شرايحة: مخيلتي تغرق في البحث عن التفاصيل

المصور الفوتوغرافي سيمون شرايحة-(من المصدر)
المصور الفوتوغرافي سيمون شرايحة-(من المصدر)

فوزي باكير

عمان- ليس السّر تماما في الكاميرا، فهي كاميرا رقمية عادية لا أكثر، إلا أنّ عينَه، التي تبدأ الرؤية فيها من أعماق روحه، ثمّ تتأهب وتتهيأ، لتلتقط صورةً واحدةً، واحدة فقط، يخلّد من خلالها المصور الفوتوغرافي، سيمون شرايحة، ذاكرة بصيرته التي رأت، رأت ما لا يراه الآخرون.اضافة اعلان
كانت المناظر الطبيعية تجذب انتباه سيمون شرايحة منذ صغره، فلم يجد أفضل من التصوير وسيلة ليحتفظ بتلك المناظر، "وبأي كاميرا أجدها كنت أصوّر دائما، حتى حصلت على كاميراتي الأولى وأنا في الجامعة، وبدأت أشارك في كلّ مسابقة تمرّ عليّ"، كل ذلك بهدف "تنمية موهبتي وذائقتي، كما أني أعلّم نفسي بنفسي وأدربها من خلال الاطلاع والقراءة والمشاهدة باستمرار".
يدرس شرايحة، المولود في العام 1989، تصميم الفنون البصرية، والتي برأيه، تساعده في تدريب عينه على التقاط التفاصيل والجماليات في الأشياء التي لا ينتبه لها الآخرون، فرغم أن المواد التي تتعلق بالتصوير قليلة في تخصصه، "لكني أسعى دائما لتكريس ما يأتي في المساقات الأخرى بقصد تنمية موهبتي والعمل عليها، من خلال الجماليات التي تقدمها المساقات الأخرى في مواضيع قد تكون بعيدة عن التصوير، لكني أستدرجها لصالحي"، مضيفا "إذ إني أستغل بعض التقنيات الموجودة في الفنون الأخرى، مثل الرسم، وأحاول أن أستخدمها في خدمة صورتي التي ألتقطها".
وعن الأكاديمية والموهبة، والعلاقة بينهما، يقول "الأكاديمية تضع الإنسان في قوالب معينة ومحددة لا يستطيع التخلص منها، كونها تُعد أساسيات ومسلمات"، لكن الموهبة "تكسر هذه الحواجز، ولا تؤمن بالمسلمات والقوانين والقوالب الجاهزة"، فأهمية الأكاديمية تكمن، وفق شرايحة في أنها قد تصقل جانبا من الموهبة، لكن يجب "تجنب أن نجعل منها سلطةً على الموهبة، وإلا سيظل الفنان في السياق نفسه الذي سيحول دون تطوير أدواته ومهاراته".
ويضيف "أسعى دائما لتجريب ما لا يمليه عليّ السياق الأكاديمي، لا أضبط نفسي إلا في ورقة الامتحان، ولكن خارج هذه الورقة، أترك شخصيتي تنطلق حرّة في التعبير عن ذاتها".
ومن الأساليب التجريبية التي يحاولها شرايحة بأن يأتي بعناصر معيّنة ومختلفة، ويشكّل المشهد كما هو يشاء، ويلتقط الصورة، ويرى في ذلك ابتداعا لفنّه الذي يسعى لتقديمه.
وعن اللحظة الحاسمة، لحظة التقاط الصورة، وإحساسه بها، يقول شرايحة "الشكل الذي أريده يكون في مخيلتي، التي تُمعن في التأمل والإغراق فيما حولي من تفاصيل، كي أجد اللقطة التي تعبر عن شخصيتيي، فقد تعبّر عن حزني مرّة، أو فرحي أحيانا، فوفقا لنفسية الإنسان تكون صورته التي تعكس ما في داخله من هاجس وقلق".
ويتم إظهار هذه الهواجس من خلال قدرة المصور على انتهاز الشكل واللحظة والموقف، فوفقا لشرايحة، التصوير ليس مجرّد كاميرا تلتقط الصور بشكل عشوائي ثم يتم اختيار الجميل وإبعاد العادي، إنما هناك مفردات وأدوات مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار تميّز الصورة الحقيقية من الصورة العادية، أو تجعل من الصّورة لوحة، وتساهم في رصد القلق أو الحزن أو الفرح. لافتا إلى أن "المفردات الأساسية هي زاوية التصوير والإضاءة بمختلف درجاتها ووقت التصوير ومدى الاقتراب أو الابتعاد عن العنصر، فهذه كلها تمنح الصورة بعدا رابعا يعطيها انزياحا عن واقعيتها، ويجعل منها تعبيرا عن هاجس الإنسان".