"عنكبوتية" المخدرات (2-1)!

قيل منذ القدم، عندما تعرف الداء، فإن الدواء يكون سهلًا جدًا، أو تكون قد قطعت أكثر من 70 إلى 80 بالمائة من رحلة العلاج.. وذلك ينطبق تمامًا على المشكلات أو المعيقات أو الأزمات، التي تمر بها الدول، إذ يتوجب على الجهات المعنية الاعتراف بوجود مشكلة ما، وبالتالي البحث عن حلول للقضاء عليها، أو على الأقل التخفيف من حدة مخاطرها وسلبياتها.

اضافة اعلان


لا توجد، حتى كتابة هذه السطور، دراسات دقيقة حول أرقام المُخدرات، وأعداد متعاطيها ومروجيها وتجارها، وأولئك الذين يخضعون إلى العلاج من الإدمان.. على الرغم مما تبذله القوات المسلحة الأرنية- الجيش العربي، والأجهزة الأمنية المعنية، من جهود مضنية، مواصلة الليل بالنهار، من أجل القضاء على شبكات تهريب المخدرات.


يتوجب على الجميع، أكانوا أفرادًا أم مؤسسات، الاعتراف بوجود خطر المخدرات، وتشابكاتها، والتفرعات الناتجة عنها، التي من الجائز أن نطلق عليها «عنكبوتية» المخدرات.. وذلك ما سلطت عليه الضوء ورشة عمل نظمها مركز سواعد التغيير لتمكين المجتمع، الذي استضاف خبيرين أمنيين سابقين لتسليط الضوء على عدة قضايا مرتبطة بشكل وثيق مع تلك الآفة.


النقطة الأولى، هي قلة مراكز علاج الإدمان في الأردن، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة إنشاء مراكز علاج أكثر، والموجود منها لا يعتمد على منهجيات علمية وعملية للعلاج، فضلًا عن أن برامج العلاج غير ناجعة على الإطلاق.. وللعلم، فإن أفضل مراكز علاج المدمنين تنجح، وللأسف، بعلاج نحو 15 بالمائة فقط.


النقطة الثانية تتمحور حول محور الرعاية اللاحقة، الأمر الذي يعني ضرورة متابعة المريض (المدمن) بعيد خروجه من مراكز العلاج، على أكثر من مجال.. وللأسف هذا غير مطبق في الأردن 100 %، على الرغم من أهميته في إنجاح عملية العلاج.


متابعة المريض، تتطلب تنظيم زيارات إلى منزل أُسرته، والجلوس مع أفرادها، وتقديم شرح واف لهم حول الطريقة أو الآلية الأفضل والأصح للتعامل مع المريض «المعافى» من الإدمان. كما تعني توفير فرصة عمل للشخص، حتى لا يؤثر عليه الفراغ بشكل سلبي، ما يجعله يفكر أو «يحن» لإعادة التجربة.. وفي حال لم يكن هناك استطاعة لتوفير تلك الفرصة، يتوجب تأمين مبلغ مالي له، من خلال وزارة التنمية الاجتماعية، أو ما شابه ذلك.


النقطة الثالثة، تركز على محور الانتكاسة، والتي تعني رجوع المريض (المعافى) إلى الإدمان، وهذا بحد ذاته خطر جدا، فرجوع المريض إلى الإدمان، يعني فشل الكثير من البرامج، أو أنها غير ذات جدوى، فضلًا عن أن الشخص نفسه، يصبح أكثر خطورة، وعرضة للأمراض المختلفة.


ما يجب التركيز عليه، من قبل الفرد نفسه أو أسرته أو الجهات المعنية، هو عدم عودة المريض إلى الإدمان، وتسليط الضوء على أسباب الرجوع إلى الإدمان بعيد العلاج.


يقف على رأس تلك الأسباب، الوحدة والعزلة، التي تدفع الشخص لإعادة «الكرة» مرة ثانية، ما يتطلب من أفراد أسرته عدم تركه وحيدًا لفترات طويلة، قد تجعله يفكر بأمور لا تحمد عقباها. السبب الثاني يتمثل باختبار الذات، وهذا بحد ذاته يحتاج إلى برنامج منهجي وعلمي وآلية للتعامل معه، فالمريض «المعافى» يريد أن يثبت لنفسه ولمن حوله، بأنه قادر على هزيمة الإدمان، فليجأ إلى التجربة من جديد، وهنا يقع بالخطر من جديد.


أما السبب الثالث، فيتعلق بالذهاب إلى أماكن التعاطي مرة أخرى، إذ يقنع نفسه بأنه يستطيع الذهاب إلى تلك الأماكن، وقادر على عدم خوض التجربة من جديد.

 

ويبقى السبب الرابع، والذي يرتبط بمحيط الشخص (أسرته)، فعلى سبيل المثال؛ المشاكل الأسرية قد تكون سببًا رئيسًا في عودة المريض إلى التعاطي، أو نعته من قبل أحد أفراد الأسرة بصفات من قبيل «مدمن»، أو «شمام»، أو ما إلى ذلك.. كل ذلك يجعل من الشخص عرضة للعودة إلى التعاطي.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا