غزة.. ثلاثة خيارات أحلاها مُر!

ما يحدث في قطاع غزة منذ 25 يومًا، من قتل وتشريد وتدمير وإبادة، حيث يُقطع عنها الماء والكهرباء والوقود والمُساعدات الغذائية والدوائية، ومن قبل ذلك حصارها منذ العام 2005، يوحي بأن الكيان الصهيوني، مدعومًا من دول الغرب، بقيادة الولايات المُتحدة الأميركية، ماض في خطط وضعت على مهل وبكُل ترو، ومنذ أعوام.

اضافة اعلان


يتبين لنا، مما يُشاهد على الأرض، بأن هُناك ثلاثة خيارات، تنتظر قطاع غزة وأهلها، البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة، أحلاها مُرٌّ، إن لم يكن علقمًا، أولها تهجير أو «ترانسفير»، وثانيها توسع دولة الاحتلال من جديد في غزة، وثالثها إقامة أو إنشاء تحالف دولي ضد حركة المُقاومة الفلسطينية «حماس».


الخيار الأول، وإن خفت حدته وتسليط الضوء عليه، أو الحديث حوله، إلا أنه يبقى قائمًا وبقوة.. وعلى الرغم من الأردن ومصر، أكدتا وبشكل حازم أن ذلك مرفوض تمامًا، إلا أنه يبقى هدفًا رئيسًا لآلة البطش الصهيونية، التي تُكثف قصفها الجوي بلا رحمة، وبشكل غير مسبوق، فضلًا عن القصف المدفعي، أكان من البحر أم البر، وما يزال العدو الإسرائيلي، حتى الآن، يفرض عُزلة تامة على غزة، وتقطيعها، وبالتالي تحضير الأرض، لتنفيذ اجتياح بري كامل، أو مجزأ.

 

الخيار الثاني، يتعلق بسعي الاحتلال مرة أُخرى لاقتطاع أراض أو مساحات، ليست قليلة، من أراضي القطاع، بمعنى احتلال أراض جديدة، للعمل قدر المُستطاع على إضعاف القدرة العسكرية للمُقاومة الفلسطينية، بقيادة «حماس»، إلى أبعد نقطة، وبالتالي ضمان عدم وصول هجماتها أو صواريخها إلى المُستوطنات المُغتصبة.. بمعنى إبعاد نيران المُقاومة عن أراضيها وساكنها المُحتل.


أما الخيار الثالث، عرابه وصاحبه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي جال عدة دول من أجل نجاحه والترويج له، فلا يقل خطورة عن سابقيه، فهو يتمثل بتشكيل تحالف دولي ضد حركة حماس، على غرار التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، والذي تشكل في أيلول 2014.


التحالف ضد «حماس»، رفضه الأردن جملة وتفصيلًا، وبشكل قاطع. فخطورته تكمن في أنه يُساوي ما بين «داعش» الإرهابي، والذي لا ينتمي لأي دين أو إنسانية أو أخلاق، وبين حركة المُقاومة.. فالأخيرة، بمُختلف فصائلها، تُدافع عن أرض مسلوبة، أو ستُسلب، وضد احتلال «لا يرقب إلّاً ولا ذمّة»، في أطفال أو شيوخ أو نساء ثكالى، فعدوانه الهمجي الوحشي، يُشاهده الجميع، مُباشرة عبر الفضائيات ووسائل الإعلام المُختلفة.


كما أن هذا الخيار، الذي أهم سماته بأنه طويل النفس، أو يعتمد خطة طويلة الأمد، تكمن خطورته أيضًا في إنهاء أو تصفية حركة حماس، لا بل والمُقاومة الفلسطينية كُلها، وبالتالي تعبيد الأرض، وتهيئة العالم أجمع، لتحقيق الهدف الأول، والذي يتمثل بالخيار الأول (التهجير).


نأمل من جميع الدول، وخصوصًا الشقيقة التي تشترك مع الفلسطينيين في الدم واللغة والعرق، أن تتخذ موقفًا واضحًا لا لُبس فيه، على غرار موقف الأردن، الرافض له.. فأهدافه واضحة معلومة لدى الجميع.


فالخيارات الثلاثة، كُلها تصب في مصلحة الصهاينة والغرب ومشروعهم الجديد القديم، فجميعها تهدف إما لإجبار أهل غزة على الهجرة إلى سيناء، وإن لم ينجح هذا الخيار، وبإذن الله جل في علاه لن ينجح، ثم بصمود الفلسطينيين، فقد يكون هُناك شكل سياسي جديد، من خلال إدخال قوات دولية، على غرار، قوة الأُمم المُتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، وقد يكون بمُشاركة دول عربية، ثم تدمير قوة المُقاومة، بقيادة «حماس».


وفي حال النجاح، لا قدر الله، فإنه من الحتمية أن يكون هناك ساحات جديدة لذلك المشروع الطامع!.. ذلك كُله يتطلب موقفًا عربيًا موحدًا، على قلب رجل واحد، فالمصائب والنيران التي تنتظر المنطقة، لن يسلم منها أحد، ولا تُحمد عقباها.. الأمر الذي يؤكد دعم الفلسطينيين، أكانوا في الضفة الغربية أم قطاع غزة، معنويًا وماديًا، فالصمت الآن مُشابه لذلك الصمت قُبيل احتلال العراق.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا