"تيك توك".. هل يشكل منفذا لشباب باحث عن الشهرة والربح المادي؟

Untitled-1
Untitled-1

رشا كناكرية

عمان- يشق الشاب منير زايد "23 عاما" أحد أشهر موثّقي فيديوهات منصة "التيك توك"، طريقه من اللاشيء مثل العديد من أبناء جيله، مواجهاً قيود المجتمع على صوته وموهبته الغنائية.اضافة اعلان
يؤكد زايد لـ "الغد" أن متابعيه الذي يتجاوز عددهم 2 مليون وربع مُتابع عبر "التيك توك" من مختلف أرجاء الوطن العربي، تابعوه لصدق وعفوية المحتوى الذي يقدمه، وأنّ منصات التواصل الاجتماعي متاحة للجميع، لكن "فكرة استثمار الأفكار وإيجاد فرص من الواقع الذي نعيشه هو تحدّ بحد ذاته".
وحول التحديات التي يواجهها الشباب الأردني يقول زايد، إن "نطاق محدودية دعم شركات الفن والإنتاج المحليّة ضئيل، وقلة الدعم اللوجستي المقدم من قبل الملحنين والموزّعين".
ويبين أن ثمرة العمل الدؤوب دعم الناس ومحبتهم، يلمسها المؤثر في الشوارع والمحال التجارية، وأن هذه التجربة لخريج حديثاً تعتبر طريقاً طويلة، لكنها برأيه شغف وطموح يسعى لتنميته وتحقيقه.
ويشير زايد إلى أن الدخل الذي يمكن أن يحققه من يملك عددا كبيرا من المتابعين على "التيك توك"، جيد ولكن ليس "وفيرا"، كما يعتقد الكثيرون.
وتمكن تطبيق "تيك توك TikTok" منذ ظهوره في العام 2014 على يد نخبة من رواد الأعمال الصينيين، من حجز مساحته الخاصة وجذب الشباب على اختلاف أعمارهم لبث فيديوهات متنوعة تخدم ميولهم وتوجهاتهم. واكتسب التطبيق شعبية هائلة خلال فترة زمنية قصيرة جدًا، وأصبح له تأثير كبير على حياة الأشخاص، ومع مرور الوقت استطاع عبور الحدود.
يعتقد البعض أن "التيك توك" هو تطبيق للترفيه والتسلية فقط، ولكنه أيضا يحقق أيضا الربح المادي للمستخدمين وللشركة المنتجة والعلامات التجارية على حدٍّ سواء، إذ يعد منصة تسويقية واعلانية كبرى لمختلف الخدمات والمنتجات.
أكثر من 1.9 مليار مرة تم فيها تثبيت التطبيق على الهواتف الذكية في مختلف أنحاء العالم، ونجح خلال العام 2019 في أن يصبح ثالث أكثر تطبيقات الهواتف الذكية غير المخصصة للألعاب تنزيلًا في العالم بأكثر من 1.5 مليار عملية تنزيل. ويقع ضمن أول 10 تطبيقات من حيث عدد المستخدمين النشطين في إبريل 2020.
اختصاصي الاقتصاد الدكتور حسام عايش يبين أن "التيك توك"، وهو من أكثر التطبيقات سرعة في الاستخدام بالعالم، إذ وصلت قيمته السوقية قبل عام من الآن إلى حوالي المائة مليار دولار مما يعني أن هنالك كماً هائلاً من القيمة ومن المستخدمين.
ويذهب إلى أن العديد من الشباب، لاقت أفكارهم ومحتواهم على التيك توك قبولا لدى الرأي العام ولدى المتابعين، ذلك الحضور جعل التفكير بأن يشكل لهم مصدرا عائدا للدخل عن بعد، إذ يمكن تحصيل المال من دون أن يغادر الشخص مكانه أو يبحث عن عمل إضافي، لذلك وجد الكثيرون فيه فرصة، ومنهم من نجح بشكل كبير وآخرون حاولوا لكن لم يحققوا النجاح المنشود.
و"التيك توك"، يشهد تزايدا بعدد المشتركين نتيجة سهولة استخدامه وعدم الحاجة إلى تقنيات احترافية لتصوير المشاهد الشخصية أو نشر الهوايات المختلفة أو الأفكار بطريقة أحيانا فكاهية أو درامية، وقد تكون رياضية أو موسيقية فنية، وفي بعض الأحيان قد يكون فيها حياة شخصية كاستعراض للمشكلة والتعليق عليها. وفق عايش.
ويوضح أن هذه السهولة ساعدت في تزايد أعداد مستخدميه، وإقبال الشباب عليه على وجه التحديد، ولعل جائحة كورونا ساهمت أكثر في انتشاره واستخدامه، نتيجة حظر التجول.
ويذهب اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي إلى أن العامل المادي أصبح دافعا لعملية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة التيك توك وتحديداً فئة الشباب الذين استطاعوا جذب أكبر عدد ممكن من المعجبين والمتابعين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.
ويوضح الخزاعي أن البطالة والأسباب الاقتصادية وعامل الفراغ الموجودة عند الأشخاص جعلت البعض منهم يلجأ إلى "التيك توك"، مبينا أن التنافس الشديد ما بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لجذب أكبر عدد ممكن من المتابعين. ويؤكد الخزاعي أهمية أن يكون المضمون هادفا، ليس فقط للضحك والتسلية، فإن ما يهم أن تكون الرسالة تعبيرية هادفة بعيدا عن السعي فقط وراء الشهرة والاعلان وتقديم النفس وحب الظهور.
ويعتقد الخزاعي أن من أضرار هذا التطبيق هو إشغال الشباب والمتابعين بقضايا، في كثير منها غير مهمة وليست جديرة بتسلط الضوء عليها، لهذا ينصح الشباب بتقديم محتوى واع ومهم يعبر عن احتياجات الشباب وتطلعاتهم وآمالهم، ويحكي عن انجازاتهم، كذلك تسليط الضوء على الثقافة والأدب والأفكار الجديدة بالجوانب العلمية.
عايش، الشباب أيقنوا أن هنالك عائدا من صناعة المحتوى ونشرها؛ سواء كانت أفكارا محلية أو شخصية، وقد يعتبره البعض مصدرا إضافيا للدخل أو رئيسيا وقد تتحول صناعة المحتوى إلى صناعة أكبر في المستقبل إذا لاقت رواجا واهتماما ومتابعة. ويضيف، حتى صحيفة واشنطن بوست وهي واحدة من أكبر الصحف في العالم قد أنشأت حسابا لها على التيك توك تنشر فيه القصص الإخبارية وهذه أحد مصادر الحصول على الإعلان.
ويبين عايش أن "التيك توك" تحول إلى مؤسسة ضخمة "منصة عملاقة" وأحد مظاهر التحول التكنولوجي والرقمي السريع بجانب وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، بحسب أعمار الأشخاص ومواقعهم الجغرافية وطريقة تفكيرهم.
ويتابع، كثير من المؤسسات والشركات باتت تستخدم هذه التطبيقات للترويج لمنتجاتها المختلفة من خلال المؤثرين ومشاهير التيك توك خاصة من يملكون متابعين بالمئات بل الملايين، وبالتالي هنالك عائد ضخم من هذه الإعلانات المباشرة.
وينوه إلى أن التيك توك أصبح أحد مصادر الدخل المهمة فهو موجود ومتوفر للجميع، لذلك يعتقد البعض بأنه مصدر سريع للدخل، و"لا نستطيع أن نلوم أحدا على هذا التفكير، والقضية الأهم هنا من يستطيع البقاء ضمن هذه المنافسة القوية بين هذا الكم الهائل من المحتوى المتنوع الذي يجذب الاهتمام"، فكل من يستطيع أن يقدم فكرة مختلفة ربما يحوز على النصيب الأكبر من العائد المتوقع.
ويعتقد أن دخول الشباب ضمن هذه الصناعة الرقمية الجديدة يمهد أكثر للبنية التحتية الرقمية، ويحول المجتمع أكثر نحو مجتمع رقمي ويطور العلاقات الرقمية بين الناس، لكن لا شك أن هنالك مخاطر لذلك، فهنالك الكثير من العاطلين عن العمل الآن يتحولون للحصول على الدخل من خلال تطبيق التيك توك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لا بأس فيه في هذه المرحلة، لكن قد تكون له عواقب على المدى البعيد.
ويتابع، كثير من المؤسسات ما زالت لا تؤمن بهذا التحول أو تعتقد أن ليس بإمكانها التحول نحو استخدام المحتوى الرقمي أو الصناعة الرقمية للإعلان والتسويق والترويج وتقديم قصص عن منتجاتها وأفرادها ونجاحاتها المختلفة.
ووفق عايش، البعض يخرج أحيانا أدبيات الحماية الشخصية لنفسه، وهناك من يدفع ثمنها غاليا لمحاولة الانفراد بصورة أو لقطة أو قصة في مكان ما خطير في العالم فقط لجذب الانتباه إليه، وللحصول على المزيد من الدخل مما يكلفه حياته.
ويعتقد أنه مع الوقت سيكون هنالك عقلانية أكثر وتنظيم ومحددات أكثر لقدرة الأفراد والشباب وغيرهم على الاستفادة منها بالشكل الصحيح.
الحالة الاقتصادية الراهنة التي ترتفع فيها معدلات البطالة والتي تتجاوز 25 % بالمعدل ولدى الفئات العمرية بين 19- 24 تتجاوز 50 % ولدى الفتيات بالمعدل 34 % والجامعيات بين 77 % - 80 %، يكون فيها التحول نحو هذا النوع من الأنشطة للحصول على الدخل يصبح أمرا اعتياديا وربما حلا مؤقتا لمواجهة معاناة الشباب لمشكلة البطالة.
وبحسب عايش، فإن الاقتصاد الافتراضي ربما يوفر الدخل، ولكن في النتيجة النهائية لا يفيد الاقتصاد بشكله الإجمالي إذا يبقى الوضع على ما هو عليه، وتبقى معدلات الدخل منخفضة والقدرة على الإنفاق لدى الأسر والأفراد منخفضة كذلك، والأهم أن يكون هنالك خطط وبرامج لإيجاد فرص عمل حقيقية للعاطلين عن العمل من الشباب.