البحر الميت.. هل يتحقق "التنزه النظيف" في مناطق سياحية غير مخدومة؟

أحد اماكن التنزه على شاطئ البحر الميت حيث يشهد القاء للنفايات بشكل عشوائي-(الغد)
أحد اماكن التنزه على شاطئ البحر الميت حيث يشهد القاء للنفايات بشكل عشوائي-(الغد)
الأغوار الوسطى –  تعد مناطق الأغوار الوسطى والبحر الميت القبلة الأولى للسياحة الداخلية مع ما تتميز به من مقومات فريدة، حيث تعود للواجهة مع بدء كل موسم سياحي، ظاهرة الإلقاء العشوائي للنفايات، لتشكل تحديا للنظام البيئي، وعامل طرد للسياحة بعد أن تتحول بعض الأماكن إلى شبه مكبات للنفايات.  اضافة اعلان
الأجواء الدافئة والبساط الأخضر بجماله الخلاب وتنوع المعالم السياحية تدفع عشرات الآلاف من المتنزهين أسبوعيا لارتياد المنطقة، منهم من يهوى التنعم بالطبيعة بين المزارع وعلى جوانب الطرقات ومنهم من يقصد شواطئ البحر الميت والسدود والمسطحات المائية، إلا أن المشكلة تكمن في أن بعض المناطق التي تستقطب الكثير من المتنزهين وتقع خارج مسؤولية الجهات المعنية بالحفاظ على النظافة، كالبلديات وهيئة المناطق التنموية، تتعرض طوال الموسم لتحديات بيئية تتطلب جهودا جماعية من أجل الحد منها.
ويرى معنيون أن مشكلة النفايات المنتشرة في مناطق الجذب السياحي تخلق انطباعا سلبيا لدى الزوار، في حين يتناسى الكثيرون أهمية الوعي بضرورة المحافظة على نظافة المكان وما يقع على عاتق الزائر من واجب أخلاقي وبيئي.
يقول الرئيس التنفيذي لجمعية أصدقاء البحر الميت زيد السوالقة "رغم الجهود التي تبذلها الجهات الرسمية والتطوعية للحفاظ على نظافة أماكن الجذب السياحي، إلا أنه لم يتم إلى الآن إيجاد حلول جذرية ما أحالها إلى ظاهرة مستمرة"، مضيفا "للاسف فإن ظهور مواقع جذب جديدة يفاقم من حجم المشكلة خاصة في ظل غياب الآليات المشجعة لجمع النفايات كوجود الحاويات في الأماكن التي تقع خارج نطاق مسؤولية الجهات الرسمية".
ويرى أنه "لا وجه مقارنة بين الأماكن المخدومة التي يتم فيها جمع النفايات يوميا وبين الأماكن الأخرى كجوانب الطرق الرئيسة والفرعية والسدود والمزارع وغيرها من الأماكن التي لا تتبع تنظيميا لأي جهة معينة"، مؤكدا أن "بعض هذه المناطق رغم تنظيفها من خلال الحملات التطوعية، إلا أنها باتت تمثل بؤرا ساخنة تمتلىء بمخلفات المتنزهين خلال الموسم السياحي".
ويشدد السوالقة على ضرورة معالجة البؤر التي تشكل ضررا بيئيا كبيرا وتشويها لمناطق الجذب السياحي، إذ إن غض النظر عنها يكون له آثار سلبية على النشاط السياحي والواقع التنموي في أحد أهم مناطق التنزه في المملكة، مؤكدا على أهمية نشر ثقافة الوعي لدى المواطن والدفع باتجاه أن تصبح سلوكا يطبقه الزائر في مكان التنزه كما يطبقه في بيته.
وتشير رئيسة جمعية التعاون الخيرية كوثر العدوان "إننا في المنطقة نعاني كثيرا من  انتشار مخلفات التنزه"، لافتة إلى أن "الوضع يتفاقم كل عام مع بدء الموسم السياحي الشتوي ووفود الآلاف من المتنزهين إلى المنطقة".
وتبين أن "مؤسسات المجتمع المدني تقوم عادة بحملات نظافة  ضمن منطقته، إلا أنها تعود كما كانت عليه بعد أسابيع"، لافتة إلى أن "معالجة هذه الظاهرة يحتاج إلى تكاتف جهود الجميع وبمختلف الاتجاهات بما في ذلك تحفيز السياح والمتنزهين على الحفاظ على النظافة من خلال إيجاد الأدوات اللازمة لذلك وتشديد الرقابة على مواقع التنزه واتخاذ العقوبات المناسبة بحق المخالفات البيئية بما في ذلك الطرح العشوائي للأنقاض والمخلفات التي تشوه المظهر العام للمنطقة".
ويبين عدد من السكان أن الجهود المبذولة للحفاظ على نظافة مناطق التنزه لا ترقى إلى حجم المسؤولية، إذ إنها أي الجهود غالبا ما تكون على نظام "الفزعة" من خلال حملات نظافة تقوم بها الجمعيات والمدارس والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني بمبادرات فردية أو جماعية، وغالبا ما تكون على فترات متباعدة، مؤكدين أن المطلوب هو تحمل جهة معينة مسؤولية الحفاظ على نظافة هذه الأماكن وتوفير الأدوات اللازمة لذلك ورفع الوعي المجتمعي حول أهمية الحفاظ على النظافة بشكل عام وفي أماكن التنزه بشكل خاص.
من جانبه، يؤكد مدير بيئة وادي الأردن المهندس محمد الصقور أن المديرية تولي قضية النفايات أهمية قصوى خاصة مع بدء موسم التنزه في الأغوار، لافتا إلى أن المديرية تبذل جهودا كبيرة بالتعاون مع الإدارة الملكية لحماية البيئة لبث الوعي بين المتنزهين للمحافظة على الأماكن التي يرتادونها والمحافظة عليها من خلال حملات توعوية وتثقيفية حول أضرار الإلقاء العشوائي للنفايات على النظام البيئي، إضافة الى وضع اللوحات الإرشادية في مناطق التنزه، فضلا عن إيقاع المخالفات بحق المخالفين.
ولفت إلى أن الحفاظ على نظافة المنطقة مسؤولية تشاركية يتحملها المواطن قبل الجهات المعنية، إذ إن العامل الحاسم للتغلب على هذه الظاهرة هو إيجاد وعي وسلوك بيئي لدى أفراد المجتمع بالمحافظة على أماكن التنزه للوصول إلى الهدف الأسمى وهو إعطاء صورة مشرقة لهذه الأماكن والنهوض بها لاستقطاب عدد أكبر من السياح والمتنزهين.
ويوضح أن قلة الوعي وغياب الثقافة المجتمعية تشكل تحديا أمام الجهات المعنية بالحفاظ على نظافة المنطقة، خاصة وأن استمرار الظاهرة يتسبب بمشاكل بيئية أخرى كانتشار الحشارت الضارة، ناهيك عن آثارها على التنوع الحيوي في المنطقة.
ويلفت الصقور إلى أن انتشار النفايات في المواقع السياحية الطبيعية يفسد المتعة التي أتوا من أجلها وتصبح عامل طرد بدلا من الجذب، مؤكدا أن الوزارة قامت عدة مرات بحملات نظافة للمناطق السياحية كطريق البحر الميت والشواطئ ومنطقة الزراعة ومنطقة وادي شعيب، إلا أنها سرعان ما تعود إلى سابق عهدها، مشددا على ضرورة توفير الأدوات اللازمة لتشجيع المتنزهين على تغيير سلوكهم في المحافظة على أماكن جلوسهم وتركها نظيفة.