توسع المعرفة بحقوق الإنسان بين الناس العاديين في الحرب على غزة

جانب من العدوان الصهيوني على غزة.-(وكالات)
جانب من العدوان الصهيوني على غزة.-(وكالات)

أصبح من الثوابت في تقييم الحرب على قطاع غزة، أن منظومة حقوق الإنسان وما تشملها من اتفاقيات ومعاهدات وقوانين، سقطت مصداقيتها وفعاليتها مع أول قذيفة أطلقها الاحتلال الصهيوني على غزة، وهذا أمر بات مفروغا منه، لكن في المقابل، ظهر جانب إيجابي من وحل الدمار الذي خلفته الحرب، وهو ارتفاع نسبة الوعي الشعبي العربي بأساسيات حقوق الإنسان.

اضافة اعلان


وحفز لجوء دولة جنوب أفريقيا لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، المواطنين على الوعي  بمصطلحات حقوق الإنسان والتعرف عليها، بعدما كانت بعيدة عن قاموس يومياتهم.


يذكر بأن المحكمة تعتبر بمنزلة الجهاز القضائي الرئيس للأمم المتحدة، وتنظر في القضايا التي تحيلها الدول إليها، وجميع المسائل المنصوص عليها بشكلٍ خاص في الميثاق الأممي أو في المعاهدات والاتفاقيات.


ويظهر هذا جلياً في الأحاديث العابرة بين الناس، وفي منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي تحليلاتهم التي يناقشونها مع نهاية كل نشرة أخبار يتابعونها عن أحدث التطورات حول العدوان النازي على غزة، وربما يكون ارتفاع منسوب وعيهم الحقوقي، من الأسباب الرئيسة التي حسمت انعدام الثقة بمنظومة حقوق الإنسان، لسقوط قناعها في 7 أكتوبر الماضي، مع انطلاق عملية "طوفان الأقصى".


"إبادة جماعية"، "القانون الدولي الإنساني"، "مهام هيئة الصليب الأحمر"، "الحق في الحياة"، "حقوق الطفل"، "الحقوق الانسانية للنساء"، "لاهاي"، "حقوق أسرى الحروب"، "حماية الصحفيين"، "سلامة صحفيي الحروب"، وغيرها من مصطلحات ومفاهيم لم يعد تناولها حكراً على النخب السياسية والحقوقية والقانونية والمثقفين، بل أصبحت مدار نقاشات لفئات عمرية وثقافية وأيديولوجية متعددة، ولا يغيب تناولها حتى في مناقشات أفراد العائلات حول موائد الطعام، أو في الجلسات اليومية، وليس فقط في أروقة المحاكم ومكاتب منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الصحفية.


تقول ربة المنزل إسراء العاص (56 عاما)، إنه وبفضل الحرب تعلمت الكثير عن حقوق النساء والطفل، ومع متابعتي لأخبار غزة، وما يتعرض له الغزيون من مجازر وحشية، تبين لي أن القوانين الدولية لحقوق الإنسان التي "كفلت ولو حتى على الورق حق النساء في تأمينهن بمستلزمات الصحة الجنسانية، كالنساء الحوامل ومستلزمات المرأة من فوط صحية وغيرها"، لكنها لم تطبق على نساء القطاع.


وتضيف "علمتني غزة، أن للطفل اتفاقية خاصة تكفل حقوقه"، وبرغم أنها تقر بأن السياسة لا تعنيها، ولا تهتم بها، لكن "أصابتني صدمة كبيرة، بأن هناك اتفاقية دولية تكفل حقوق الطفل، وتمنيت بأنني لم أعرف بوجودها، وأنا أشاهد ما يرتكب بحق أطفال غزة من فظائع ومجازر يوميا. صعقت حين رأيت على شاشات التلفزيون طفلة عمرها أشهر، تسقط شهيدة جراء قصف طائرات الاحتلال لبيت أسرتها، بينما كانت تحمل في يدها قطعة خبز. نعم ماتت في عيني اتفاقية حقوق الطفل، تلك التي كان يفترض بأن تحمي أطفال غزة من هذا الإجرام".


أما مدير مكتب قناة "الجزيرة" في غزة الزميل وائل الدحدوح، فكان سبباً لتشجيع الشاب مراد حرز الله، وهو طالب ثانوية عامة "توجيهي" في اختيار تخصص الصحافة والإعلام لدراسته بالجامعة، معزيا ذلك لـ"حجم الظلم الذي وقع على الدحدوح، بالإضافة إلى أكثر من مائة صحفي وصحفية استشهدوا في غزة، ما جعله يتعلم بأن للصحفيين حقوقاً كفلتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ونسفتها الحرب على غزة".


"سأدرس الإعلام حتى أدافع عن حقوق الصحفيين والثأر حقوقياً للدحدوح"، يقول الشاب حرز الله، مضيفا أن الحرب على غزة، جعلته يدرك قيمة العمل الصحفي الميداني، وكيف أن الصحفي في حالات عديدة كالحرب على غزة، يعتبر هدفاً ثميناً للعدو، ذلك لأنه يستخدم سلاح كشف الحقيقة.


أما أهم درس حقوقي تعلمته الشابة بشرى الدباس (23 عاما) من الحرب، فهو الحق في الحياة، وتقول "كنت أسمع قبل الحرب عن شيء اسمه الحق في الحياة، لكن لم ألمس حجم قيمته وأهميته، وحجم تقاعس العالم أمامه إلا أثناء هذه الحرب، فأعداد الشهداء التي تتضاعف يوميا، وهول الخنوع والصمت الحقوقي العالمي أمام ارتفاع أعداد الشهداء، جعلني أدرك أهمية هذا الحق".


"غزة أصبحت عبارة عن مقبرة كبيرة".. تقول بشرى "من الجيد أننا تعلمنا خلال هذه الفترة وتثقفنا، بشأن مبادئ ومنظومة حقوق الإنسان، وهذا الشيء يخدم غزة حتى ولو بشكل بسيط، وهو فضح انتهاكات الكيان لتلك المنظومة وكشفها للرأي العام العالمي على مواقع التواصل.

 

هذا الكشف الذي أسفر عن توجه دولة جنوب أفريقيا إلى لاهاي في هولندا، لرفع دعوى ضد الكيان في محكمة العدل الدولية".

 

اقرأ المزيد : 

تخفيض الاحتلال قواته بغزة.. تكتيك عسكري أم فشل ميداني؟