الأمطار الغزيرة بعجلون.. حصاد محدود وأودية بلا سدود

سد كفرنجة بعجلون حيث مطالب بانشاء المزيد من مشاريع الحصاد المائي-(الغد)
سد كفرنجة بعجلون حيث مطالب بانشاء المزيد من مشاريع الحصاد المائي-(الغد)

عجلون- رغم معدلات الأمطار الكبيرة التي تشهدها محافظة عجلون خلال مواسم الشتاء، وما يرافقها من سيول وتفجر للينابيع، ما تزال تلك الكميات في أغلبها تذهب سدى، ومن دون استثمارها بالحصاد المائي الأمثل، سواء من خلال حفر الآبار وتمويلها، أو بإنشاء السدود على عدة أودية دائمة الجريان في المحافظة.

اضافة اعلان


أمطار غزيرة شهدتها المحافظة خلال الأيام الثلاثة الماضية، تجاوزت نسبتها 70 % من المعدل التراكمي السنوي في بعض المناطق، والذي يصل إلى 600 ملم، بل ويتجاوز ذلك أحيانا كثيرة ليصل إلى 800 ملم، في وقت تزداد مطالبات مزارعين على أهمية تجميع تلك الكميات عبر عملية التوسع بإنشاء السدود والبرك والحفائر والآبار، وسط تأكيدهم أن حصادها يعني اكتفاء المحافظة طيلة العام، وخلال الصيف، بالمياه لأغراض الزراعة والشرب، بحيث تستغل للشرب عبر إيجاد مضخات تحلية على السدود، وللري والزراعة وإحياء مساحات زراعية شاسعة ما تزال مهملة، وإنعاش الزراعات البعلية صيفا.


وأشاروا إلى وجود عدة أودية ما تزال بلا سدود، كأودية راجب وحلاوة وعرجان، والتي تغذيها عشرات العيون السطحية وتبقيها دائمة الجريان طيلة العام، مؤكدين أن الدعم الرسمي للحصاد المائي بالتوسع بإنشاء السدود وعمل الآبار والبرك وتجويد أقنية الري ما يزال محدودا، ويحتاج إلى خطوات جادة وجريئة للتغلب على نقص المياه محليا.


ويدعو الباحث محمود الشريدة الجهات المعنية إلى شمول أودية المحافظة بعمل الدراسات لإنشاء سدود جديدة، على غرار سد كفرنجة، وذلك على أودية راجب وحلاوة وعرجان، خصوصا وأنها تعد من الأودية دائمة الجريان، مؤكدا أن مثل هذه السدود باتت أمرا ضروريا في ظل الفقر المائي الذي تعانيه المحافظة، لافتا إلى آثارها الإيجابية في التنمية الزراعية والسياحية.


يذكر أن وزارة المياه والري أكدت في وقت سابق أن الوزارة تمضي قدما باستكمال تنفيذ عدد من السدود والحفائر للوصول الى طاقة تخزينية رئيسية في السدود تصل الى (400) مليون م3 بحلول العام 2025، وذلك ضمن استراتيجيتها للحصاد المائي من خلال تطوير وزيادة منظومة السدود والحفائر التي تعمل على تطوير الواقع المعيشي والبيئي وايجاد فرص عمل من خلال تنفيذ مشاريع ريادية زراعية والتربية الحيوانية وتسهم في تنمية الزراعة والاقتصاد الوطني وزيادة كميات التخزين المائي والمحافظة على المياه الجوفية وايجاد فرص استثمارية في مناطق مختلفة من المملكة، إضافة إلى تعزيز منعة قطاع المياه في وجه التغييرات المناخية التي شهدناها خلال العقود الماضية والحد من التصحر ومواجهة الظروف التي يواجهها الأردن من استنزاف للموارد.


ويقول المزارع حسن أبو علي إنه ورغم أن معدلات الأمطار في المحافظة، تتجاوز في معظم المواسم المطرية معدلاتها العامة والبالغة 600 ملم، وقد تزيد في بعض المواسم على 800 ملم، إلا أنه لا يستفاد منها بالشكل الكافي، وتبقى معاناة المزارعين حاضرة، فهم يعانون من صعوبة ري زراعاتهم مع قدوم الصيف، وزيادة الطلب على مياه الري، مؤكدا أنه وعبر تجاربهم السابقة، فإن معدل تساقط الأمطار السنوي المرتفع في المحافظة، لم يمنع من حدوث أزمات توفير مياه، يعاني منها مزارعون لري أشجارهم صيفا في ظل غياب مشاريع الحصاد المائي، ما يترك مساحات زراعية واسعة دون استغلال. 


ويقول محمد العنانبة إن المحافظة تعد الأفقر مائيا، سواء أكان في مياه الشرب أو الري، ما يتطلب مضاعفة دعم الحكومة والجهات المانحة لتوفير مشاريع حصاد مائي، لتسهم بزيادة المساحات المروية التي أصبحت هي الأخرى تعاني العطش وجفاف الأشجار، والتوسع بإنشاء السدود على أودية راجب وحلاوة وعرجان التي تغذيها عشرات عيون المياه السطحية، وإنشاء أقنية جديدة وزيادة دعم المزارعين لعمل البرك والآبار.


ويشاطره الرأي المزارع أحمد الخطاطبة، مؤكدا أن المعاناة تشتد صيفا مع تراجع جريان المياه في الأودية وتراجع طاقة العيون السطحية، ما يتفاقم مع ندرة ومحدودية وسائل الحصاد المائي، كحفر الآبار والحفائر الترابية وإنشاء البرك وبناء الخزانات، إذ تعاني من محدودية وضعف وسائل الحصاد المائي لدى المزارع العجلوني، لغياب الإمكانات الذاتية، ومحدودية وغياب الدعم الرسمي الكافي، ما يضطر مزارعين لشراء صهريج مياه، وتحمل كلف باهظة لضمان نقل المياه من العيون والأودية خلال الصيف إلى مزارعهم لري الأشجار صيفا، مؤكدا أن المسؤولية تقع على عاتق الجهات الداعمة والمانحة للقروض والمنح لتوفير المخصصات الكافية للمزارعين، لإقامة مشاريع مائية على شكل سدود كبيرة أو سدود ترابية، أو حتى على شكل حفر لاستغلالها لتجميع المياه، بحيث يلجأ إليها المزارعون لري محاصيلهم صيفا. 


وتؤكد دراسات سابقة لهيئة الاستثمار بأن المساحة غير المستغلة زراعيا في المحافظة تبلغ 53 % من أصل 27 % من مساحة المحافظة الكلية الصالحة للزراعة، برغم أن المحافظة تحظى بميزات مناخية جيدة، وطابع زراعي وأعلى معدلات هطل مطري، ما يجعلها ذات تنوع زراعي، يشتمل على التفاحيات واللوزيات والزيتون والعنب والتين وأنواع كثيرة من الفواكه.


كما تشير الأرقام الرسمية في مديرية زراعة المحافظة، أن المساحات المستغلة زراعيا في المحافظة لا تشكل سوى زهاء 100 ألف دونم، مقابل زهاء 150 ألف دونم غير مستغلة، رغم قابليتها للزراعة، فيما تبلغ نسبة الاراضي الوعرة والصخرية غير المستغلة زراعيا في المحافظة، برغم صلاحيتها للزراعة، زهاء 40 % من مساحة الاراضي الزراعية، ويعزى ذلك إلى صعوبة تضاريس المنطقة، وارتفاع كلف إصلاحها وشيوع الملكية.


وقال المزارع محمد فريحات إن كميات الأمطار الكبيرة التي تشهدها المحافظة تنعكس آثارها الإيجابية على أنواع عديدة من الزراعات، إلا أن معاناتهم تبقى خلال أشهر الصيف مع تراجع طاقة وادي راجب، وبالتالي تراجع طاقة الأقنية المنتشرة عليه وحصص المزارعين المائية، ما يستدعي التفكير بإنشاء سد على الوادي لتجميع المياه خلال الشتاء، والتي يذهب أغلبها من دون أي حصاد لإعادة استخدامها خلال أشهر الصيف، وزيادة دعم المزارعين لعمل الآبار والحفائر والبرك.


بدوره، يؤكد مدير زراعة المحافظة المهندس رامي العدوان، أن كميات الأمطار الهاطلة حتى هذا الوقت من العام غير مسبوقة، وستساهم في إنعاش الزراعات الحقلية والرعوية ما يوفر على المزارعين أثمان الأعلاف للماشية، مبينا أن مجلس المحافظة خصص مبلغ 215 ألف دينار لتنفيذ 4 مشاريع زراعية، مؤكدا أن الحاجة ماسة لزيادة هذه المخصصات لدعم المزارعين في مجال الحصاد المائي.


ودعا المزارعين إلى استثمار الأمطار في مشاريع الحصاد المائي التي تنفذها وزارة الزراعة وتأتي على أشكال عديدة منها تقديم منح للمزارعين لإنشاء خزانات تجميع المياه، مؤكدا أهمية إنشاء سدود على أودية المحافظة.


ودعا المهندس الزراعي سامي فريحات، إلى استغلال اسطح المنازل شتاء للحصاد المائي ووضعها في الآبار المنزلية، لأنها توفر كميات كبيرة من المياه بإمكانها التقليل من كميات الضخ، وبالتالي التخفيف من آثار اختلالات الطلب والعجز المائي الذي يؤثر على القطاعات كافة. 


وطالب بزيادة حصة المحافظة من مشاريع الحصاد، نظرا لما تعانيه الأراضي الزراعية من نقص في مياه الري، بسبب تراجع منسوب المياه في الأودية، ما يهدد بجفاف المزروعات، خصوصا في الصيف، داعيا إلى استثمار مياه سد كفرنجة وجر خط منه لأغراض ري مساحات زراعية تقع بجواره.


وأكد أن كثيرا من المزارعين يعزفون عن استغلال مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة لنقص مياه الري، ما يضطر بعضهم إلى وضع صهاريج حديدية في أراضيهم وتعبئتها بعد شراء المياه عبر صهاريج نقل خاصة بأسعار مرتفعة، داعيا إلى التوسع بمشاريع الحصاد المائي. 


يذكر أن مديرية زراعة المحافظة، قدمت منحا للمزارعين قبل عدة أعوام لإنجاز زهاء 100 بئر لتجميع المياه في مناطق المحافظة المختلفة معظمها من مخصصات الوزارة، كما أعطيت منحا عن طريق مشاريع منظمة العمل الدولية لبناء 30 بئرا، بواقع 1200 دينار لكل شخص مستفيد. كما جرى حينها تخصيص 80 ألف دينار لبناء آبار لتجميع المياه واستصلاح الأراضي وإعطاء منح لبناء 70 بئر ماء في المحافظة بواقع 900 دينار لكل شخص مستفيد من هذه المنح، بالإضافة لإعطاء منح لاستصلاح أراض بواقع 100 دينار عن كل دونم يستصلح. 


يشار إلى أن المساحات الزراعية المستغلة في المحافظة تبلغ 100 ألف دونم، فيما تبلغ مساحة الأراضي الحرجية 34 % من مساحة المحافظة البالغة 419 كلم 2، بينما يوجد 82 ألف دونم مزروعة بالزيتون، و21 ألفا بالحمضيات والكرمة والفاكهة.


وسجلت المحافظة أرقاما قياسية واستثنائية بكميات الأمطار حتى الآن، بحيث وصلت إلى زهاء نصف المعدل التراكمي العام، ما فتح شهية المزارعين لتحين الفرصة للبدء بحراثة مساحاتهم الزراعية وبذر الحبوب، وغرس الأشجار المثمرة. 


وقال رئيس مجلس المحافظة عمر المومني إن مجلس المحافظة خصص للقطاع الزراعي العام الحالي مبالغ جيدة ليتم من خلالها دعم المزارعين من خلال مشاريع استصلاح الأراضي وحفر الآبار وتوفير العلاجات وأنواع من الغراس، إضافة مخصصات لتبطين وصيانة أقنية الري وخفض الفاقد منها.


ودعا المومني وزارة المياه والري إلى التفكير جديا بعمل سدود جديدة على أودية المحافظة دائمة الجريان لأهميتها في الأمن المائي، واستثمارها لأغراض الزراعية والسياحية والشرب، مطالبا الوزارة بضرورة الإسراع في انجاز مشروع محطة التحلية بمنطقة القاعدة في عنجرة والخط الناقل من سد كفرنجة لتجاوز مشكلة مياه الشرب في المحافظة خلال أشهر الصيف.

 

اقرأ أيضا:

أول منخفض بالمربعانية يرفع المعدل المطري وعجلون الأعلى هطولا