ست سنوات سجن لقاتل الطفلة "حسناء"

رسم تعبيري للعنف ضد الأطفال بريشة الزميل إحسان حلمي
رسم تعبيري للعنف ضد الأطفال بريشة الزميل إحسان حلمي

نادين النمري

عمان - بإصدار حكم الأشغال الشاقة لـ6 سنوات، أسدل الستار على قضية الطفلة حسناء (10 أعوام)، والتي لقيت حتفها على يد والدها العام الماضي.
وكان الادعاء وجه تهمة القتل القصد للأب، لكن محكمة الجنايات الكبرى عدلتها من القتل القصد إلى الضرب المفضي للموت، وعليه أصدرت على الأب حكما بالسجن 12 سنة، وبعد إسقاط الأم لحقها الشخصي، خفضته لست سنوات.
وعلى الرغم من أن القرار كان متوقعا، لكن ناشطين في مجال حقوق الطفل، دعوا لتعديل قانون العقوبات، عبر إلغاء بند اسقاط الحق الشخصي وتشديد العقوبة في حالات الإيذاء المفضي للموت ضمن جرائم الاطفال في الأسرة، وإلغاء المادة 62 من القانون نفسه، والتي تبيح الضرب التأديبي للأبناء.
وتعود حادثة مقتل حسناء الى شهر آذار (مارس) العام الماضي، حين اتصلت مديرة مدرستها في منطقة الضليل بوالدها، وعند حضوره أبلغته بأن ابنته سرقت مبلغا ماليا من محفظة معلمتها.
وحين عاد الأب وابنته للبيت، ربط يديها وضربها بالحزام ثم بعصا على مختلف أنحاء جسمها، بعد طرد والدتها وإخوانها، لكن إحدى ضرباته أصابت رأسها فقتلتها.
المحامية والناشطة الحقوقية لينا سلامة قالت إنه "وفقا لقانون العقوبات، فإن عقوبة الضرب المفضي للموت ضد النساء والأطفال تصل إلى 12 عاما، لكنها غالبا تخفف نتيجة لإسقاط الحق الشخصي، خصوصا إذا كانت الجريمة في نطاق الأسرة".
ورأت سلامة أن "هنالك حاجة حقيقية لتغليظ العقوبة في قضايا الإيذاء المفضي للموت، ووضع محددات وضوابط لإسقاط الحق الشخصي".
وقالت إنه "في حالة كانت الضحية من الأسرة، فيضغط على الأم لإسقاط حقها، وقد يكون قرارها مخالفا لرغبتها الحقيقية، وانصياعا لضغوطات مجتمعية".
من ناحيته، اعتبر مستشار الطب الشرعي، الخبير لدى مؤسسات الأمم المتحدة في مواجهة العنف الدكتور هاني جهشان أن "الحكم ببضعة سنوات على مرتكبي العنف القاتل ضد الأطفال داخل الأسرة، حتى وإن كان بغطاء قانوني عبر استخدام إسقاط الحق الشخصي، كسبب مخفف يخفض العقوبة بمقدار نصفها، يتفق وكونه شكلا من أشكال الإفلات من العقاب".
ولفت جهشان إلى أن "حرية الاختيار بإسقاط الحق الشخصي في الجرائم داخل الأسرة، يشوبه التشكيك والريبة لدرجة تشويه قانونيته، لتداخل العلاقات الأسرية والاجتماعية ولدوافع نفسية ومصالح اقتصادية، تحاول حماية المعتدي وتحفيف العقوبة عليه، ما يشكل إفلاتا من العقاب تحت غطاء قانوني، وبالتالي انتهاكا لحق الطفل بالحياة".
وبين أن "العقوبة المخففة التي عوقب بها قاتل ابنته، لن تؤدي للردع العام في المجتمع، ووقايته من جرائم مشابهة، ولن تترك انطباعا بنبذ العنف، واعتبار ما حدث استثناء لسلوك التأديب بالضرب البدني للأطفال، والذي -وللأسف- ما يزال القانون يبيحه بنصوص واضحة".
وأضاف جهشان أن "التراخي في ردع العنف ضد الأطفال، سيزيد من شيوعه ويفاقم عواقبه، ويحرمهم من تحقيق ظروف حياتية مستقرة، ما يؤدي لسلب المجتمع إمكانيات التنمية والتقدم".
وطالب الجهات التشريعية والحكومة بـ"إلغاء كل ما يبيح العقاب البدني للأطفال في الأسرة من مواد بالقانون دون محاولة الوصول لنصوص مشوهة عقيمة الفائدة، وتشديد العقوبات لأي عنف ضد الأطفال في الأسرة".
ودعا لعدم استخدام الأسباب المخففة كإسقاط الحق الشخصي، واستثناء العنف القاتل ضد الأطفال في الأسرة من تطبيق المادة القانونية المتعلقة بالإيذاء المفضي للموت.
وكان مساعد نائب عام محكمة الجنايات الكبرى، تقدم بطعن في الحكم، وبحسب الطعن، فإن سبب الوفاة بحسب تقرير الطب الشرعي، كان استخدام عصا في الضرب على الرأس، تسبب بإصابتها بنزيف دموي.
واعتبر الادعاء أن استخدام اداة في الضرب، ينبغي معه تجريم الجاني بجناية القتل القصد، ومعاقبته وفقه، وليس تعديل الوصف الجرمي الى جناية الضرب المفضي للموت، لأن هذه الجناية تستوجب استخدام أدوات غير قاتلة.
ولفت إلى أن توجيه هذه الأدوات لأماكن غير قاتلة في جسم المغدورة، لم يحصل في هذه القضية، إذ إن الضرب تم بأدوات قاتلة على موضع قاتل. وتسبب مقتل حسناء التي عرفت حينها باسم "حسناء ضليل" بضجة كبيرة لدى الرأي العام، ما جدد مطالبات مؤسسات المجتمع المدني والناشطين في مجال حقوق الطفل بإلغاء المادة 62 من قانون العقوبات.
وكان المجلس الوطني لشؤون الأسرة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) نظما بعد فترة بسيطة من وفاة حسناء، ورشة عمل لكسب الدعم والتأييد لإلغاء المادة 62 من قانون العقوبات.

اضافة اعلان

[email protected]