كيف تسهم البيانات الإحصائية في عملية التطوير الاقتصادي؟

البيانات الإحصائية
البيانات الإحصائية

تلعب البيانات والمعطيات الإحصائية دورا كبيرا في عملية التخطيط الاقتصادي والتنموي، وذلك من خلال تقديمها صورة للواقع الاقتصادي الذي تعيشه ومكامن الخلل التي تشهدها أي دولة في العالم، ما يجعل الحاجة ملحة لهذه المعطيات في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني لتوظيف تلك الإحصاءات في عملية التخطيط ورسم السياسات الاقتصادية. 

اضافة اعلان


خبراء اقتصاديون أكدوا في تصريحات لـ"الغد"، أن البيانات الإحصائية ركيزة أساسية لصنع القرارات وبلورة السياسات الاقتصادية وتنفيذها وصولا لتحقيق التنمية المنشودة لأي اقتصاد.


وأوضح الخبراء، أنه من خلال توفير المعطيات الإحصائية المتوفر، يمكن لمتخذي القرارات وصانعي السياسات أن يحددوا الاتجاهات والحاجات التي تستدعي التغيير وإعادة التقييم، وعلى ضوء ذلك يتم رسم السياسات الجديدة، ومن هنا تأتي أهمية توفير البيانات الإحصائية بصورة منتظمة.


وتتولى في الأردن دائرة الإحصاءات العامة تنفيذ الدراسات المسحية والبحثية والإحصائية، وذلك من خلال رصدها مجموعة واسعة من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعلمية، وتقوم بإصدرها عادة إما بشكل شهري أو فصلي أو سنوي.


وكانت دائرة الإحصاءات العامة، أعلنت مؤخرا أن نسبة توفيرها للبيانات الإحصائية للجمهور بلغت العام الماضي 96 %، مقابل 4 % بيانات غير متوفرة.


وأضافت الدائرة في تقريرها السنوي لرصد البيانات للعام الماضي، أن عدد طلبات البيانات الإحصائية بلغ 633 طلباً. وبين التقرير أن النسبة الأكبر للطلب على البيانات والمعلومات الإحصائية من قبل مستخدمي البيانات كانت على البيانات السكانية والاجتماعية والتي بلغت نسبتها 46.9 %، تلاها الطلب على البيانات الاقتصادية، حيث بلغت النسبة 36.5 %.


وأظهر الرصد للبيانات المستخدمة من خلال الموقع الإلكتروني، أن استخدام البيانات الاقتصادية كان الأعلى طلباً عن باقي البيانات، بنسبة 44.1 %.


وبغية الاستفادة محليا من البيانات الإحصائية في عملية التخطيط الاقتصادي والتنموي، دعا الخبراء إلى ضرورة تطوير جودة البيانات الإحصائية وتغيير منهجيات القياس والرصد، إضافة إلى التوسع في القطاعات والمجالات التي تغطيها دائرة الإحصاءات العامة، فضلا عن وجوب التوسع في  الدراسات الميكروية، وتوظيف التكنولوجيا في عمل دائرة الإحصاءات العامة، علاوة على ضرورة تعميم الإحصاءات على المؤسسات الحكومية والخاصة كافة. 


وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش: "إن البيانات الإحصائية هي إحدى أهم الأدوات والوسائل التي تحتكم لها عادة الحكومات وصانعو السياسات لتفسير الظواهر الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، لاستشراف المتغيرات والتطورات في أي مجتمع ما يمنح المسؤولين القدرة على التخطيط الاقتصادي بشكل أوثق".


وأضاف عايش، أن البيانات الإحصائية ركن أساسي ومهم في العملية الاقتصادية لأي اقتصاد في العالم، إذ إنها أداة رئيسية لتخطيط وتنفيذ السياسات والمشاريع التي تقود إلى تحقيق التنمية المنشودة في أي بلد في العالم، ومن هنا تنبع أهمية توفر معطيات إحصائية بشكل مستمر.


ولفت إلى أن المعطيات الإحصائية أيضا، تعد أحد أدوات الجذب الاستثماري، إذ من خلالها يستكشف المستثمرون الصورة الحقيقية للبيئة الاقتصادية والاجتماعية التي يرغب الاستثمار بها، لذلك إذ لمس المستثمر مصداقية في الإحصائيات وتجددها بشكل مستمر، فإن ذلك قد يدفعه إلى اتخاذ القرار الاستثماري.


ويرى عايش، أن الاستفادة من المعطيات الإحصائية في العملية الاقتصادية والتخطيط الاقتصادي، تتطلب تكريس تقاليد جديدة للإحصاءات العامة في الأردن، بمعنى ألا يبقى دور دائرة الإحصاءات العامة منوطا في إصدار هذه البيانات فقط، بل يجب أن يكون لها دور في تعميمها على المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات الفكر، وضع إطار في ذلك لجميع هذه المؤسسات، كما يتطلب أن يكون تسليط الضوء والاهتمام مستمرا بالبيانات المحدثة.


من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي زيان زوانة أن البيانات الإحصائية ركيزة أساسية لصنع القرارات وبلورة السياسات لأي دولة في العالم، حيث تعتمد عليها الدول بشكل تام في اتخاذ قراراتها وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية.


وأوضح زوانة، أنه من خلال المعطى الإحصائي المتوفر يمكن لمتخذي القرارات وصانعي السياسات أن يحددوا الاتجاهات والحاجات التي تستدعي التغيير وإعادة التقييم وعلى ضوء ذلك، يتم رسم السياسات الجديدة، ومن هنا تكمن أهمية توفير البيانات الإحصائية بصورة منتظمة.


ولفت زوانة، إلى أن دائرة الإحصاءات العامة من أقدم وأكثر الدوائر الإحصائية في المنطقة مهنية وشفافية، وتتمتع بقدرات كبيرة تؤهلها على مواكبة التطورات في المجال الإحصائي عالميا، مشيرا إلى أن كل ما يصدر عن الدائرة عادة ما يصب في مصلحة الأردن على الصعيد الداخلي، وذلك من خلال تقويم وتصحيح الواقع  الاقتصادي، وكذلك على الصعيد الخارجي بتزويد المؤسسات الدولية بالبيانات الخاصة بالشأن الأردني والتي  يتم بناء عليها تقديم تمويلات أو منح للحكومة والمؤسسات المختلفة.


وأدرجت خطة تحديث القطاع العام التي تم إطلاقها العام 2022، في الهيكل التنظيمي والحوكمة المحدد للعام الحالي، توصية بإعادة هيكلة دائرة الإحصاءات العامة، لتصبح مركزا إحصائيا وطنيا تفاعليا لجمع البيانات، ودعم رسم السياسات ووضع السيناريوهات، وصنع القرارات واستشراف المستقبل. 


بدوره، أكد الخبير الاقتصادي أحمد عوض، أن المعطيات الإحصائية ضرورة ملحة لدى راسمي السياسات في الدول لوضع الخطط والاستراتيجات الاقتصادية، وذلك من خلال رصدها وتقييمها لمكامن الخلل.


ويرى عوض، أن الاستفادة من البيانات الإحصائية في تطوير الخطط الاقتصادية الوطنية، يتطلب العمل على تحسين جودة البيانات الإحصائية المقدمة من دائرة الإحصاءات العامة، وتوسيع القطاعات والمجالات التي تغطيها وترصدها الإحصاءات العامة، فضلا عن وجوب التوسع في الدراسات الميكروية، وتوظيف التكنولوجيا في عمل الدائرة.


إلى ذلك، اتفق أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري مع سابقيه من الخبراء، على أهمية المعطيات الإحصائية في عملية اتخاذ القرارات وبناء السياسات الاقتصادية، مؤكدا أنه كلما كانت هذه المعطيات دقيقة وموضوعية انعكس ذلك إيجابا على السياسات والقرارات المتخذة، مما يعزز من جهود الإصلاح الاقتصادي وتذليل العقبات والمشكلات التي تواجه العملية الاقتصادية في أي بلد.


وبقصد الاستفادة من الإحصاءات العامة محليا في التغلب على بعض المشكلات التي تواجه الاقتصاد الوطني، دعا الحموري إلى ضرورة تحديث الإحصاءات العامة بيانات وتقارير بعض المجالات كتقرير نفقات ودخل الأسر الذي لم يحدث منذ العام 2018، حيث إن إصدار تحديث لهذه البيانات سيقدم صورة دقيقة عن حالة الفقر محليا وعليه يمكن وضع تصورات وسياسات جديدة للتعامل مع هذه المشكلة، فضلا عن ضرورة مواكبة التطور التكنولوجي في عملية الإحصاءات العامة، وتفعيل قانون حق الحصول على المعلومة بما يمكن القطاعات والجهات كافة، من الحصول على الإحصاءات والبيانات عند طلبها.


ويشار إلى أن دائرة الإحصاءات العامة، قد تقدمت بمقدار 13 درجة في مؤشر نشر البيانات المفتوحة؛ حيث ارتفعت درجة الأردن لتصل إلى 66 خلال العام 2022، مقابل 53 في العام 2020، ليتقدم بذلك ترتيب الأردن عالمياً في مجال نشر البيانات المفتوحة من المركز 82 عالميا في العام 2020، ليصل إلى المركز 37 في العام 2022. 


ويذكر أن هذا التقييم ينفذ مرة كل سنتين، ويشمل تقييم المؤشرات التي تنشرها الدول في المواضيع المختلفة، ويصدر التقرير عن منظمة مراقبة البيانات المفتوحة الدولية التي تعد مرجعاً لقياس أداء الأجهزة الإحصائية الرسمية في العالم.

 

اقرأ المزيد : 

96 % نسبة توفير البيانات الإحصائية للجمهور خلال 2023