الطلاق سيد الأحكام

الطلاق سيد الأحكام
الطلاق سيد الأحكام
ريم أبو صيام- لا يمكن أن لا يصيبني الحزن وأنا أرى هناء، في يوم زواجها الأول، تقف مبتهجة تنظر في مرآة الحمام وتهلل في سِرها: "وأخيراً.. أنا وحبيبي ومعجون الأسنان المفضل".. شعورها بالفخر هذا ناجم عن خلافات كثيرة جمعتها بفارس لسنوات حول خطوة الزواج، انتهت باستسلامه وانتصارها.. إذ كان يرى في الزواج مصيدة وأكثر من ذلك مقبرة.. وتراه هي تتويجاً مباركاً للحب الكبير.. فارس هنا اسم لآدميّ في الأربعين وليس صفة.. تصغره حبيبته المنتصرة بخمس سنوات.. لا كيد عظيم في انتصار الحبيبة هذه المرة.. كل ما في الأمر أن الرجل شعر فجأة أن لعبة المناكفات الطويلة لم تعد تعجبه! اللعبة التي يخسر فيها الجميع، وتفوز الفكرة.. فقد ربحت وقتذاك فكرة الزواج، وخسر فارس وهناء حبهما الكبير.. فما أن مضى عام واحد حتى أيقن فارس وهناء أنهما تورطا في الزواج.. كان كل الذي يحصل خاطفاً، سليطاً، فظيعاً، وعجولاً.. تطوف المشاحنات بينهما ولا تمهلهما فسحة تفاهم حتى تنطلق من جديد.. تُباعد الرتابة بين الحبيبين في غرفة الجلوس، في الفراش، في المقاهي، وفي الطرقات.. وفي الخصام ينكمش الكلام ويفيض الصمت.. ليكتشفا فجأة أن أحدهما لا يشبه الآخر.. وأن وحده الحب كان يزين العيوب، يتمم النقائص، ويغيثهما ساعة الغفلة.. وعلى عكس البدايات.. حاول فارس كثيراً إصلاح ما أفسده الزواج لإنقاذ رفقة العمر والإبقاء على علاقة طيبة مع هناء.. لكن هناء لم تحتمل الصورة الفاترة للحب، فإما كل شيء أو لا شيء.. فيستسلم فارس أخيراً وتَغلب الفكرة كما في قرارهما الأول.. قلت أنه لا يمكن إلا أن يدركني الحزن وأنا أرى هناء تهلل في سِرها في يوم زواجها الأول.. فبعد ويل طويل.. تتوقف هناء عند يافطة معلقة بباب بناية حديثة وشاهقة كُتب عليها: "الصلح سيد الأحكام.. مكتب المحامي مراد".. تلتقط قلم حُمرة من حقيبتها.. تطمر كلمة "الصلح" بخطوط مائلة كثيفة ومتراصة.. وتخط فوقها "الطلاق".. اقرأ أيضاً للكاتبة:  وداد والذئب حين ضاع أحمداضافة اعلان