قرار منع التدخين في الأماكن العامة يحمي المدخنين من الأمراض ويقلل الخسائر الاقتصادية

قرار منع التدخين في الأماكن العامة يحمي المدخنين من الأمراض ويقلل الخسائر الاقتصادية
قرار منع التدخين في الأماكن العامة يحمي المدخنين من الأمراض ويقلل الخسائر الاقتصادية

 

عمّان - الغد- أحمد شاب أردني مدخن، لم يسمع إلا قبل عدة أيام عن سريان قانون منع التدخين في الأماكن العامة؛ حيث كان يجلس في ركن تناول الطعام في أحد مراكز التسوق الكبيرة في عمان، وفي أثناء ذلك قرر أحمد أن يدخن إلا أنه تفاجأ برجل أمن يطلب منه أن يطفئ السيجارة، أظهر أحمد اعتراضا شديدا إلا أن رجل الأمن تجاهله تماما واستمر بتحرير مخالفة مقدارها 15 دينارا كغرامة مالية ضده لتعديه على قانون منع التدخين في الأماكن العامة، ناول رجل الأمن المخالفة لأحمد وأوضح له بلهجة صارمة بأنه إذا لم يدفع هذه الغرامة فإن النتيجة ستكون المحاكمة والحبس، أمسك أحمد المخالفة بيده وقرأها بذهول. دفع أحمد الغرامة إلا أنه قرر بعدها ألا يدخن في الأماكن العامة مرة أخرى وباللغة المحكية قال: "الشغلة مش محرزة".

اضافة اعلان

نعم أيها المدخنون، إن الدولة تطالبكم الآن وباسم القانون بأن لا تعتدوا على حقوق الغير، فالآخرون من حقهم أن يعيشوا في بيئة نظيفة خالية من الضرر والمرض والنيكوتين والسموم، ولذا فقد حددت وزارة الصحة الأردنية يوم الأول من آذار (مارس) العام 2009م كأول يوم لتنفيذ قرار منع التدخين في "المولات" ومطار الملكة علياء باعتبارها أماكن عامة وذلك استنادا لقانون الصحة العامة رقم 47 للعام 2008.

ويعاقب قانون الصحة العامة المدخنين غير الملتزمين بأحكام القانون بالحبس والتغريم. فوفقا للمادة 63/أ يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر أو بغرامة لا تقل عن خمسة عشر دينارا ولا تزيد على خمسة وعشرين دينارا كل من قام بالتدخين في الأماكن العامة المحظور التدخين فيها.

ما الأماكن العامة التي يشملها قرار منع التدخين؟

الأماكن العامة التي يحظر فيها التدخين هي "المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس ودور السينما والمسارح والمكتبات العامة والمتاحف والمباني الحكومية وغير الحكومية العامة ووسائط نقل الركاب وصالات القادمين والمغادرين في المطارات والملاعب المغلقة وقاعات المحاضرات ودور الحضانة ورياض الأطفال في القطاعين العام والخاص وأي مكان يقرر وزير الصحة اعتباره مكانا عاما".

والسؤال الذي يخطر على بال عديدين الآن هو لِمَ كل هذه الجلبة؟ ولِمَ يمنع التدخين في الأماكن؟ أليس من حق المدخن أن يدخن أينما يشاء؟

والجواب هو كلا، ليس من حق المدخن أن يدخن أينما يشاء! وليس من حق المدخن أن يجبر غيره على التدخين واستنشاق سموم سجائره، ونحن لا نقول هذا عبثا أو تجنيا، بل هي دراسات علمية شاملة ومستفيضة تؤكد أن الإنسان الذي يرافق ويجالس الإنسان المدخن أثناء تدخينه معرض لسموم السجائر عن طريق ما يدعى التدخين السلبي أو القسري.

ما التدخين السلبي؟

التدخين السلبي هو الدخان الذي يخرج من أفواه المدخنين والدخان الذي ينتج من طرف السيجارة، والغليون والسيجار المحترق، ويتنفسه آخرون في المكان، فالسيجارة تحتوي على حوالي 4 آلاف مادة كيميائية، والعديد من هذه المواد الكيميائية خطرة، وأكثر من 50 مادة منها تسبب مرض السرطان، وفي أي وقت يتنفس بها الطفل أو الإنسان البالغ الدخان يكون معرضا لتلك المواد الكيميائية.

مواد أثبتت الدراسات العلمية وجودها في السيجارة

المادة الأثر

4-أمينو ثنائي الفينول

يزيد من فرص حدوث سرطانات المثانة والكبد.

الإثيل 2 فيورات    له أثر شديد السمية على الكبد.

السيانيد المهدرج   غاز شديد السمية يقضي على الشعيرات الحسية في المجاري التنفسية.

الآرسين سم يستخدم في القضاء على الفئران.

الفورماألديهايد   سائل يستخدم في تحنيط الجثث.

أول أكسيد الكربون يحل محل الأكسجين في كريات الدم الحمراء.

الأمونيا     غاز محرش للمجاري التنفسية.

النيكل      مادة مسرطنة.

النافثيل أميد     مادة مسرطنة للمثانة.

التولويدين  مادة مسرطنة للمثانة.

البينز (أ) بايران مادة محفزة لحدوث السرطان.

عنصر الكاديميوم    أحد مكونات البطاريات.

البنزين     مذيب عضوي.

التدخين السلبي والمرأة الحامل

إذا جلست المرأة الحامل لفترات طويلة بجانب شخص مدخن كالزوج مثلا فإن ذلك سيعرضها وطفلها للعديد من المشاكل الصحية الخطرة والتي من أهمها:

-الإجهاض.

-الولادة المبكرة؛ تتم ولادة الطفل قبل اكتمال فترة الحمل أي تسعة شهور.

- انخفاض وزن الطفل؛ وهذا لربما يعني ولادة طفل ذي صحة متدنية.

- وفاة الطفل بشكل مفاجئ في المهد (SIDS) ؛ وفاة الطفل الرضيع المفاجئ في العام الأول من الحياة.

- مواجهة الطفل مشاكل في التعلم والحركة المفرطة وصعوبة التركيز (ADHD).

ولذا يجب ألا تشعر المرأة الحامل بالحرج عندما تطلب من المدخنين عدم التدخين بجانبها، فصحة جنينها يجب أن تكون أولويتها الأولى.

التدخين السلبي وصحة الأطفال

يصبح الأطفال الرضع معرضين للوفاة بشكل مفاجئ في المهد (SIDS)، إذا تم تعريضهم للتدخين السلبي، ويزيد خطر إصابة الأطفال الذين يكونون أصغر من عامين بمشاكل صحية خطيرة أو مشاكل قد تزداد سوءا، فالأطفال الذين يتنفسون الدخان السلبي عرضة للإصابة بالأمراض التالية أكثر من غيرهم.

ومن تلك الأمراض التهابات الأذن والتهابات الجهاز التنفسي العلوي ومشاكل في الجهاز التنفسي مثل؛ التهاب الشعب والتهاب الرئة فضلا عن تسوس الأسنان.

ويصاب أطفال المدخنين بالسعال والأزيز أكثر من غيرهم ويحتاجون إلى وقت أطول للتعافي من الرشح، ويسبب التدخين السلبي أعراضا أخرى تشمل انسداد الأنف والصداع وتقرح الحلق وتهيج العينين وبحة في الصوت.

والأطفال الذين يعانون من الربو حساسون للتدخين السلبي بشكل خاص، فقد تسبب الإصابة بالمزيد من نوبات الربو وتكون أكثر حدة، مما تتطلب زيارة المستشفى.

وبشكل عام يؤثر التدخين السلبي على الكبار غير المدخنين، حيث يؤدي إلى إصابتهم بأمراض أهمها:

تهيج العين والأمراض القلبية والربو والالتهابات الرئوية والتهابات القصبات الهوائية وضعف الدورة الدموية بالإضافة إلى الحساسية وسرطان الرئة.

الجدل الاقتصادي القائم حول قانون منع التدخين

ما يزال قانون منع التدخين في الأماكن العامة والخسائر الاقتصادية الناجمة عنه بين شد وجذب وذلك بالرغم من إقراره من قبل مجلس النواب الأردني ودخوله في حيز التنفيذ الفعلي، فلِمَ كل هذا الجدل؟

يرى الفريق المعارض لهذا القانون والذي يضم بعض المستثمرين وأصحاب المقاهي العامة أن مثل هذا القانون ستنطوي عنه خسائر اقتصادية تصل إلى نسبة 40% أما الفريق الآخر فيرى أن مثل هذا التخوف لا مبرر له، فالدراسات التي أجريت في بعض البلاد التي جرى تطبيق هذا القانون فيها أظهرت أن مبيعات المؤسسات تراجعت بنسبة 25% خلال أول ثلاثة شهور إلا أنها ما لبثت أن ارتفعت بنسبة 50% فيما بعد وذلك بعد أن اقتنع المدخنون وغير المدخنين بالأسباب التي انطوى عليها هذا القرار.

بالإضافة إلى ذلك فإن تأثير التدخين لا يقتصر على صحة الفرد، وإنما يتعداها ليؤثر على الحالة الاقتصادية للمدخن؛ حيث يشير تقرير نشر حديثا أن التدخين يكبد الأردن حوالي 700 مليون دينار سنويا من الخسائر، منها 350 مليون دينار يدفعها الأردنيون سنويا ثمن السجائر وأشكال التدخين الأخرى، والباقي على شكل أضرار صحية تتحملها الدولة والمجتمع.