانب قلة احتوائها على الألياف التي تؤدي للإحساس بالشبع، ناهيك عن أن تناول الطعام كثيرا يؤدي إلى زيادة في الوزن.
ويلفت أبو سماقة إلى "أن سوء التغذية يظهر من خلال العدوانية، وسرعة الغضب، والصداع، بالإضافة إلى التقلبات المزاجية، إلى جانب تأثير هذه التغذية السلبية على الصحة العامة، حيث أثبتت الكثير من الدراسات أن الأطفال المعتمدين على الوجبات السريعة لديهم نقص في البروتين، والزنك والحديد، وفي بعض الفيتامينات.
وقد ينتج عن إدمان الوجبات السريعة، كما يقول، بعض الأمراض، كنزلات البرد، والاحتقان، وحالات التهاب الأذن، والعين، ونوبات الصداع المتكررة، والمشكلات الجلدية، والحساسية، والمشاكل الهضمية، إلى جانب اختلال توازن السكر في الدم، والسمنة التي يترتب عليها الكثير من أمراض الأسنان، واللثة، والتقلبات المزاجية، والتوتر، والعدوانية.
وتؤكد أم حيدر، بأن الوجبات السريعة باتت من الأطعمة التي تستهوي العديد من الأطفال، إذ يبحثون عنها في كل وقت، حتى أصبح ما يصنع في المنزل، وما يقدم بطرق سليمة وصحيحة غير مرغوب فيه، مبينة أن أطفالها يبحثون عن الأطعمة ذات الشكل الجميل الذي يميز الوجبات السريعة بأشكالها المختلفة.
ولذلك لجأت أم حيدر إلى تقليد شكل الوجبات الشريعة بابتكار أساليب وطرق تضفي على الأكل المصنوع في المنزل لمسات تشبه الوجبات السريعة، وذلك حتى يستفيد الطفل من مكوناتها التي تعود عليه بالنفع.
ويبين اختصاصي علم الاجتماع، د. محمد جريبيع، بأنه في الآونة الأخيرة انتشرت الكثير من العادات الغذائية الخاطئة، وذلك بسبب التغير السريع لنمط حياة الناس، مما أدى إلى تغير كبير في نوعية الأطعمة، من حيث الكم والكيف، فتنوعت الأصناف، واتجه الناس إلى الأطعمة الجاهزة والمعلبة، والمحفوظة، وانتشرت المطاعم بشكل أسهم في زيادة استهلاك الأطعمة غير الصحية، والتي تؤدي إلى مضاعفات عديدة. وأشار إلى أن الوجبات السريعة تستهوي الجميع، كبارا وصغارا، لمذاقها المتميز ومظهرها الجذاب، كما أن المطاعم تقدمها بعروض مغرية، وهدايا وألعاب محببة للأطفال، مما يجعلها بمثابة التسلية والترفيه للعائلات.
ويضيف جريبيع أن من أهم الأسباب التي تجعل كثرة تناول الوجبات السريعة مضرة بالصحة هو احتواء معظم المشروبات المقدمة على كمية عالية من السكريات، مما يؤدي إلى السمنة، وتسوس الأسنان.
كما تبين الكثير من الدراسات الطبية، أن احتواء الوجبات السريعة على كمية عالية من الدهون المشبعة يؤدي إلى ارتفاع مستوى "الكولسترول" في الدم، إضافة إلى احتواء هذه الوجبات على كمية عالية من مادة الصوديم "ملح الطعام"، مع قلة احتوائها على الألياف وهو ما ينتج عنه مشاكل في الجهاز الهضمي، أهمها "الإمساك"، و"الحرقة". كما أن هذه الوجبات تفتقر لكثير من المعادن والفيتامينات التي لا غنى عنها لصحة الجسم.
وفي هذا السياق تقول اختصاصية التغذية، ربا العباسي "نتيجة لتطور أساليب الحياة، والبحث الدائم عن وسائل الراحة، ظهرت مطاعم الوجبات السريعة التي تختصر على المستهلك الوقت، وتوفر له الطعم الشهي والرائحة الزكية"، مضيفة أن هذا الأمر يستدعي إيجاد طرق ووسائل لإقناع الأطفال بخطورة الوجبات السريعة والتقليل منها قدر الإمكان، وإيجاد بدائل صحية لها إن أمكن.
وتضيف العباسي أن إقناع الطفل بمخاطر الوجبات السريعة يجب أن يقوم على أسلوب الترغيب وليس التخويف، وذلك عن طريق ترغيب الطفل في الأكل الصحي، وحثه على مزاولة الرياضة. وتبين العباسي من ناحية أخرى أنه من الممكن إقناع الطفل بمفهوم علمي سهل وواضح، من خلال ربط النتيجة بالسبب، كأن توعيته بأن السمنة المفرطة التي يشاهدها عند بعض الأشخاص لم تأت من الفراغ، بل نتيجة لتناول الوجبات السريعة، وهكذا تتكون لدى الطفل فكرة واضحة تجعله يربط بسهولة بين أكل الوجبات السريعة وبين نتائجها المضرة.
وتؤكد العباسي أنه من الطبيعي أن يشتهي الطفل هذه الوجبات بين الفينة والأخرى، ولذلك فإن حرمانه منها أمر غير مجد، وخاصة مع كثرة تواجدها وانتشارها في المحلات وسهولة الوصول إليها، ناهيك عن أنه يستحيل حرمان الطفل منها، وهو يرى غيره من الأطفال يتناولون هذه الوجبات وبكثرة، لذلك فإن حرمانه منها سيثير غضبه وإحباطه.
وتبين العباسي أن الأم تستطيع أن تعد الوجبات السريعة في البيت، بأسلوب صحي، وهو أمر في غاية الأهمية، وذلك حتى تكسب رضا طفلها، وتضمن إقباله على ما تعده من وجبات في البيت، بكل حب، ودون ضجر من هذه الوجبات، ولا بأس من أن تجعله يشاركها في إعدادها.
وتبين أن الأم تستطيع تقليل تناول الوجبات السريعة، واختيار الأطعمة ذات القيمة الغذائية العالية، كالسلطات الخضراء، والفواكه الطازجة، والعصير الطازج، واللحوم المطهية بطريقة صحية، مع تشجيع طفلها على ممارسة الرياضة حتى يحصل على صحة جيدة.

[email protected]

dimamahboubeh@