العامري تضيء خبراتها في الصحة النفسية بالتطوع ومساندة الآخرين

جانب من الأنشطة التي تقوم بها نور العامري- (من المصدر)
جانب من الأنشطة التي تقوم بها نور العامري- (من المصدر)

أدركت المدربة نور العامري، أن الإيمان بالحلم كفيل بأن يجعله واقعا، حيث شكل لها خريطة واضحة لتسلك الطريق الذي اختارته هي لنفسها وأرادته مليئا بالإنجازات.

اضافة اعلان


نور مدربة في مجال الصحة النفسية، تسعى لأن تكون صاحبة أثر، تمسك بيد كل شخص متعب أو مهموم بحاجة لمن يسمعه ويقف إلى جانبه ويقويه.


أحبت العامري أن تكون المرشد لكل من يقصدها من خلال خبرتها بالصحة النفسية واندفاعها في أن تلمس بعمق الإنسان من الداخل، وتضيء بإحساسها على أكثر الأمور وجعا للمساعدة على تطبيبها وإيجاد حلول لمشكلات تستنزف الأعصاب وتبقي النفسية سجينة للإحباط والقلق والخوف وغيرها من الأمراض.


قررت أن تتغير وتنتصر على ظروفها، لذلك عادت للدراسة بعد انقطاعها عنها لسنوات طويلة، وركزت على التدريب والتطوع، فخضعت لدورات عديدة واستطاعت من خلالها الحصول على شهادات دولية.


اجتهدت وقرأت كثيرا حتى تمكنت من أن تصنع اسما لها في مجال التدريب، واليوم هي تطل عبر السوشال ميديا ببرامج توعوية ونفسية "مجانية"، تهدف إلى التغيير والتحصين نفسيا، ليكون الشخص قادرا على الاستمرار ومواجهة صعوبات الحياة.


وعن التغيير الذي أحدثته في حياتها، تقول في حديثها لـ"الغد": "الحياة لا تعطينا كل ما نريده دفعة واحدة، بل يجب علينا أن نجتهد ونحدد أهدافنا لنبدأ ونكون أبطالا لقصتنا"، مشيرة إلى أن القرار لنا في أن نقاوم ونحقق أهدافنا أو أن ننكسر وتذهب أحلامنا أدراج الرياح.


الزواج والأولاد والبيت في عمر صغير، أمور لم تشغل العامري أو تمنعها من أن تلحق ذلك الشعور الذي كان يطاردها دائما ويدفعها لأن ترى نفسها في مكان آخر إلى جانب الأمومة والعائلة، بل كلما كانت تمر السنوات كان طموحها بتحقيق ذاتها واختيار مسار خاص بها يشبهها يكبر أكثر فأكثر، ويحفزها لأن تأخذ الخطوة الأولى وتبدأ غير مكترثة بسنوات الانقطاع تلك محاولة تعويض ما فاتها.


المدربة العامري، ورغم الظروف الصعبة المحيطة بها والتي عارضت إكمال دراستها، قررت أن تتحدى وتواجه من أجل أحلام تأبى أن تسجن أو تلغى وكأنها لم تكن.

 

الصحة النفسية كانت وجهتها، كما تبين، فمن جهة تحب كل ما يخص علم النفس، ومن جهة أخرى أرادت من خلال هذا التخصص أن تداوي أوجاع كل من يلجأ إليها وأن تكون بخبرتها سندا للمهمومين والمتعبين.
وتعلل، أن ذلك لأنها تشعر جيدا بحاجة الناس لمن يسمعهم ويخفف عنهم، وفي الوقت نفسه يعينهم على حل مشكلاتهم، وذلك عن تجربة شخصية، فقد مرت بفترة سيئة كانت فيها متعبة نفسيا، لذلك هي تفهم مدى حاجة الإنسان ليد تربت عليه وتدعمه وتمنحه الأمل ليستمر.


نجحت العامري واستطاعت أن تحقق الكثير من الإنجازات في فترة قصيرة جدا، تقول "الكل وبسبب الأحداث الصعبة وحرب الإبادة التي يقودها الاحتلال الصهيوني ضد قطاع غزة بحاجة للدعم النفسي والمساندة لتجاوز الآلام الكبيرة التي يعيشونها اليوم جراء مشاهدتهم المجازر الوحشية".


وتلفت إلى أن تأثرها بما يجري في غزة دفعها لأن تتوقف عن التدريب وإعطاء الورشات مدة شهر ونصف، لأنها لم تكن قادرة على التحدث مع الناس ونصيحتهم، فهي من الداخل مرهقة ليس لديها ما تقدمه، وخاصة أن الأحداث كانت أكثر خرابا ودموية هذه المرة، ولأن الحياة مستمرة رغم كل شيء، فقد كان خيار العودة للتدريب هو الأفضل بالنسبة لها، وذلك لأنها مسؤولة في موقعها، ومن واجبها تقديم الدعم للآخرين، وتحديدا في مثل هذه الأوقات العصيبة.


لذلك، استجمعت قوتها ووجدت أن عليها كمدربة نفسية أن تقف وتتوازن لتساعد نفسها وتساعد غيرها. هذا وترى العامري، أن مدة الحرب طالت جدا وأن قرار التوقف لن يفيدها بشيء، ولو وجدت في ذلك نتيجة لوقفت العمر كله، لكن هي، ومن خلال عملها بالتدريب، قادرة على أن تنفع القضية أكثر وتكون داعمة لكل من يحتاجها، وهنا تنصح الجميع بأن يتوقفوا عندما يفقدون شغفهم وطاقتهم، ويأخذوا قسطا من الراحة ليعودوا أقوى من قبل.


وعن توجهها للتدريب وما غيّره فيها، تبين أن شخصيتها اختلفت تماما، فبعد أن كانت مستسلمة لظروفها ومتقبلة للواقع لحقيقة أنه ليس هناك أمل ولو كان بسيطا، يمكنها من تحقيق ذاتها، استطاعت بإرادتها أن تبرهن على أنه لا شيء مستحيل، وأننا قادرون على أن نصل إلى ما نريد بالشغف والإيمان، المهم أن نتحدى الظروف ونبدأ ومن ثم سنستطيع.


تقول "ننجح عندما نحب ما نعمل وعندما نعطي من قلوبنا". وتشير إلى أنها كمدربة متطوعة في الوقت الحالي حققت نجاحات كبيرة من خلال الورشات التدريبية عبر برنامج "زووم"، وأيضا الوجاهية والمبادرات التطوعية تتناول فيها مواضيع مختلفة، كفن التعامل مع الشخصيات الصعبة وتطوير الذات والقلق والتوتر، وذلك بالتعاون مع فريق المسيرين نحو النجاح، وفريق "الأمل فينا" ومنصة "يلا نتغير".


وتوضح أن تطورها في مجال التدريب هو نتيجة خضوعها لدورات عديدة وحصولها على شهادات دولية، إضافة إلى مجهودها الشخصي في قراءتها لأهم الكتب في التنمية البشرية وعلم النفس وحضور أشهر المدربين عن طريق "يوتيوب"، كل ذلك ساعدها على تغيير نفسها والوصول اليوم إلى الشخصية التي تريدها.


وبحسب العامري، فإن خطوتها الأولى في طريق رسمته ممتدا ليتسع لطموحاتها، كانت في بداية 2023، بمبادرة تخص الأشخاص من ذوي الإعاقة؛ لتتمكن بعد ذلك من حجز مساحة لها تتفرد فيها بأسلوبها وشخصيتها ومدى إحساسها بالأشخاص.


وما تحصده حاليا من إقبال كبير على الدورات التي تديرها بحرفية عالية، يعود إلى أنها لم تر في التدريب مهنة بقدر ما رأته نافذة لقلوب الناس، لذلك أثرت فيهم كثيرا، وهذا ما سعت إليه وستبقى كذلك لأن هدفها التغيير.


ولأنها تطمح دائما للأفضل، رأت في مواقع التواصل الاجتماعي خطوة جديدة لتتوج نجاحاتها، فكان "نافذة النور" برنامجها الأول لتوعية الناس نفسيا ودفعهم ليطوروا من أنفسهم وأيضا مدهم بالطاقة والدعم من خلال فيديوهات قصيرة تحمل نصائح وقواعد حياتية مهمة، أما برنامجها الثاني فهو "خطوة جديدة"، أطلقت عليه هذا العنوان، لأن النجاح لا يتحقق إلا باتخاذ خطوات جديدة ليغير الإنسان من نفسه ومن طريقة تعاطيه مع الحياة والفرص.


وما تتمناه العامري اليوم، وتعمل على تحقيقه بكل ما لديها من إمكانات، هو أن تفتح مركزا خاصا بالتدريب، وتتمكن من توصيل رسالتها على نطاق أوسع، معتمدة في ذلك على الاسم الذي بنته في فترة قصيرة والذي بات معروفا داخل الأردن وخارجه وحب الناس لها. وتؤكد أن أكثر ما يسعدها هو تأثيرها بالناس والذي بدأت تلمسه بطرق كثيرة، كانتظارهم لدوراتها والاقتناع بكل ما تقدمه وتغيير مسارات في حياتهم، ما كان لها أن تتغير لولا قربها منهم والثقة التي كونتها لديهم.