العفو العام.. دلالات التوقيت وسرعة الإقرار

مطرقة قاضي
مطرقة قاضي

وجه جلالة الملك عبدالله الثاني الحكومة بأعداد مسودة للعفو العام وهو الرابع في عهد جلالته، ويتزامن مع اليوبيل الفضي لتولي جلالته سلطاته الدستورية، فما دلالات هذا العفو السياسية والبرلمانية والاقتصادية والاجتماعية.

اضافة اعلان


فالعفو الذي جاء على نحو مفاجئ دون مطالبات من نواب أو مواطنين وإدراكا من القيادة السياسية بصعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد مقرونا بسرعة تنفيذه، ليكون هدية ملكية للمواطنين في أجواء رمضانية بكل روحانياتها واقتراب عيد الفطر السعيد.


كما أن العفو العام جاء لتتم دراسته واقراره في الدورة البرلمانية الأخيرة من عمر مجلس النواب التي تنتهي مطلع نيسان (إبريل) المقبل، ودون الحاجة لدورة استثنائية ما يلمح إلى أن عمر المجلس ينتهي بانتهاء الدورة الأخيرة وأن الانتخابات البرلمانية هذا العام ستكون وفقا لمواعيدها الدستورية.


ولم يغفل قرار العفو العام أيضا عن ثوابت الدولة في التسامح واعطاء فرصة لمن أذنب ليعود شخصا منتجا وصالحا في المجتمع، إضافة للتخفيف عن المواطنين في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي جاءت بعد وباء عالمي فيروس(كورونا) وما خلفته من أثر على القطاعات الاقتصادية وتزامن مع حرب غاشمة على غزة تعدت الـ166 يوما كان لها آثار مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الوطني والمواطنين.


ووفقا لمجلس النواب، فانه سيباشر اليوم الأحد بدراسة ومناقشة قانون العفو العام الذي ارسلته الحكومة، للمجلس نهاية الأسبوع الماضي للسير بالمقتضى الدستوري بعد إقرار الأسباب الموجبة له ومسودته الأولية ليكون في عهدة النواب.


فدلالات العفو تتعدى فكرة تخفيف الضغوط الاقتصادية على المواطنين وتؤشر على ضرورة تحقيق المنعة للاقتصاد الوطني وللأردن للسير في برامجه التي أثرت عليها الحرب الدائرة في غزة ومحاولة لدوران العجلة الاقتصادية، والالتفات إلى الشأن الداخلي بتركيز كبير.


مشروع القانون الذي توقع رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب المحامي غازي الذنيبات أن تنتهي مراحل إقراره قبل عطلة عيد الفطر، سيسهم في تخفيف جانب مهم من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على المواطنين.


ومن الدلالات السياسية بالإضافة للالتفات للشأن الداخلي أيضا عدم التعدي على حقوق المواطنين، حيث طلب من حكومة العمل على استثناء الأفعال الجرمية المتكررة، التي تتعدى على حياة وحقوق المواطن في مشروع قانون العفو العام، وإغلاق ملفات القضايا ذات الطابع المطلبي.


وفي السياق يؤكد عضو مجلس الأعيان د. ابراهيم البدور، إن العفو العام مهم لجهة التوقيت والحاجة الملحة له الآن وإدراك الإرادة السياسية أهميته، إضافة لسرعة إقراره وتجهيز الحكومة لذلك عبر التحضيرات التي تمت بسرعة قياسية فضلا عن إقراره خلال الدورة العادية لمجلس النواب دون تأخير أو حاجة لعقد دورة استثنائية.


وأوضح أن الدلالات السياسية والاجتماعية بارزة، لمواجهة الضغوط الاقتصادية من جهة والالتفات إلى الشأن الداخلي من جهة أخرى فضلا عن تقديره للموقف الاجتماعي والشعبي واحتياجاته.


ولفت إلى ضرورة أن يراعي مجلس النواب عدم التكرار في الجرائم وأن يحدد موعد تنفيذه ليرتبط بمناسبة اليوبيل، فضلا عن ضرورة تجويده ليراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين.


بدوره أشار الخبير الدستوري د. رياض الصرايرة على أهمية التوسع في مشروع القانون ليشمل جرائم مختلفة بحيث يراعي إلا تشمل المكررين لأكثر من مرتين، فضلا عن مساهمته  في إخراج أكثر من 7 آلاف سجين من السجون وحالات التوقيف الإداري، للحد من سلطة الحكام الإداريين إضافة للتخفيف على السجون التي تضم ما يزيد على 13.5 ألف سجين وموقوف بما يصل إلى أكثر من 180 % من طاقة السجون الاستيعابية.


وزاد: ان هذا من شأنه أن يحقق معايير حقوق الإنسان، ويحد من النفقات المالية الكبيرة على الدولة خاصة وان كل سجين يكلف الدولة 750 دينارا شهريا.


واعتبر الصرايرة ان الدلالة الاهم للعفو، هو تحسس احتياجات الناس والالتفات إلى الشأن الداخلي، والحد من تداعيات وآثار الحرب على غزة الواقعة على الاقتصاد الوطني والمواطنين بشكل عام .


ولفت إلى أن مشروع قانون العفو جاء بشهر رمضان بأجوائه الايمانية وروحانياته وفي ظروف صعبة، لارساء قيم التسامح والمودة بين الناس فضلا عن انه سيكون عيدية ملكية للناس على عيد الفطر السعيد.


من جانبه، قال استاذ العلوم السياسية د. باسم تليلان إن العفو جاء مفاجئا دون أي إرهاصات أو مقدمات، وجاء تقديرا للموقف الاقتصادي والاجتماعي للناس، وتحسسا ملكيا لاوضاع العامة دون أي مطالبات أو مناشدات.


ولفت إلى أن الدلالة الأعمق كانت هي انه أشار بشكل غير مباشر على مضي الدولة في الانتخابات البرلمانية وان مجلس النواب الذي سينهي مدته الدستورية يشير إلى قرب إجراء الانتخابات، والإعلان عنها بعد الاستعدادات الكبيرة التي تجريها الهيئة المستقلة للانتخاب وأجهزة الدولة لها.


وشدد تليلان على أن التوقيت لعب دورا محوريا ومهما في العفو فضلا عن الفترة القصيرة التي يقر فيها كقانون بحيث لن يسمح بالأخذ والرد فيه ويلبي الهدف الذي اقر به ووجه لاجله.

 

اقرأ المزيد : 

"النواب" يتطلع إلى إقرار العفو قبل العيد