استغلال الطاقة الحرارية.. توجه جديد يواجه تحدي إثبات الجدوى والكفاءة

1710421907736726000
استخراج الصخر الزيتي

بينما تتوجه وزارة الطاقة والثروة المعدنية للبحث عن استخدام الطاقة الحرارية الجوفية في التدفئة والتبريد، أكد خبراء أن استغلال هذه التقنية يواجه تحديات، أهمها الجدوى الاقتصادية والكفاءة.

اضافة اعلان


وقال وزير الطاقة والثروة المعدنية د.صالح الخرابشة، في وقت سابق من الشهر الحالي "إن الأردن حقق نجاحا كبيرا في استغلال مصادر الطاقة المتجددة، ونسعى إلى تنويع هذه المصادر بالنظر إلى الطاقة الحرارية الجوفية لمساعدتنا على تحقيق هدفنا في مؤشر كثافة استخدام الطاقة المرتفع بالأساس، ولكن بالمقابل، فإن فاتورة الطاقة مرتفعة، لذا فإن التفكير في هذا النوع من الطاقة يعد أمرا مجديا".


جاء ذلك خلال ورشة عمل عقدت في ذلك الوقت حول توسيع نطاق استخدام الطاقة الحرارية الأرضية السطحية للتدفئة والتبريد في الأردن، بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية IFC، وبالشراكة مع الحكومة الهولندية.


غير أن الوزارة ردت على سؤال لـ"الغد"، أنها لم تتلق حتى اللحظة أي طلب أو عرض لاستغلال الطاقة الحرارية لأغراض التدفئة.


وفي هذا الشأن، قال الخبير في قطاع الطاقة د.فراس بلاسمة "إن الأردن، بوصفه جزءا من منطقة الشرق الأوسط، يواجه تحديات كبيرة في مجال الطاقة بسبب نقص الموارد الطبيعية، مثل النفط والغاز الطبيعي، وبالتالي يبحث عن طرق مبتكرة لتحسين أمنها الطاقي وتقليل اعتمادها على الواردات، حيث تقدم الطاقة الجيوحرارية فرصة واعدة للأردن لتنويع مصادر الطاقة الخاصة به".


وبين أن مفهوم الطاقة الحرارية لباطن الأرض، المعروفة أيضا بالطاقة الجيوحرارية، يشير إلى الحرارة المخزنة تحت سطح الأرض والناتجة عن تشكل الأرض وعن التحلل الإشعاعي للمواد، مثل اليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم في باطن الأرض، إذ تكون هذه الحرارة أعلى بكثير من حرارة السطح في معظم المناطق وتزداد بزيادة العمق.


ويتم استخراج الطاقة الجيوحرارية عن طريق حفر آبار عميقة في الأرض للوصول إلى المياه الحارة أو البخار، الذي يمكن استخدامه بعد ذلك لتوليد الكهرباء أو للتدفئة المباشرة، ويعد هذا النوع من الطاقة مصدرا متجددا وصديقا للبيئة نظرا لانخفاض انبعاثات الكربون المرتبطة به مقارنة بمصادر الطاقة الأحفورية.


وحول الفرص الفعلية لاستغلال الطاقة الجيوحرارية في الأردن، قال بلاسمة "إنها تشمل تدفئة المباني والمنشآت الزراعية، بالإضافة إلى تدفئة البيوت البلاستيكية في المناطق الزراعية، مما يساعد على تقليل تكاليف التدفئة وزيادة الإنتاجية الزراعية في المواسم الباردة".

 

كما يمكن استخدام المياه الجوفية الحارة التي تتواجد في بعض المناطق من الأردن، خصوصا في المناطق الشمالية وحول البحر الميت لأغراض السياحة العلاجية والاستشفائية، إلى جانب إمكانية استخدامها في توليد الطاقة.
كما يمكن دمج الطاقة الجيوحرارية مع مصادر طاقة متجددة أخرى، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لإنتاج طاقة مستدامة وموثوقة على مدار الساعة.


هذا النهج يمكن أن يعزز استقرار شبكة الكهرباء ويقلل من تقلبات إنتاج الطاقة المتجددة، كما أن أمام الأردن فرصة لتطوير قطاع البحث والتطوير في مجال الطاقة الجيوحرارية، من خلال التعاون مع الجامعات والمؤسسات البحثية الدولية لتحسين تقنيات استخراج واستغلال هذا النوع من الطاقة.


ولتحقيق هذه الفرص، يرى بلاسمة أن الأمر يتطلب من الحكومة والقطاع الخاص الاستثمار في البحث والتطوير، وبناء البنية التحتية اللازمة، وتطوير الإطار التنظيمي والسياسات الداعمة للطاقة الجيوحرارية.


من جهته، قال عميد الكبلة الوطنية للتكنولوجيا د.أحمد السلايمة "إن الطاقة الحرارية الجوفية تستخدم  بطريقتين؛ أولاهما لتوليد الكهرباء، وهي تتطلب حفر مسافات عميقة جدا، إذ تكون المنطقة ذات حرارة مرتفعة في باطن الأرض، وذلك لاستخدامها في توليد الكهرباء لكن التكلفة في هذه الحالة مرتفعة وعدد المحطات من هذا النوع قليل جدا على مستوى العالم".


أما الاستخدام الأكثر شيوعا، فهو استخدام الطاقة الحرارية إما للتكييف أو تدفئة المنازل عن طريق حفر أعماق تتراوح من 20 إلى 30 مترا، بحيث تكون درجة حرارة الأرض إلى حد ما ثابتة طوال السنة، ليتم الاستفادة منها بشكل رئيسي في المناطق التي تشهد تطرفا في درجات الحرارة، أي تكون منخفضة جدا أو مرتفعة جدا.


وفي الأردن، بين السلايمة أنه تم عدد من المحاولات لاستغلالها في بعض المنشآت للتكييف من خلال الحرارة الجوفية، غير أنها أثبتت في ذلك الوقت أن الفعالية لم تكن عالية، ما أدى إلى استبدالها بالخلايا الشمسية، كما أشار إلى دراسة أعدتها الجمعية العلمية الملكية في هذا الشأن، إضافة إلى استخدامها في عدد محدود من المنازل، لكن كفاءتها لم تكن عالية.


وبين رئيس مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والبيئة والمياه د.دريد محاسنة، أن أي مصدر محلي جديد للطاقة سيكون له أثره الإيجابي في تخفيف أعباء الاستيراد.


غير أن هذا الخيار ما يزال جديدا بالنسبة للأردن ويحتاج إلى المزيد من الدراسات والبحث لقياس مدى جدواه الاقتصادية بشكل فعلي، وكذلك كلف الاستثمار فيه.


وحتى ذلك الوقت، تبقى الطاقة المتجددة الخيار الأقل كلفة والأنسب بيئيا مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى، وفقا لمحاسنة، كما أن كلفة الاستثمار فيها تراجعت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، ما يستدعي معالجة عوائق التوسع فيها محليا.


وقدمت مؤسسة التمويل الدولية، في وقت سابق، مبادرة لتشجيع استخدام الطاقة الحرارية الأرضية ودعم العمل الجماعي لتعزيز الحوار حول الفرص والتحديات المحتملة لذلك، وعملها في مساعدة الدول على الإيفاء بالتزاماتها وتخفيض درجة حرارة الأرض.

 

اقرأ المزيد : 

الحكومة: الأردن حقق نجاحا كبيرا في استغلال مصادر الطاقة المتجددة