سلامة الدرعاوي يكتب: قراءة في أمر الدفاع 9

أمر الدفاع 9 يغطي جزءا كبيرا من الخلل والإشكاليات التي أحدثها أمر الدفاع 6 الذي شكل صدمة كبيرة للقطاع الخاص الذي تركته الحكومة ليتدبر أمره من دون أي مساعدة، وكأنها تقول له: "اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون".اضافة اعلان
أدركت الحكومة بسرعة الخلل الذي أحدثته في قصة تعاملها مع العاملين في القطاع الخاص ودخلت على خط الأزمة التي كادت أن تنفجر وتشكل أزمة حقيقية في المجتمع، عن طريق ذراعها الاجتماعية مؤسسة الضمان الاجتماعي التي انخرطت الآن بالعملية واحتلت مقعداً مهماً في معالجة تداعيات أزمة كورونا على القطاع الخاص، وأعاد شراكته في بيئة الأعمال عن طريق حزم الدفع للأجور بنسب متفاوتة وحسب طبيعة الاشتراك ووضع المؤمن لديها، وهذه مسألة في غاية الأهمية خاصة في هذا الوقت الصعب الذي يعيشه القطاع الخاص والعاملون لديه.
تخفيضات رواتب الحكومة والفئات العليا في القطاع العام وإلغاء الامتيازات المالية الحكومية والعضويات والمكافآت لآخر العام، أيضا تشاركية عالية بتحمل المسؤولية تجاه التحدي الأمني والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه الأردن، والابتعاد عن الرواتب المنخفضة في تلمس حقيقي للوضع المعيشي الذي يعيشه غالبية الأردنيين، وإن كان القرار قد يحتاج إلى مراجعة فيما يتعلق بعضوية بعض ممثلي الحكومة في مجالس الإدارات بالشركات الحكومية لأن الكثير منهم لا يمتلك أي دخل سوى ما يتقاضونه من مكافآت، والمنطق يقتضي أخذ نسبة من رواتبهم وليس أخذه كاملاً لآخر العام.
الحماية الاجتماعية اليوم للأردنيين الذين تعثرت بهم السبل جراء توقف أعمالهم نتيجة لتداعيات كورونا يجب أن تبقى أولوية حكومية، لأن تركهم من دون رعاية، سيكون له تداعيات أمنية واجتماعية كبيرة في المجتمع في هذا الوقت تحديداً.
الأموال التي تجمعها الدولة اليوم من التبرعات وضبط الإنفاق لن تحل مشكلة الاقتصاد، ولن تغني المتعطلين عن العمل أو من لحق بمنشآتهم الاقتصادية ضرر التعطل أو التوقف عن العمل، فالأمر ليس تعويضاً كاملاً، وإنما هو مشاركة نسبية من الحكومة تجاه الخسائر التي لحقت بالأفراد والشركات.
قد يقول قائل لماذا لا تتحمل الحكومة مسؤوليتها الكاملة تجاه تداعيات أمر الدفاع الأول بحظر الأعمال والتجول، وتدفع الالتزامات التي تحملها القطاع الخاص نتيجة هذا الأمر مثلما فعلت باقي دول العالم تقريبا؟
نعم قد يكون هذا الأمر من الناحية النظرية قابلا للنقاش، لكن على أرض الواقع أشبه بالمستحيل، إن لم يكن محالا، بكل ما في الكلمة من معنى، فالخزينة لا تمتلك المال في ظروفها الطبيعية، وليس لها قدرة على تمويل نفقاتها التشغيلية المختلفة من دون تلقي مساعدات خارجية تنقذها من نفق مظلم، ومع كل ذلك، وفي ظل الدعم، يبقى هناك عجز مالي مزمن يناهز الملياري دولار في العام، والأردن يختلف كلياً عن باقي دول العام في هذا الأمر، فالأوضاع الحالية تمنع له حرية التحرك، والأخطر من ذلك وعلى الجميع معرفته، أنه حتى أبواب الاقتراض الخارجي مقفلة أمام الحكومة، فالاقتراض داخلياً أو خارجياً يفرض عليها تحويله لنفقاتها.
من هنا جاء أمر الدافع 9 ليواجه بعض التحديات بالشراكة مع القطاع الخاص وضمن الموارد المحدودة للغاية عند الجميع، وما يتطلبه الوضع قليل من الصبر لحين انتهاء هذه الغمة وعودة الأمور الى نصابها بشكل نسبي وبأقل الخسائر إن أمكن.