2018: الحروب بالوكالة نحو التصعيد

في دورته العاشرة ركّز "المنتدى الاستراتيجي العربي" الذي افتتح أعماله في دبي الثلاثاء الماضي، على التحديات التي تواجه المنطقة العربية والعالم خلال عام 2018، في ظل تسارع وتيرة التغيرات والفوضى المصحوبة بانخفاض أسعار النفط وارتفاع البطالة في المنطقة بمعدل 12 في المئة خلال العام الحالي. ملفات المنطقة كانت حاضرة في البحث والتحليل، ومنها الملف اليمني، الذي نحاول تسليط الضوء عليه هنا؛ حيث توقع خبراء مشاركون في المنتدى أن اليمن في عام 2018 سيواجه وضعاً يتسم بتنامي النزاعات القبلية وعمليات الثأر والتصفيات التي يقوم بها الحوثيون، بخاصة ضد قيادات وعناصر "المؤتمر الشعبي العام". ولفتت النقاشات في المنتدى النظر إلى أن الحوثيين خسروا أكثر من 50  في المئة من قوتهم بخروج علي عبدالله صالح من الحلف معهم، وهو الذي أدى بهم إلى اغتياله. اضافة اعلان
والواقع أنّ نزعات الاستفراد والإقصاء لدى الحوثيين لم تكن مفاجأة. ومنذ فترة ليست بالقصيرة تصاعد إصرارهم على وأد أي فاعلية حزبية منافسة أو موازية، وهو ما تجلى، مثلاً، في الرابع والعشرين من آب (أغسطس) الماضي، عندما رفض الحوثيون الاحتشاد الجماهيري الذي دعا إليه صالح لإحياء ذكرى تأسيس حزب المؤتمر، ووصفوه بـ "التحرك المشبوه". أعــاد ذلك إلى الأذهان، من زاوية من الزوايا، ما يريــده "حزب الله" من تيار الرئيس ميشال عون: التغطية. لكنّ الحوثيين أوغلوا في نزعة الاستفراد بالسلطة إلى حدٍّ أصبحوا معه يريدون "المؤتمر الشعبي" كـ "ديكور"، وحين أراد صالح الاحتجاج على هذه اللعبة تم اغتياله والتمثيل به.
المراقبون متناقضون في مقاربة ما بعد قتل صالح، فثمة من يرى فيما جرى "موتاً للعمل السياسي" في اليمن، ووأداً وإخماداً لأي حزبية فعلية، لا سيما في ظل غياب المؤسسات وتفكك سلطة الدولة والقانون والقضاء وطغيان السلاح الحوثي. مقابل هذا الرأي هناك من يتفاءل بإعادة الزخم للفاعلية السياسية والحزبية في اليمن بعد أن ضمر البعد السياسي لدى الحوثيين، وطغى النازع المليشيوي في سلوكهم وسياساتهم، فبتنا، بوضوح، أمام حركة شمولية ذات طبيعة مذهبية سلالية غير قادرة على تقبّل أدنى اختلاف، حتى مع من تحالف معها، وهي، ما بقيت هكذا، ستكون أقل قدرة على استيعاب الجسم الحقيقي من قيادات وقواعد "المؤتمر الشعبي"، أو حتى "حزب الإصلاح" وسواهما. وإذا ما استبدّ العناد بالحوثيين وأغرتهم "أوهام النصر الإلهي"، و"الأيام التاريخية والاستثنائية"، فسيكون الحل الأسهل لهذه الحركة الشمولية أنْ تخلق واجهات حزبية من هنا وهناك، وربما من بعض عناصر "المؤتمر" وغيره، للإيحاء بأنها لا تستفرد باليمن أو لا تأخذ شعبه عنوة تحت وطأة السلاح. معنى ذلك أنّ ثمة فرصة كبيرة لزيادة الأكلاف التي يدفعها الحوثيون، وإذا لم تقف القوى السياسية والشعبية اليمنية بوجه هذا السيناريو، فإنه سيعني مرحلة جديدة من الإيغال في فرض المعادلات غير المتوازنة، وتجذير سلطة الأمر الواقع والاستقواء بالسلاح والتكبّر على الدولة... وإدامة الاقتتال والفوضى.
"المنتدى الاستراتيجي العربي" توقّع أن يشهد العام 2018 تمدداً أكثر لإيران وتدخلاً أكثر في جوارها منتشية بما حققته في سورية، بحسب مداخلة المدير الأسبق لـ"سي آي أيه" ووزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت جيتس. ولذلك استشرف خبراء خليجيون شاركوا في المنتدى بأنه في 2018 سيكون التركيز على تحرير الحديدة وصنعاء، ما يعني أنّ الحرب في اليمن لن تنتهي وقد تستمر لسنوات خصوصاً في صعدة المجاورة للسعودية. هذه الفكرة أكّدها التقرير الصادر عن المنتدى، الذي خلص إلى أن احتمالات نشوب نزاع مسلح مباشر بين الدول منخفضة للغاية، لكن الحروب بالوكالة تتجه نحو التصعيد في المنطقة.