ما المطلوب لتعظيم الاستفادة من الاقتصاد الدائري؟

تعبيرية
تعبيرية

يرى خبراء اقتصاديون أن الأردن حقق تقدما في تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري واستدامة الموارد إلا أنهم يعتقدون أن هنالك الكثير مما يمكن فعله لمواكبة دول العالم في هذا المجال.   

اضافة اعلان


وبحسب الخبراء، فإن تحقيق مفهوم الاقتصاد الدائري يشكل فرصة كبيرة للمملكة في مواجهة "ندرة الموارد أو ضعف استغلالها" كما أنه يدعم تحقيق الاستدامة ويساهم في التقليل من معدلات التلوث البيئي عدا عن تشجيع الممارسات الصناعية الحديثة التي تزيد من تنافسية المنتج الأردني.


ويعرف الاقتصاد الدائري بأنه النمط الاقتصادي البديل الذي يركز على تغيير أسلوب الإنتاج ونمط الاستهلاك غير المستدام وذلك من خلال الاستغلال الأمثل  للموارد، والتوجه نحو إعادة التدوير والتصنيع للمواد والمنتجات المختلفة، ورفع المعايير البيئية المستخدمة في القطاع الصناعي والإنتاجي، بهدف تحقيق التنمية المستدامة واستغلال الموارد وحماية البيئة.


ويدعو الخبراء إلى ضرورة وضع إستراتيجية وسياسة شاملة خاصة بهذه الغاية، إضافة إلى حث القطاعات الإنتاجية على استخدام الممارسات التصنيعية الحديثة واستخدام المواد الخام ومدخلات الإنتاج التي تكون خاضعة للمواصفات. 


ويضاف إلى ذلك ضرورة تقييم ممارسة الاقتصاد الدائري من قبل المجتمع والمؤسسات ومدى توافر أفكار تحقق ذلك، إضافة إلى ضرورة توعية المجتمع أفراد ومؤسسات بأهمية الاقتصاد الدائري وتقديم الحوافز التي تشجع على الاقبال عليه، إلى جانب توجيه المصانع نحو تحقيقه.


ويشار إلى أن منتدى الاستراتيجيات الأردني قد أصدر أخيرا بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، ورقة سياسات بعنوان "الاقتصاد الدائري: فرصة لتعزيز النمو في الأردن" هدف من خلالها التعريف بمفهوم الاقتصاد الدائري، وأهميته، وأفضل الممارسات العالمية ضمن هذا الإطار، والفرص الكامنة التي يمكن للأردن تبنيها وتطبيقها في القطاعات المختلفة.


وأكد المنتدى أن الأردن يمتلك العديد من الفرص لتعزيز النمو باتباع ممارسات الاقتصاد الدائري، من خلال الابتعاد عن النمط الخطي السائد في إدارة الموارد الطبيعية؛ باستخراجها، واستهلاكها، ومن ثم التخلص منها نهائياً ، وأشار إلى وجود قطاعات اقتصادية واعدة في هذا المجال وفي مقدمتها قطاع صناعات الألبسة، والصناعات الغذائية والهندسية، وقطاع التعبئة والتغليف، داعيا إلى أهمية تطبيق مفاهيم الاقتصاد الدائري في القطاع الصناعي نظراً لدوره الكبير في استحداث 260 ألف فرصة عمل جديدة خلال السنوات الـ 10 المقبلة وفق رؤية التحديث الاقتصادي. 


وبين المنتدى أن دمج مبادئ واستراتيجيات الاقتصاد الدائري في رؤية تحديث الاقتصاد والسياسات البيئية والصناعية القائمة، يمكن أن يساعد الأردن في تحقيق أهدافه الاقتصادية والبيئية، من خلال تعزيز ممارسات التصنيع المستدام، وإعادة استخدام المنتجات وتجديدها، وإعادة التدوير، وتعزيز الاقتصاد المبني على تشارك الخدمات.


من جهته، قال رئيس جمعية صناعيي شرق عمان إياد أبو حلتم "التوجه نحو الاقتصاد الدائري أمر مهم وملح جدا بالنسبة لبلد اقتصاده صغير كالأردن لا يتجاوز حجمه في أفضل الأحوال 45 مليار دولار ما يعني أنه من البلدان محدودة الموارد والهشة من ناحية التلوث وندرة المياه عدا عن اعتماده بشكل كبير على الاستيراد لمدخلات الانتاج والمواد الخام ما يعني أننا بحاجة إلى الاستغلال الأمثل للموارد".


وتكمن أهمية الاقتصاد الدائري للأردن بحسب أبو حلتم بأنه يوجد اقتصاد مستدام ويقلل من استخدام الموارد ، إضافة إلى تقليل معدلات التلوث البيئي ، عدا عن أنه يشجع الممارسات الصناعية الحديثة التي تزيد من تنافسية المنتج الاردني.


وأشار أبو حلتم إلى أن الأردن خطى خطوات جيدة خلال الفترة الماضية على طريق الاقتصاد الدائري واستدامة الموارد من خلال تحديث منظومته التشريعية البيئية، إضافة إلى قيام وزارة البيئة باستحداث العديد من التعليمات المتعلقة بالنفايات ومواد التعبئة والتغليف إضافة إلى المواد الملامسة للغذاء، إلى جانب النفايات الناجمة عن الالبسة عدا عن النفايات الإلكترونية التي تحتوي على العديد من المواد الكيميائية الضارة.


وأكد ابو حلتم أن اعادة تدوير المنتجات المختلفة محليا واستغلال الموارد وتحويلها إلى مدخلات جديدة، إضافة إلى ابتكار مواد قابلة لاعادة الاستخدام من شأنه أن يؤدي إلى رفع الإنتاجية خلال العملية التصنيعية مما يساهم في توفير موارد تقدر بملايين الدنانير على الاقتصاد الوطني نحو بناء اقتصاد دائري في القطاعات الانتاجية.


وأشار إلى أن تحقيق التنمية المستدامة تحدي صعب لكنه يوجد الفرص والتي تحتاج إلى الإبداع والإبتكار والتميز.


ويرى أبو حلتم أن الاستفادة من الاقتصاد الدائري لدينا أردنيا يتطلب وضع إستراتيجية وسياسة شاملة  خاصة بهذه الغاية،  تشمل كافة المؤسسات والوزارات المعنية والمؤسسات خاصة وزارة البيئة، ووزارة الصناعة والتجارة، وزارة الطاقة، من أجل تشجيع وتحفيز القطاعات الإنتاجية على المساهمة في الاقتصاد الدائري، إضافة إلى حث القطاعات الإنتاجية على استخدام الممارسات التصنيعية الحديثة واستخدام المواد الخام ومدخلات الإنتاج التي تكون خاضعة لمواصفات. 


ويضاف إلى ذلك دعم توجه القطاعات المختلفة على استخدام مواد خام قابلة لاعادة التدوير وصديقة للبيئة وغير ملوثة للبيئة، إلى جانب وضع خطة وطنية للتعامل مع النفايات الصناعية، فضلا عن تقديم حوافز للقطاعات التي تحقق معايير التنمية المستدامة.


إلى ذلك قال الخبير الاقتصادي موسى الساكت " في ظل توجه العالم نحو الاقتصاد الدائري الذي يقوم على الاستخدام الأمثل للموارد بما يضمن تحقيق الاستدامة، فإن دمجه في الخطط والسياسات الاقتصادية سيشكل فرصة كبيرة لاقتصادنا الوطني الذي يواجه تحديات عديدة من ضمنها ندرة الموارد الطبيعية وتزايد التلوث البيئي". 


وأوضح الساكت أنه في حال توجه القطاعات الصناعية المختلفة محليا إلى استخدام المخلفات واعادة تدويرها وتحويلها إلى مدخلات جديدة، إضافة إلى ابتكار افكار انتاج جديدة تستفيد من الموارد المستخدمة في عمليات الانتاج السابقة ، إلى جانب ترشيد استخدام الموارد المتاحة سينعكس بشكل إيجابي على تخفيض فاتورة تكاليف الإنتاج وبالتالي تعزيز النمو الاقتصادي بشكل عام. 


وأكد الساكت أن رؤية التحديث الاقتصادي أولت اهتماما كبيرا بالاقتصاد الدائري من خلال محرك الاستدامة والذي يسعى للاستفادة في هذا المجال من خلال قطاعي المحيكات والصناعات الغذائية، داعيا إلى ضرورة البناء على ما تضمنته الرؤية في هذا الخصوص وتسريع ترجمته على أرض الواقع.


من جانبه، أكد الخبير في الاقتصاد الدائري لدى الجمعية العلمية الملكية عمر الصالح ان "رؤية التحديث الاقتصادي أسست لدمج الاقتصاد الدائري في الخطط والسياسات الاقتصادية الوطنية وأنها شكلت أرضية حقيقية نحو الاستفادة منها، وذلك من خلال إدراجه في محرك الاستدامة الذي يعد أحد محركات الرؤية الـ8، إذ يركز هذا المحور على تنفيذ الجهود لتعزيز الممارسات المستدامة والإجراءات المتعلقة بتغير المناخ كجزء لا يتجزأ من تمكين نمو الأردن". 


ولفت الصالح إلى أن مقومات الاقتصاد الدائري متوفرة لدينا في الاردن خاصة اجتماعيا في ظل الوضع الاقتصادي القائم الذي دفع الناس إلى اللجوء لإعادة استخدام المنتجات والسعي إلى إطالة عمرها والاستفادة منها لابعد مدى ممكن.


وأوضح الصالح أن تحقيق الاستفادة من الاقتصاد الدائري داخل القطاع الصناعي يمكن أن تتم من خلال ثلاث نواح ويتمثل الأول في استخدامها خطوط  انتاج جديدة ومصممة بشكل ذكي للعمل دون إنتاج نفايات إضافة إلى تقليل الهدر والناحية الثانية فتتمثل في إعادة ترتيب خطوط الإنتاج لتعتمد بشكل أساسي على مواد خام مستدامة في حين أن الناحية الثالثة تتمثل في استدامة موارد الإنتاج المستخدمة في العملية التصنيعية. 


ومن أجل تحقيق التنمية المستدامة وتعظيم الفائدة من الاقتصاد الدائري دعا الصالح إلى ضرورة تقييم ممارسة الاقتصاد الدائري من قبل المجتمع والمؤسسات ومدى توافر أفكار تحقق ذلك، إضافة إلى ضرورة توعية المجتمع أفراد ومؤسسات بأهمية الاقتصاد الدائري وتقديم الحوافز التي تشجع على الاقبال عليه ، إلى جانب وجوب توجيه المصانع نحو تحقيقه وتوضيح الأثر الاقتصادي والبيئي المتحقق منه.

 

اقرأ المزيد : 

الاقتصاد الدائري: المعنى والأهمية وفرص التطبيق في الأردن