"البدون".. حقوق مهضومة وتشريعات مركونة - فيديو

إحدى مناطق البادية الشمالية (تصوير: ساهر قدارة)
إحدى مناطق البادية الشمالية (تصوير: ساهر قدارة)

فايز العظامات

المفرق - "تعطيهم شهادات الميلاد؛ يقولك شو (كوشان) الغنم هاذ. وتنزل معه تقوله هاي شهادة الميلاد، يظل يسألك.. نقوله إحنا ما عندنا أرقام وطنية ولا هويات محد يرد"، يقول نايف الخالدي الذي لم تسعفه محاولاته ومراجعاته للدوائر الرسمية في الحصول على الجنسية فهو "بدون".

اضافة اعلان


و"البدون" هم أردنيون من أبناء وعشائر تقطن البادية الشمالية غفلوا عن تسجيل أوراقهم الثبوتية، وبالتالي في الحصول على الجنسية في الثمانينيات لأن آباءهم وأجدادهم كانوا "بدو رحل" ينتقلون حيث يوجد ماء وكلأ، ويقدر عددهم بحوالي ما بين 5 آلاف و7 آلاف إنسان.


لم تسعف المحاولات ولا حتى توكيل محام، بأن يحصل نايف على الجنسية الأردنية، على الرغم من أنه يملك أوراقا ثبوتية منذ عشرات السنين، "عندنا كوشان غنم باسم جدي وبعده ابوي من الـ1969"، يقول نايف. ويكمل أن العلاج والصحة هي "على حسابك الشخصي، فالدولة لا تؤمنك بشيء".


أين كنتم؟


ويروي نايف مواقف بتعرض لها الـ"بدون" في سعيهم للحصول على الجنسية، ويقول "عندما يراجعون يتم سؤالهم أين كنتم قبل؟ ليجيب أننا كنا نرعى أغنامنا في قلب الصحراء، نلاحق الكلأ والماء، ولا نعرف الأوراق الثبوتية وقتها، فنحن عشنا حياة البداوة؛ ولا نعلم أن الحياة ستتغير هكذا".


ويملك نايف أوراقا ثبوتية من الصف الأول والروضة تثبت حياته في الأردن. ويقول إن الجواز المؤقت لا يفيد بشيء.


ويتمنى نايف أن يسافر لتأدية العمرة؛ لكنه فقد الأمل من كل شيء فيما يتعلق بشؤون الجنسية والحياة الطبيعية.


"لما يقولوا في تقديم أوراق نذهب للتقديم، وعندما نذهب ونسأل عن الرسوم يتبين أنها ما يقارب الـ500 دينار، من وين نجيب 500؟" يسأل نايف.


وينص قانون الجنسية الاردنية في المادة الثالثة منه على "يعتبر أردني الجنسية جميع أفراد عشائر بدو الشمال الواردة في الفقرة (ياء) من المادة 25 من قانون الانتخاب المؤقت كانوا يقيمون إقامة فعلية بالأراضي التي ضمت إلى المملكة سنة 1930".


مواجهة قاسية


براتب 60 دينارا لا يكاد يغطي قيمة فاتورة ماء أو كهرباء، وبـ9 أنفار في منزل متواضع ومرض صرع منذ 17 عاما، يواجه حسن النعيمي الحياة ورحلة البحث عن الحقوق والجنسية بوصفه من "البدون".


استطاع أشقاء حسن ووالدتهم الحصول على الجنسية، لكن حسن ذا الـ42 عاما والأب لـ6 أطفال لم يستطع الحصول عليها هو وشقيقه الآخر عسكر، مرجعين السبب في ذلك إلى أنه "عندما سجل أهله وحصلوا على الجنسية كانوا صغارا في العمر، خصوصا أنهم كانوا يقطنون في منطقة الرويشد والحماد ويمضون جل وقتهم في المراعي يعتنون بالأغنام".


وبعد مرور الزمن عندما ذهب حسن يقدم من أجل الجنسية والأوراق الثبوتية قالوا له لا يحق لكم الحصول على جنسية لأنكم لستم مسجلين في دفاتر العائلة ولا في جنسية الأم، ولهذا تم حرمانهم من الجنسية، بحسبه.


ويضيف أنه يحمل جواز السفر المؤقت منذ العام 2002 على أساس أن يستخدم 5 جوازات للحصول على الجنسية لكن من 21 عاما إلى الآن لم يحصل على الجنسية فقد تم تسجيل 4 أو 5 جوزات إلى غاية الآن ولم تصدر الجنسية.


ويلفت حسن إلى أن "البدون يتعرض للكثير من المواقف الحرجة، مثلا لما يوقفك شرطي سير يسألك انت شو؟ وكأن المواطن البدون لا يعتبر إنسانا يتم تهميشه في كل وقت كأنه ليس جزءا أساسيا في الوطن، أنا مواطن أردني درست في مدرسة أردنية وأخذت شهادات منها"، كما يقول.


ويستطرد "أنا لا أستطيع أن أخرج من محافظة المفرق لأنني لا أستطيع العيش خارجها حتى أقل الحقوق لا أستطيع الحصول عليها كتسجيل خط هاتف باسمي، ولا أستطيع تسجيل سيارة باسمي وانا مواطن أردني لا يوجد عندي أي اسباقيات جرمية".


يشدد حسن على وطنيته؛ فيقول إن البدون مواطنون أردنيون يحتاجون كافة حقوقهم، ويروي قصة تعرض لها، حين تعاملت شرطة السير مع الوثائق الرسمية التي يحملها، فيقول "كنت سايق مع لاجئ ولما اخذ شرطي السير رخصتي نزلني من السيارة وما يقارب الساعة تحقيق في هويتي وسألني انت مين وكأنني تجردت من وطنيتي، أما اللاجئ فتم أخذ أوراقه ورجع للسيارة" يروي حسن ما حدث له.


"كيف سيعيش أولادي؟ نحن أمضينا حياتنا مع الغنم والرعي، ولكن الآن اختلفت سبل الحياة، أين حقنا؟" يتساءل حسن، فبدون جنسية حقوقهم مهدورة، لا تعليم أو صحة أو وظائف.


"أصبحنا في سنة 2021 وإلى الآن لم أحصل على رقم وطني يثبت عيشي على أرض هذا الوطن؟" يتساءل حسن بمرارة.


ويكمل أن المسمى يعبر عن حالتهم "بدون"، بدون رقم يثبت وجودهم، بدون حقوق لتسيير أمور حياته.


وحسن متزوج من أردنية، لكن أبناءه لم يحصلوا على الجنسية برغم أن قانون الجنسية الأردني وفي المادة الثالثة، الفقرة الرابعة يقول "يعتبر أردنيا من ولد في المملكة الأردنية الهاشمية من ام تحمل الجنسية الأردنية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً".


"أنا أم حسن وأم عسكر، هكذا تعرف الحاجة أم يحيى عن نفسها، وهي والدة حسن وعسكر الشقيقين اللذين لا يحملان الجنسية بينما أشقاؤهم يحملون الجنسية".


"اولادي ما معهم جنسيات ولا هويات ولا معهم دفتر عيلة، أنا عندي 5 أولاد سويت لاثنين ورق وحسن وعسكر ما سويتلهم، كنت بالحماد (أقصى الشرق في محافظة المفرق) مع الغنم وسيارات (بمعنى أن الأغنام تسرح في الصحراء وهم يرعونها) وما ندري الدنيا وين رايحة ووين جاية"، تقول أم يحيى.


وتتابع أنها كانت تقول لنفسها إنهما غدا عندما يكبران سيقطعان أوراقا ثبوتية لهما مثل اشقائهما، "ولدي ضعيف (مريض) وأنا مريضة وهو مريض وأنا اردنية من روس الأردنيين بس عاد صار معنا هالشي"، تقول والدة حسن.


تحلف ايمانا معظمة محملة بالوجع "والله لو أدرى يصير هيك غير وهم ببطني أسجلهم"، لكنها لم تكن تدرك ذلك وقتها.


"البدون" ليسوا ثابتين او مجتمعين في قرية واحدة، بل متواجدون على امتداد قرى المفرق، فمنهم من يسكن في قرية الزملة والزعتري ومنشية السلطة والخالدية والمنصورة ولواء الرويشد وعدة قرى غيرها بكثافات سكانية مختلفة.


يحيى الشقيق الأكبر لحسن وهو يحمل الجنسية وشقيقه حسن "بدون"، يقول إن سبب عدم حصول أخويه على الجنسية أنهما وقتها كانوا صغارا في العمر، ونحن نملك الإثبات.


ويتحدث يحيى بكل أسى وحرقة "إذا في داع كي نفحص (DNA) ونثبت بأنهم إخواني، إحنا نفحص". ويكمل "إحنا كنا أهل حلال (أغنام) وهلمصلحة مصلحتنا ما عندنا غيرها".


"أنا أردني وأمي أردنية وأخواني مو أردنيين؟"، يتساءل يحيى مستنكرا، ويؤكد أنهم لم يخرجوا من البلاد بل بقوا وثبتوا فيها.


الحرمان من الجنسية يعني عدم القدرة على تسجيل الممتلكات من مركبات وعقارات، ويعني عدم القدرة على السفر، وصعوبة الانتقال من محافظة لأخرى، كما أن حرمانهم من الأرقام الوطنية يجبرهم على العمل ساعات طويلة وبمهن متعبة مقابل أجور زهيدة، حتى أن الزواج يواجه تحديات وصعوبات في توثيقه.


يؤكد سالم الرويلي، وهو من "البدون" أنه لا يوجد قانون في العالم يحرم الإنسان من العلاج والتعليم والحياة الكريمة. أبناء البادية الشمالية "البدون" محرومون منها وهي الحقوق الرئيسة في الحياة.


وعن تاريخ المشكلة، يقول الرويلي إنها قائمة منذ الثمانينيات، وقد صدرت القرارات من الحكومة على تشكيل لجان لتجنيس أبناء البادية، لكن لم يتم تجنيسهم إلا في حالات خاصة وقليلة جدا.


ويشدد الرويلي على أن أبناء البدون ليسوا من الذين أتوا للبلاد قبل عام او عامين او حتى عقد من الزمن، بل هم هنا منذ عشرات السنين ويملكون أوراقا ثبوتية تثبت ذلك.


معاناة مستمرة.. وعجز في مواجهة "كورونا"

ويروي الرويلي قصة "مؤلمة إنسانيا" حدثت مع أحد الأشخاص من البدون، وهي كما يرويها: أحد البدون توفي طفله في مستشفى البشير وترتبت عليه فاتورة مالية لصالح المستشفى رافضين تسليم الجثة وأبقوا عليها في ثلاجة الموتى لمدة ثلاثة أيام.


ويشير الرويلي إلى أنهم لم يستطيعوا الحصول أو التسجيل من أجل لقاح كورونا لأنهم لا يحملون أرقاما وطنية، مستغربا من السبب كون العالم أجمع يريد أن يلقح شعبه ويهرب من بين فكي الوحش كورونا.


ومن المعاناة المحزنة التي يتعرض لها أيضا أبناء هذه الفئة هي الزواج، فهم لا يستطيعون وبحسب الرويلي ان يتزوجوا ويسجلوا عقد زواج رسمي في المحكمة، مما يترتب عليهم مخالفة قانونية ومالية حوالي ألف دينار.


ويرفض الرويلي أن يزاود أحد على وطنيتهم، فهو يقول إنهم "أردنيون شامخون كأي أردني شامخ في وطنه، ونحن أبناء البلد وأهلها ولا نحمل جنسيات أخرى".


فايز الرويلي يقيم في الرويشد ويعمل الآن حارسا على برج اتصالات لإحدى الشركات المحلية، ولأنه لا يحمل رقما وطنيا يتقاضى 180 دينارا فقط، ولو كان يحمل رقما وطنيا لكان راتبه الآن 360 دينارا، ولذلك أيضا لا يشمله تأمين صحي أو ضمان اجتماعي.


مأساة فوق المأساة

فضلا عن ذلك يعيش لواء الرويشد وابناؤه من "البدون" مأساة حقيقية ومعاناة لكن هذا لم يشفع لهم في الحصول على الجنسية، إذ يعتبر تقريبا اللواء أكبر تجمع للبدون في البادية الشمالية، فهم لا يملكون شيئا لا علاج ولا عيشا كريما ولا تنمية اجتماعية.


"شو ودي احكيلك لأحكيلك" هكذا بدأ عبد الكريم الفواعرة حديثه فهو لا يحمل رقما وطنيا ولا جنسية، "لما نروح عالأحوال نراجع يطردنا"، يتحدث الفواعرة عن أوضاعهم عندما يراجعون من أجل الاستفسار او تقديم طلب جواز سفر مؤقت، ويكمل "أنا مسامحهم بكل شي بس بدي الرخصة والجواز؛ فعبدالكريم من الأشخاص الذين لم يحصلوا على جواز السفر المؤقت.


"أنا بس ودي أعرف، هو الواحد ما إله حقوق بالأردن؟ يتساءل الفواعرة بكل حرقة"، ويضيف أنه يملك سيارة لكن لا يملك حرية التنقل والحركة بها، إلا في حدود القرية كونه لا يحمل رخصة أو جواز سفر مؤقتا على الأقل.


شقيق عبد الكريم أكمل متطلبات النجاح في التوجيهي وسجل في الجامعة لكن لم يسعفه وضعه الصعب وظروفه بأي منحة أو أن يدرس على البرنامج الموازي على الأقل، ليدرس فصلا واحدا على البرنامج الدولي ويتوقف بعدها عن الدراسة بسبب أسعار رسوم الساعات "الباهظة جدا".


القانون والشرائع الدولية تمنحهم الجنسية

قانون الجنسية الأردنية ينص في المادة الثالثة منه أنه "يعتبر أردني الجنسية جميع أفراد عشائر بدو الشمال الواردة في الفقرة "ي" من المادة 25 من قانون الانتخاب المؤقت (والذين) كانوا يقيمون إقامة فعلية بالأراضي التي ضمت الى المملكة سنة 1930".


واعتبرت الأمم المتحدة الحق في الجنسية من الحقوق الأساسية للإنسان. ونصت على ذلك في المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي جاء فيها أن من حق كل إنسان التمتع بجنسية ما، وأنه لا يجوز حرمان أحد من جنسيته تعسفياً ولا من حقه في تغييرها.


ويقضي القانون الدولي لحقوق الإنسان بأن حق الدول في أن تقرر من هم رعاياها ليس حقاً مطلقاً، وأنه يجب على الدول، بصفة خاصة، الامتثال لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان فيما يتعلق بمنح الجنسية والتجريد منها.


الحق في الجنسية معترف به في مجموعة من الصكوك القانونية الدولية، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.


ويعتبر الحق في الجنسية من أهم وأبرز الحقوق، فبدونه يفقد الانسان حقه في العمل والتعليم والصحة والتأمين وغيرها الكثير، مما يجعله حقا أساسيا ومهما لا يمكن إلغاؤه أو العدول عنه.


وبحسب التقرير السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في الأردن الصادر عن المركز الوطني لحقوق الانسان للعام 2019 حصل 200 شخص من البدون على بطاقة تحديد سكن في بداية العام 2019 من أصل 919 شخصا يحق لهم الحصول على البطاقة.


وأوصى المركز بتفعيل وتسريع عمل اللجنة الخاصة المشكلة لدراسة طلبات التجنيس المقدمة من عدد من الأشخاص المقيمين في البادية الشمالية، بما يضمن سرعة إيجاد حل لمشكلة هؤلاء الأشخاص.


ويقدر المركز عدد البدون بحسب تقريره الصادر العام 2018 بـ7000 شخص. وقد أوصى المركز سابقا بضرورة تفعيل اللجنة الخاصة بالنظر في طلبات الحصول على الجنسية التي قدمت من قبل أبناء البادية الشمالية الذين لا يحملون الجنسية الأردنية أو أي وثيقة أردنية.


تقول المحامية الحقوقية هالة عاهد إن الجنسية هي علاقة قانونية بين المواطن والدولة ترتب له حقوقا وعليه واجبات لها؛ فإن الجنسية تعتبر حق التمتع بالحقوق؛ فالشخص عديم الجنسية يحرم من التمتع بكثير من الحقوق، حق التنقل، العمل، الحق في الصحة وحقوق أخرى، تجعل حياة الشخص عديم الجنسية بائسة وقاسية.


وتضيف أنه ولهذا يولي القانون الدولي أهمية كبيرة لأوضاع عديمي الجنسية ويدفع الدول للتقليل منها.


وبحسب عاهد؛ فإن الأردن ملزم بموجب القانون الدولي في أن يصحح أوضاع "البدون" وأن يمنحهم جنسيات، خاصة وأنهم في الأردن موجودين منذ الثلاثينيات.

مشكلة واسعة

المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية "أرض" والناشطة في حقوق الإنسان سمر محارب تقول إنه توجد مشكلة وثائق ثبوتية في الوطن العربي للأحوال الشخصية وليس كل الأشخاص مسجلين في الدوائر الحكومية، حتى أن ذلك يحمل الجهاز القضائي في الأردن صعوبة في الإثباتات.


وتضيف أن البدون الذين في الاردن اجدادهم هم من أتوا بهم الى الاردن وفضلوا ان يتنقلوا من مكان الى آخر فهم بدو رحل وهم معروفون لديهم تقاليدهم، اعرافهم، لتثبت العلاقات بينهم.


لكن المشكلة تكمن بالأطفال من حيث تسجيلهم بالمدارس، وتوفير سبل الحياة له تشكل مصدر قلق وألما بغض النظر عن العدد كما تقول محارب.


وترى ضرورة للتدخل الحكومي لكي يسهل على البدون المعاملات الحكومية، مضيفة أن الحكومة لم تقصر معهم فتحت وسيلة لطلب الجنسية ولم تتجاوز 1500 طلب ويوجد 7000 الاف شخص لم يقدموا على الطلب داعية الى التعرف والبحث عن الأسباب وراء ذلك.


إلى ذلك، تعتبر مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ليندا كلش أن الجنسية شيء أساسي، وأيضا الحقوق المدنية بشكل كامل، فمن حقهم الحصول على الحقوق المدنية السياسية والاقتصادية بشكل كامل.


موضوع شائك

يعتبر النائب عن دائرة بدو الشمال حابس الشبيب ملف "البدون" شائكا، خصوصا في لواءي الرويشد والبادية الشمالية، وكان عددهم سابقا لا يتجاوز 200 – 300 شخص، لكن مع التراكمات ومرور الزمن زاد عددهم إلى 5 – 7 آلاف.


ويقول الشبيب إنه ومنذ العام 2007 قام بمخاطبة الجهات الرسمية، من أجل انصاف هذه الشريحة من أبناء البادية الشمالية وذلك بموجب الدستور، الذي كفل لكل أردني الحق في الجنسية والصحة والتعليم وما إلى ذلك.


ويكمل أنه تم حينها تشكيل لجنة ملكية من وزارة الداخلية والجهات المعنية لدراسة موضوع هؤلاء الأشخاص ولكن "اللجنة للأسف ارتأت إعطاء هؤلاء الأشخاص وثائق مؤقتة وهي عبارة عن جواز سفر مؤقت وهذه جوازات تجدد كل 5 سنين، وكانت قبل ذلك سنتين وقبلها سنة.


ويلفت النظر إلى أنه في الفترة الأخيرة جرى إلغاء هذه المعاملات وأعطي أبناء البادية "البدون" بطاقات تحديد سكن، معتبرا إياها إجراءات لا تسمن ولا تغني من جوع، مستنكرا اقتصار الأمر على إجراء صرف بطاقات تحديد السكن.


"لسنا طارئين، ونحن أبناء البادية الشمالية نريد الحق بأن يحصل أبناء البادية البدون على الجنسية" يقول الشبيب.


ويضيف أنه "في بعض البدون تجد أن الشخص بدون لكن والده ووالدته أردنيان، وآخرون تجد اشقاءهم موظفين رسميين في الوزارات ومؤسسات الدولة لكن الشخص نفسه بدون لا يملك رقما وطنيا".


ويزيد على ذلك بأن هناك إجراءات ودراسة من قبل مديرية الجنسية في وزارة الداخلية لإيجاد حل لمشكلة البدون، وهي قد تكون تجديد معاملاتهم وإجراء مقابلات من قبل لجنة وزارية وتكون اللجنة على تواصل مع الجهات المعنية من أجل إعطاء هؤلاء الأشخاص حقهم في الجنسية.


وضع صعب


يرى الشبيب أن الذي لا يحمل رقما وطنيا "وضعه في البلد صعب جدا، ومن نواحي الصحة والتعليم والعمل وغيره، وهؤلاء الناس أصبحوا في مهب الريح ويجب انصافهم، فكل دول العالم التي كانت عندها مشاكل البدون والذين لا يحملون ارقاما وطنية قد حلت مشاكلهم باستثناء الأردن، فالإجراءات الحكومية معقدة".


يشرح الشبيب ان "البدو في الأردن كانوا رحلا ينتقلون من مكان لآخر وعند ترسيم الحدود بين الدول بقي كل شخص في مكانه، وأننا في وقت حديث ومتطور ونعلم هذا من أين وذاك من أين وهذا كيف أتى وذاك كيف أتى، فعمر الدولة الأردنية 100 عام".


لسوء الإدارة من قبل نفس الأهالي دور في معاناة أبنائهم أيضا بحسب الشبيب، فعندما قدموا الوثائق تم تقديمها باسم الأسرة كاملة وكان هناك شرط في القانون أن يتقدم الشخص الذي يبلغ فوق 18 عاما بمفرده للحصول على الجنسية، ولكن الأب قدم لجميع أبناء الأسرة مما ساهم في حرمان عدد من الأبناء الجنسية ممن هم فوق الـ18.


لا رد


مدير دائرة الأحوال المدنية والجوازات فهد العموش قال لـ"الغد"، إن هناك لجنة مشكلة في وزارة الداخلية تتعلق بالبدون منذ عدة سنوات.


ويعتبر مدير دائرة الجنسية والاستثمار في وزارة الداخلية باسم الدهامشة هذه الإجراءات أمورا سيادية للدولة وتحتاج لمخاطبة وزير الداخلية كون وزارة الداخلية تدير أمور سيادية للدولة، وأيضا لأنه لا يصلح أن تطرح كل الملفات للرأي العام على حد وصفه.


وحاولت "الغد" التواصل مع رئيس لجنة الحريات وحقوق الإنسان في مجلس النواب النائب رائد الظهراوي لكنها لم تلق أي رد برغم تكرار المكالمات والرسائل النصية التي تبين هوية المعد وعمله وغايته من التواصل.