"عنكبوتية" المخدرات (2-2)!

في الجزء الأول من مقال «عنكبوتية» المُخدرات، تم تسليط الضوء على عدة محاور، تتعلق بضرورة الاعتراف بوجود «المُشكلة»، والتوعية، ومراكز العلاج من الإدمان وما تُقدمه من برامج علاجية، والرعاية اللاحقة، والانتكاسة (الرجوع إلى الإدمان بعد العلاج).

اضافة اعلان


سأحاول في الجزء الثاني، التطرق إلى خطوط التشبيك والمحاور الرئيسة التي تتعلق بخطر المُخدرات، والتركيز على معلومات في غاية الأهمية والخطورة في الوقت نفسه، فـ»خطورتها» تكمن بأنها قد تؤول على غير ما هو المقصود منها، أو تُحرف عن هدفها الذي وجدت من أجله، أو حقيقتها العلمية والطبية.


من أولى المعلومات التي تُعد خطرة، ولا يعرفها الكثير من أبناء الوطن، وفي حال كان البعض يمتلك معلومات حولها، فإنهم لا يُعيرونها أي انتباه، ويمرون عليها مرور الكرام، تلك التي تتعلق بمادة الحشيش نفسها، أو ما يُطلق عليها «الماريجوانا»، والتي تُعد البداية لكُل مُدمن.. وهذه قاعدة بلا استثناء، فالدراسات تؤكد أن كُل مُدمني المُخدرات، كانت بداياتهم مع هذه المادة.


الحشيش أو «الماريجوانا»، هي مادة مُهيجة وإذا زادت على الحد، أو دخلت بها مواد كيميائية، تُصبح ماد مُهلوسة.. وللأسف فإن الكثيرين يعتبرونها أخف ضررًا من الدخان والأرجيلة. وهُنا تبدأ المُصيبة، فعندما يصل الشخص إلى قناعة بأنها أخف ضررًا من الدخان، قد يلجأ إليها، للوصول إلى ما يُسمى بـ»النشوة».


المعلومة الثانية الخطرة، تتعلق بحجم المُخدرات، بأنواعها المُختلفة، التي يتم ضبطها، وتلك التي «تنفد»، فعلى الرغم من أن الأجهزة الأمنية المعنية، تقوم بواجبها على أكمل وجه، إذ تضبط 63 قضية يوميًا، إلا أن أرقامها تبقى مجهولة نوعًا ما، خصوصًا إذا ما علمنا بأن أكثر الدول تقدمًا وتمتلك أحدث أجهزة «المُكافحة» عالميًا، لا تُسيطر إلا على 15 بالمائة من المُخدرات الداخلة إلى البلاد، وهذا ما أكده مُدير مركز سواعد التغيير، الخبير عبدالله حناتلة، بناء على أرقام مراكز الدراسات والأبحاث.


المعلومة الثالثة، ذات شقين؛ الأول أن نسبة الشفاء من الإدمان على مادة الهيروين، على سبيل المثال، لا تتعدى 2 بالمائة في أفضل الحالات، وللقارئ أن يتخيل حجم الأضرار التي ستلحق بالفرد المُتعاطي، وكم هي خسارة البلد، أكانت مادية أم معنوية، جراء ذلك.. فالمواد المُخدرة إما أن تعمل على تدمير خلايا الدماغ والأعصاب، بعضها لا يعود أبدًا، على عكس الخلايا الأُخرى في الجسم، حيث يستطيع بناءها من جديد كالجلد، وإما أن تُدمر الجهاز التنفسي.


أما الشق الثاني، وهو الأكثر «رُعبًا»، فيتمثل بما يُسمى بالجرعة الزائدة، فعندما يتعاطى الشخص، مثلًا، غرامًا واحدًا من الهيروين، ثم يُقلع عن ذلك بهدف العلاج أو القبض عليه، ويعود ويتناول الكمية نفسها، فذلك يُعد جرعة زائدة، وتؤدي به إلى الوفاة، وهذا ما يؤكده خُبراء ودراسات.. كُلي أمل ألا أُتهم بأني أُروج لتلك المواد، فهذه المعلومة علمية.


تلك الفئة، ينطبق على أصحابها، مُصطلح «الحُفرة»، والتي تشتمل على ثلاث مراحل، أولاها أن الشخص يبدأ بالتجريب، والثانية يبدأ بالاستعراض (العرض)، والثالثة يُصبح الشخص مُنتظمًا على ممارسة ذلك.


المعلومة الرابعة، تشتمل على سلبية وإيجابية، أما السلبية فتتمثل بأن 85 بالمائة من مُستخدمي المُخدرات، لا يعرفون أخطارها وأضرارها، ولا يعرفون أنها مواد مُخدرة، بينما الإيجابية هي أن 50 بالمائة من هؤلاء يقلعون عنها، عندما يعلمون بأنها مواد مُخدرة.. للمُتابع أن يتخيل كم هو حجم التقصير التوعوي بشأن ذلك.


المعلومة الخامسة، تتعلق بمجموعة عوامل لاستخدام المُخدرات، بدءًا بالشخص نفسه (الفرد)، فالأُسرة التي تُمثل الإطار الاجتماعي، ثم المُجتمع (الإطار المُجتمعي)، مرورًا بمؤسسات الدولة المعنية (الإطار المؤسساتي)، انتهاء بالقوانين والسياسات والأنظمة، المعمول بها.


كُل ذلك يتطلب وجود استراتيجيات، تعمل على الحد من عرض المواد المُخدرة، أو بمعنى أدق منعها، قدر المُستطاع، وكذلك الحد من الطلب، وهي مسؤولية نصيب الأسد منها يقع على عاتق الحُكومة، وإن كان الجميع، أكانوا أفرادًا أم أُسرة أم مُجتمعًا أم مؤسسات مُجتمع مدني، مُطالبًا بذلك أيضًا.


فالأهم هو بناء الفرد، ومن ثم الأُسرة، فالمُجتمع، وكذلك مؤسسات الدولة كافة.. وذلك يكون مُرتبطًا، بشكل وثيق، مع وجود قوانين رادعة قابلة للتطبيق على أرض الواقع.. بمعنى أن يتم مُعالجتها ضمن منظومة مُتكاملة.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا