بطولة الأندية العربية تكشف عن خلل متأصل في "الطائرة" الأردنية

من لقاء شباب الحسين وقطر القطري في بطولة الأندية العربية -(تصوير: أمجد الطويل)
من لقاء شباب الحسين وقطر القطري في بطولة الأندية العربية -(تصوير: أمجد الطويل)

كشفت بطولة الأندية العربية للكرة الطائرة، في نسختها الثانية والأربعين التي أسدل الستار على منافساتها عند ساعة متأخرة أمس، عن فجوة كبيرة بالمستوى الفني بين الفرق المحلية ونظيراتها العربية.

اضافة اعلان


وحل بطل الثلاثية المحلية شباب الحسين في المركز العاشر، فيما جاء وصيف الدوري وكأس الأردن عيرا بالمركز 12 والأخير على سلم ترتيب البطولة، التي اتضح بطلها وصيفها عند ساعة متأخرة من الليلة  الماضية، عبر المباراة النهائية بين السويحلي الليبي وقطر القطري كأس البطولة.


هذه المنافسات، أثبتت أن "الطائرة" الأردنية تعاني فنيا وبشكل لا خلاف عليه، علما أن أفضل النتائج الأردنية في هذه البطولة، تمثلت في حلول الوحدات رابعا خلال سبعينيات القرن الماضي، وشباب الحسين خامسا العام 1993.


جاءت مشاركة فريقي شباب الحسين وعيرا بأرقام خجولة، سواء في مباريات الدور الأول، أو في مباريات تحديد المراكز من 9 إلى 12؛ حيث أنهى شباب الحسين الدور الأول بالمركز الأخير في مجموعته الأولى، برصيد خال من النقاط، حين خسر في 5 مباريات بنتيجة 0-3، ولم يسجل الفوز في أي شوط، وله من النقاط 297 وعليه 376 نقطة، واستمر حاله في مباريات تحديد المراكز، وإن فاز على مواطنه عيرا وسجل فوزه الأول بالبطولة بنتيجة 3-0، وزاد على 75 نقطة، وعليه 15 نقطة، إلا أن هذا الفوز لم يشف غليلا بعدما خسر الفريق أمام مصافي الشمال بنتيجة 0-3، في مباراة تحديد المركزين التاسع والعاشر، بواقع 22-25، 22-25، و17-25.


لم يكن عيرا أحسن حالا من مواطنه، رغم استفادته من الفوز الإداري بعد قبول اعتراضه أمام مصافي الشمال العراقي، وفاز بنتيجة 3-0 بواقع 25-0، 25-0، و25-0، وهو ما قدمه إلى المركز الخامس في مجموعته الثانية، حيث تعرض للخسارة في 4 مباريات، ولم يفز بأي شوط، وجمع 3 نقاط، وله من النقاط  279 نقطة وعليه 302 نقطة، وواصل مسلسل خساراته في مباريات تحديد المراكز، عندما خسر أمام مواطنه شباب الحسين 0-3، بواقع 19-25، 18-25، و14-25، وكذلك أمام النجمة البحريني في تحديد المركزين 11 و12، بنتيجة 0-3، بواقع 23-25، 16-25، و23-25، مسدلا الستار على مشاركة للنسيان.


وشرح المدير الفني للمنتخبات الوطنية هيثم الوسلاتي، الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج والمستوى الهابط للفريقين، شارحا: "يجب الفصل بين مسؤولية اتحاد الكرة الطائرة ومسؤولية الأندية، حيث اصطدم شباب الحسين وعيرا بحواجز فنية كثيرة، منها غياب الاحتكاك، ما انعكس ذهنيا وبدنيا وفنيا، بعكس الفرق العربية القادمة من دوريات بلادها، وبعد خوض مباريات احتكاكية ودية ورسمية، فمثلا السويحلي الليبي قادم من 5 معسكرات، وخاض العديد من المباريات المحلية، والمشاركات الإفريقية القوية".


وتابع: "لكن خلاف ذلك، انطلقت استعدادات شباب الحسين وعيرا قبل أشهر معدودة من انطلاق المنافسات العربية، وإن كان شباب الحسين عائدا من بطولة غرب آسيا بنتائج ليست ضمن الطموح، ولم يخض الفريقان مباريات ودية كافية، ولا مباريات رسمية احتكاكية، لأن المسابقات المحلية غير قائمة، فعانيا من عدم الجاهزية البدنية والفنية، وإلا كيف تفسر الإصابات التي حاصرت فريق عيرا، وتجاوزت خمس إصابات بما فيها المحترف، وغاب عن اللاعبين الانسجام والتجانس".


ولفت الوسلاتي إلى الفوارق المالية والإمكانات والتخطيط بين الأندية المحلية والعربية، شارحا: "لعبت الفوارق المالية والإمكانات دورا بازرا في وضوح الفجوة بين فرقنا المحلية والعربية، وكذلك حاجتنا إلى البنية التحتية، ولعل الأندية والمنتخبات الوطنية التي سافرت إلى الخارج لاحظت الفوارق، فضخ المال يساعد الأندية على جلب المحترفين، واستمرارية التدريب على مدار الموسم، وتفوقت الأندية العربية في هذا الجانب، وجلب أحد الأندية العربية محترفين بقيمة إلى 370 ألف دولار أميركي، وتعاقدت معهم لموسم كامل يصل إلى 6 أشهر".


وعن سوء التخطيط، قال الوسلاتي: "أغلب الدول العربية، إن لم يكن جميعها، تتبع في تخطيطها واستراتيجية اعتماد المسابقات في بلدانها، أجندة الاتحاد الدولي، بحيث تنطلق المسابقات من تشرين الأول (أكتوبر) أو تشرين الثاني (نوفمبر) على أبعد تقدير، وتنتهي في أيار (مايو) أو حزيران (يونيو)، بخلاف أجندتنا المحلية التي تنطلق بطولتها في أيار (مايو) المقبل، وإن تأخر الدوري في الموسم الحالي إلى تشرين الأول (أكتوبر) بسبب استضافات بطولات عربية وقارية، وكان نائب رئيسة الاتحاد جهاد قطيشات، قد اقترح تغيير أجندة المسابقات خلال اجتماع أندية الدوري الممتاز مؤخرا، إلا أن شباب الحسين وجده وافق فقط، وعارضت الأندية الأخرى الاقتراح، والسبب يعود إلى الضائقة المالية".


من جانبه، حمل المدرب السابق في الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية والمدير الفني للوحدات رائد الحمود، اتحاد الكرة الطائرة وناديي شباب الحسين وعيرا مسؤولية الرسوب في الاختبار "العربي"، قائلا: "أعتبر مسؤولية إخفاق شباب الحسين وعيرا في المنافسات العربية، مسؤولية جماعية، وإن كان هناك بصيص الأمل بعودة الطائرة الأردنية للتحليق عربيا على مستوى الرجال، خصوصا في ظل خطوات التطوير الملموسة لمجلس إدارة الاتحاد، واستقطاب راع على مستوى كبير للعبة، وصدور التصريحات بتخصيص جزء كبير من صفقة الرعاية للأندية، إلا أننا لم نر النتائج التي تغير من واقع الأندية وتحاصر أزماتها المالية بعد".


وتابع: "لعل مسؤولية الاتحاد والتي تنعطف على إدارات سابقة، تتلخص بضعف الموارد المالية، وهو ما ينسحب على الأندية التي دفعت إداراتها إلى تهميش اللعبة، ولم تجتهد الأندية في استقطاب الرعاة وتغطية تكاليف نشاط الكرة الطائرة لجميع الفئات، فجاءت التجمعات في أشهر معدودة بسبب الضائقة المالية، وأنديتنا لم تتجمع منذ انتهاء موسمنا الماضي في تشرين الثاني (نوفمبر)، وستتجمع قبل أول بطولة بشهرين ومنها بشهر واحد، وستتعاقد مع محترفين لأشهر قليلة بحفنة دولارات".


وأردف قائلا: "نشاط الكرة الطائرة متوقف منذ أشهر عدة، وفي الوحدات خرجنا بلاعبين شباب من منافسات الموسم الماضي، كان لي خطة في تطوير مستوياتهم، لكنها لم تلق القبول، بل إن أغلبهم لم يحصلوا على مستحقاتهم المالية منذ الموسم الماضي، فكيف سنحافظ على موهبتهم وحتى شغفهم للكرة الطائرة، ما يفسر أن معظم الأندية غير مهتمة إلى حد كبير بالكرة الطائرة، في الوقت الذي كان الأجدى باتحاد الكرة الطائرة، الجلوس مع ناديي شباب الحسين وعيرا قبل البطولة، باعتبارهما ممثلي الطائرة الأردنية في جلسة مكاشفة، للوقوف على حاجياتها بكل صراحة، ولا ضير من مساهمته بدفع تكاليف المحترفين شريطة أن يكونوا على سوية عالية، ولو تجاوز قيمة عقديهما 100 ألف دولار، خصوصا بعد توقيعه اتفاقية الرعاية قبل البطولة بفترة وجيزة، لذا أجد أن مسؤولية إخفاق الفريقين جماعية".


وأشار أحد المدربين الذي فضل عدم ذكره، إلى أن أسباب المستوى والنتائج الهزيلة لممثلي الطائرة الأردنية في البطولة العربية واضحة للعيان، مبينا "أخبرني أحد مسؤولي نادي مصافي الشمال العراقي، أن عقد محترفه الذي تعاقد معه لموسم كلف 30 ألف دولار، وإن كان مبلغا قليلا نظير المبالغ التي دفعتها أندية عربية مشاركة بالبطولة، لكنه فلكي بالنسبة لأنديتنا التي تتراوح تعاقداتها ما بين 3 و6 آلاف بالموسم، وتتعاقد مع لاعبين متواضعين، ولا تجد النوعية إلا في حالات نادرة، كون أغلب الدوريات النشيطة تكون قائمة بحسب الأجندة الدولية التي تتضارب مع أجندتنا المحلية".


وواصل: "مشاركة شباب الحسين وعيرا وضعت اليد على جرح الطائرة الأردنية على مستوى الرجال، ونحتاج إلى تدخل فوري لعلاجه، خصوصا في الجوانب المالية، ولو توقفنا عند الطواقم التدريبية العربية، نجدها متكاملة ما بين مدرب ومساعده ومحلل أداء ولياقة بدنية وغيره، فوصل الطاقم الفني لنادي السويحلي مثلا إلى 10 فنيين، فيما أنديتنا لا تملك القدرة المالية ونجد مدربا فقط في شباب الحسين، ومدربا ومساعده في عيرا".


وختم: "الكرة الطائرة تطورت ولها مدارسها التكتيكية والبدنية، لكن يبدو أن الفكرة لم تصل إلى أنديتنا بعد، ونحتاج إلى مزيد من العمل والاجتهاد والعمل بروح الفريق وبشكل جماعي، لوضع أساس صلب".

 

اقرأ أيضاً: 

السويحلي الليبي بطلا وقطر وصيفا لـ "طائرة" الأندية العربية