زغردوا حتى للمفاعل!

المفاعل النووي، بالمناسبة، ليس علبة "رايب" أو "باكيت سيرف"، بل هو علم معقد وتكنولوجيا متطورة، فلا يتم الترويج له بطريقة تشبه الترويج لمعجون الأسنان!اضافة اعلان
في معظم دول العالم، هناك مفاعلات نووية. ولخطورتها، فإنه حين يتم الإعلان عن إقامتها والترويج لها، نشاهد اجتماعا يضم ما لا يقل عن 20 عالما في قاعة، جميعهم يلبسون "المراييل" البيضاء والنظارات. ومن حجم رؤوسهم، نكتشف أنهم نوويون أبا عن جد!
أما في الأردن، فقد أسندت مهمة الترويج للمفاعل النووي لشخصيتي "زعل" و"خضرة"، بإعلان ترويجي شاهدته على شاشة التلفزيون الأردني!
طبعا، أشكر الله عز وجل على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، ومنها أن التلفزيون الأردني لا يشاهده أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا حتى أعضاء وكالة الشاي والسمسم في البلد؛ لأنهم لو شاهدوا الإعلان الترويجي الذي لا يحتوي على أي نقاش علمي، لما أعطونا موافقة لإقامة مسلخ دجاج، وليس مفاعلا نوويا!
في الإعلان، يرغب شاب في الزواج من فتاة. وحين يسأله والدها عن عمله، يجيبه بأنه يعمل في المفاعل البحثي. وإذ يرتجف والدها من هذا العمل، يقنعه الشاب أن المفاعلات سلمية ولا خطر لها على سلامة الفرد العامل، فيقتنع والد الفتاة (زعل)، و"تزغرد" والدة العروس (خضرة) في النهاية فرحا بزواج ابنتها من هذا الشاب النووي السلمي، ابن النيوترونات الأصيل المشهود له ولأهله بصدق الخلطات!
"زغرودة" كانت تصلح بمناسبة دخول شاب إلى الجامعة، أو عازب إلى الحياة الزوجية، أو في سهرة حناء... لكنها أصبحت أيضا تصلح لدخول دولة إلى العالم النووي، وكأن هناك إفلاسا في الإقناع العلمي والدراسات المعتمدة من الوكالة الدولية، وبيان انخفاض الكلف، كما بيان انعدام الخطر البيئي من قبل العلماء!
نعم، مرعوب لأن بداية المشوار النووي كانت بـ"زغرودة"، وأنا أكثر الناس علما بمصير "الزغاريد". ولأن إطلاق "الزغرودة" الخطأ؛ أقصد إطلاق النيوترون الخطأ، قد نصبح بعده مثل اليابانيين (كوبي بيست)، لذلك فإن من الواجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة طالما لن نستطيع تمييز بعضنا بعضا، ويجب عليك من الآن أن تعطي زوجتك وأبناءك "باسوورد" (كلمة سر) حتى تستطيع التعرف عليهم مستقبلا!
فإذا أردت أن تدخل غرفة النوم، يجب أن تفصح أنت وزوجتك عن الـ"باسوورد" الخاصة بكم. وفي حال وجود أي اختلاف، "لموّا" الحارة بالصراخ، لأنه قد يكون في غرفة النوم "هاكر" وليس الزوج المحلل شرعا. ومن ثم، لم يعد يصلح أن تنادي أبناءك بـ"الهمل"، بل لن ينفع معهم إلا تخصيص "باسوورد" لكل ولد منهم، وتتم معاقبتهم على العلامات على رقم الـ"باسوورد". والخوف هنا أن ينشط المال العائلي الملوث، ويصبح هناك من يأكل "الكتلة" عن أخيه مقابل مبلغ مالي، طالما لا تستطيع تمييزهم إلا "عالرقم". ولم يعد هناك حاجة للذهاب إلى الأفراح وبيوت العزاء، لأنك إن ذهبت أو لم تذهب، لن يستطيع أحد اكتشاف ذلك، طالما أصبحنا جميعا نشبه بعضنا بعضا. والكارثة أنه إن جاء لابنتك عريس، فإنك لن تستطيع أن تسأل عن أخلاقه، لأن المحششين وغير المحششين "يشبهون بعضهم بعضا". والخوف أن تذهب إلى بيت عمتك، وحين يفتح لك الباب وتريد أن تقبلها، تصرخ؛ فتكتشف أنها جارتها، "فتأكل" ثلاث سنوات بتهمة التحرش طالما العمة والجارة تشبهان بعضهما!
طالما بدأنا بـ"زغرودة"، "اللهم لا تدع  للشعب الأردني ذنبا إلا غفرته". قولوا: آمين.