المرأة العاملة.. استنزاف يومي يتطلب شحن طاقتها من جديد

ديمة محبوبة

عمان- تجهيز الأطفال للمدرسة، ومساعدتهم على أداء الواجبات المدرسية، القيام بواجبات المنزل من تنظيف وإعداد الأطعمة، وغيرها من المتطلبات اليومية تقع على عاتق المرأة، ويزداد هذا العبء في حال كانت "عاملة".اضافة اعلان
إدارة الوقت وتنظيم الأعمال اليومية المتعددة هما ما تطمح إليه الأم العاملة، فالعديد من السيدات العاملات يشعرن بأن ساعات اليوم تمضي كلمح البصر، فمنذ الصباح الباكر تبدأ المهام تتوالى شيئا فشيئا، لحين انقضاء اليوم بالخلود للنوم.
حنان معاوية (أم لثلاثة أطفال)، وتعمل في قسم المحاسبة بإحدى الشركات الخاصة، تقول "يبدأ يومي عند الاستيقاظ عند الساعة الخامسة فجرا، أقوم بتحضير وجبة الإفطار، ومن ثم أتوجه لغرف النوم لإيقاظ زوجي وأطفالي، وبسرعة قياسية، وبعد تناول الإفطار أقوم بالانتهاء من تنظيف الطاولة، مع تفقد حاجيات الأبناء قبل مغادرتهم المنزل".
وتكمل أنها تحاول أن تنهي عملها في وقته المحدد؛ إذ يكون باص المدرسة على باب الشركة مصطحبا أطفالها، لتعيدهم هي إلى المنزل، مبينة أنها تبدأ مشوارا جديدا، وكأنه يوم جديد؛ إذ تعمل على الاهتمام ورعاية أطفالها، وتجهيز الطعام، وعادة ما تلجأ لإعداد المأكولات التي تحضر بوقت صغير وسريع.
وتضيف "ثم يأتي وقت الدراسة وحل الواجبات المدرسية، ومتابعة الأعمال المنزلية المختلفة"، ثم تهيئ أطفالها للنوم، ويأتي زوجها من العمل، فتحضر العشاء الخفيف لهما، لتبدأ مرحلة غسل الأواني والتنظيف السريع.
وهنا تتوقف حنان عن الشرح مع تنهيدة تدل على التعب غير المنتهي "كل ما يحدث معي مرهق، ولا يجعلني أشعر بالسعادة، فأنا أنجز كل ما هو مطلوب مني، لكن ليس بالشكل الأمثل، حتى بما يخص تدريس أطفالي، وهم اليوم في مرحلة التأسيس، ويحتاجون إلى رعاية شديدة، لكن من زخم الأشياء يبقى العمل ناقصا ومتراكما"، مبينة أنها لا تستطيع تنظيم حياتها بشكل صحيح.
المرشدة الأسرية فداء أبو الهيجاء، تؤكد ضرورة ترتيب الأولويات وتنظيم الحياة، وكتابة قائمة بشكل مفصل عن الأولويات، في حال طرأ أي جديد خلال اليوم فيمكن إضافته.
وهنا تتحدث أبو الهيجاء عن المرأة والأم العاملة، والتي تصفها بـ"الماكينة" التي لا تتوقف، حتى في نومها، عقلها يعمل بشكل دائم، لذا عليها أن تكون أكثر تنظيما حتى تجد ما تفعله يدخل في حيز الإنجاز الحقيقي وترضى عن ذاتها.
وتنصح أبو الهيجاء، المرأة العاملة، بوضع قائمة مهام مفصلة ومرنة تقوم بها في الصباح والمساء، ويصبح جدولا روتينيا في حياتها.
وتضيف "يجب كتابة جميع المهام بالتفصيل مع وضع وقت محدد لإنهائها، وهو وقت متوقع، وبعد تلك الخطوة على السيدة أن تكون يقظة"، وتتساءل "هل هي تقوم بما تريده وتنهيه في الوقت المحدد؟"، ما يعني أنه يمكن تعديل هذه القائمة.
وتنصح أبو الهيجاء، لجعل الحياة أكثر سلاسة وتنظيما، يجب الاهتمام بالوقت، وليس العمل المنجز فقط، ولا ضير من جعل أفراد الأسرة يتعاونون، فالمرأة العاملة مثلها مثل الرجل في الخارج، وهي مسؤولة وأم داخل البيت، ما يجعلها منهكة بالواجبات العملية والأسرية والاجتماعية والزوجية.
لذلك، وعلى سبيل المثال، "يجب أن تتفق مع أفراد أسرتها أن يحضر كل شخص ملابسه من الليل، وكذلك الحقائب الخاصة بالأولاد قبل الذهاب إلى النوم، ولا ضير من غسل الملابس في الليل، لتكون جاهزة للتجفيف في الصباح"، وفق أبو الهيجاء.
وتلفت أيضا إلى ضرورة أن تتعاون العائلة على التنظيم المستمر للبيت، وهو ما يجعل الحياة أسهل بدلا من الانتظار، ومضيعة الوقت في أمور غير مفيدة.
وتشير إلى ضرورة تنبه العائلات التي بها أمهات عاملات بأن تكون أكثر واقعية، فتحديد الأولويات مهم الجميع وليس على عاتقها فقط، فما تقوم به خلال يومها كاف، وأحيانا يتجاوز الحدود، فليس عليها أن تحمل نفسها عبئا أثقل، فبعض المأكولات تحتاج إلى مجهود كبير، ولضيق الوقت لا يمكنها دائما تلبية رغبات أفراد أسرتها، فتستطيع تأجيل الأمر ليوم العطلة، أو بشرائها الأطعمة الجاهزة؛ إذ تنتهي القصة، فلا داعي للوم الذات والتفكير بالتقصير، فهي تقدم الكثير على حساب ذاتها.
وتؤكد أن الحياة لا تسير إن لم يكن فيها تنازلات ووعي وحب للذات وللعائلة، والتعاون مطلوب بشكل أكبر في هذه العائلات، ما يخفف من المشاكل الأسرية، موضحة "عندما ترى السيدة أن أفراد عائلتها يشعرون بها وبما تقوم به ويساعدونها، فهذا الأمر يجعلها أكثر عطاء وحبا لما تقدمه بعيدا عن المشاحنات ورمي التهم، وخصوصا بين الأزواج".
وتنصح باستخدام التكنولوجيا لتخفيف مهام الحياة وكثرة متطلباتها على الأم العاملة، فلا شك أن الأم تحتاج إلى الكثير من التسوق لأجلها ولأجل عائلتها، فتنصح باستخدام الانترنت لتجاوز صعوبة الحركة وتضييع الوقت، وحتى توفيرا للجهد والمال.
وتنصح الأم العاملة بالقيام بطبخ كميات كبيرة من الطعام، تكفي ليومين أو ثلاثة، وتخصيص يوم واحد كل أسبوع أو أسبوعين لشراء الأطعمة من خارج المنزل، أو تجهيز "الحواضر البيتية".
وتلفت إلى أن الكثير من الأمهات العاملات يؤجلن الكثير من الواجبات ليوم عطلتهن، وهنا تؤكد أن هذه الطريقة خاطئة؛ إذ يتوجب على الأم العاملة الاستمتاع بعطلتها، وأن تشعر بالراحة، وتشحن ذاتها بطاقة جديدة تجعلها تستمر بواجباتها الأسبوعية. وتنصح أخيرا بأن على المرأة العاملة أن تكون ثقتها بذاتها أكبر وبما تقوم به، وتهتم بأولويات حياتها وأسرتها، وتطلب المساعدة والمشاركة في العمل لتسهيل أمور الحياة.