"الحمص الأخضر" طبق شعبي مغلف بتقاليد عائلية تتجدد كل موسم

الحمص الأخضر
الحمص الأخضر

مادبا- يتجمع مواطنون أمام بسطات وعربات بيع الحمص الأخضر المنتشرة في شوارع مادبا، من أجل شراء "الحمص الأخضر"، كجزء من الطقوس التي اعتادوا عليها في فصل الربيع، لتناول هذا النوع من البقوليات إما للتسلية أو من خلال ما يعرف بـ"الهويسة"، حيث يتم تحميص حبات الحمص الأخضر، والتجمع لتناولها، وسط ضحكات الصغار والكبار.

اضافة اعلان


ينتظر الباعة بفارغ الصبر، موسم حصاد الحمص الأخضر في فصل الربيع من كل عام؛ لكسب رزقهم من هذا العمل، إذ يحتل الحمص الأخضر مكانة في التفاصيل الموسمية اليومية التي اعتاد عليها أهالي مادبا، الذين يترقبون بشغف هذه اللحظة لشراء حاجاتهم، وفقًا للبائع جمال محمد، هناك طلب متزايد على الحمص الأخضر من الزبائن، كونه جزءا من الطقوس والتقاليد التي يحرص المواطنون على ممارستها في هذه الأوقات.


ويؤكد بائع آخر، أن هناك إقبالا متزايدا من المشترين على عربته التي تجوب شوارع وأحياء مدينة مادبا. إذ يبدأ يومه مبكرا بزيارة المزارعين لشراء كميات من الحمص الأخضر، ويستمر في تجواله بين الأحياء والحارات حتى المساء، حيث ينتهي عادة من بيع كامل الكمية لديه.


ويقول بدر أبو قاعود: "إن الحمص الأخضر يتمتع بشعبية كبيرة وخلال فصل الربيع، يتسابق الناس لشرائه وتناوله كوسيلة للتسلية خلال الرحلات أو في الجلسات العائلية وكذلك بتجمع الأصدقاء". ويعتقد أن الحمص الأخضر يحمل فوائد صحية عديدة؛ فهو يساعد في حماية القلب من الأمراض بتقليل نسبة الكولسترول، يعزز عملية الهضم، وينشط الذاكرة.


يؤكد الدكتور هاشم حامد المشاعلة، والذي يزرع الحمص الأخضر في أرضه، أن موسم الحصاد يعد من المواسم الصعبة التي تتطلب استخدام قوة اليدين خلال عملية اقتلاع شتلات الحمص، والتي قد تسبب الألم لليدين. لكن رغم ذلك، يشعر المزارعون بمتعة كبيرة بعد جمع المحصول وبيعه، إما على أرصفة الطرقات أو من خلال العربات التقليدية في شوارع وأحياء المدينة. 


ويضيف، أن موسم حصاد الحمص الأخضر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالطقوس التي اعتاد عليها المواطنون، حيث يشترون الحمص إما بعروقه أو كحبات مفروطة. وهناك طريقتان لتناول الحمص؛ الأولى تحافظ على طعمه وملوحته المميزة، والثانية تتم من خلال الشوي في الفرن أو على النار مباشرة.


ويقول المشاعلة عن "الهويسة": "إنها عادة اجتماعية مرتبطة بموسم زراعة الحمص التي تجلب معها البهجة والسعادة وتحمل قيم التكافل والتعاون المجتمعي الذي كان سائداً بين أفراد المجتمع القروي، إذ كان لها من المآثر الاجتماعية الطيبة وتعزيز قيم الإخاء والإيثار للجار والدار"، مشيراً إلى توزيع المزارعين في ذاك الوقت بعضاً من شتلات الحمص على الجيران والأقارب كصدقة عن الأرض المزروعة.


وعن كيفية إعداد "الهويسة"، يشرح: "يتم إحضار عقدان يابسان من الشجر، ثم إشعال النار ورمي شتلات الحمص الأخضر في قلب النار، وبعد عملية احتراق وتحميص غلاف حبات الحمص تبدأ متعة تناوله بسعادة". 


وتشير ربة الأسرة أم محمد إلى أنها اعتادت في كل موسم حصاد للحمص الأخضر، على جلب كميات حبات الحمص  المفروط على العروق، ووضعها في "صينية كبيرة لإعداد الهويسة" على فرن الغاز، لافتة إلى أن أسرتها تعشق الحمص الأخضر وتعتبره عنصرًا أساسيًا في الجلسات المسائية، ومن المأكولات المسلية والشهية، مشيرة إلى أن أسرتها في حال الخروج للتنزه على أطراف المدينة تشوي بعض الباقات وتبقي بعضها الآخر خضراء، حسب الطلب والرغبة.

 

وتؤكد اختصاصية التغذية العلاجية أركان حسن، أن هناك فوائد عديدة للحمص الأخضر، ومنها أنه يساعد في تنظيم ضغط الدم وتنشيط الذاكرة وتقليل فرص الإصابة بمرض ألزهايمر، ويسهم في حماية القلب بخفض نسبة الكولسترول، كما يساعد في عملية الهضم، لأن الحمص الأخضر يحتوي على نسبة كبيرة من الفوسفور والألياف المهمين لرفع عملية التمثيل الغذائي في الجسم.


وتبين، أنه يساعد أيضا على توازن البكتيريا النافعة في القنوات الهضمية، ويحتوي على نسب جيدة من البوتاسيوم وحمض الفوليك والفيتامينات.