"رحلة المستثمر" تزيد التشتت وتهدر الأموال

Untitled-1-393
Untitled-1-393

طارق الدعجة

عمان- أبدى خبراء اقتصاديون استغرابهم من توجه الحكومة لإطلاق نافدة استثمارية جديدة تحمل مسمى "رحلة المستثمر" تهدف لتوحيد إجراءات التسجيل والترخيص كما أعلنت الحكومة، بينما ثمة نافذة استثمارية أخرى معطلة منذ سنوات.اضافة اعلان
واعتبر اقتصاديون أن هذه الخطوة من شأنها أن تشتت المستثمر وتضعف المؤسسات الأخرى المعنية بالاستثمار، وقالوا في حديثهم لـ"الغد" إن الأصل بالحكومة العمل على معالجة قصور النافذة الاستثمارية الموجودة لدى هيئة الاستثمار والتي يفترض أن تكون المحطة الأولى التي يلجأ اليها المستثمر عند تقديم الطلبات والحصول على الترخيص والتسجيل للبدء بالمشروع بدلا من إنشاء نافذة جديدة تتسبب في زعزعة ثقة المستثمر ببيئة الأعمال بالمملكة وتوجه الدعم المالي من الجهات المانحة باتجاه خاطئ.
وحذر الخبراء من حدوث انخفاض في الاستثمارات في حال الإقدام على هذه الخطوة، عدا عن تراجع تصنيف المملكة بالمؤشرات العالمية، خصوصا في تقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال الذي يتصدر اهتمام أي مستثمر يرغب في إقامة مشروع في أي دولة.
يشار إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل للأردن انخفض خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 6.6 % ليصل الى 177 مليون دينار مقابل 190.1 مليون دينار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي.
وبدأت الحكومة ممثلة في وزارة الصناعة والتجارة والتموين، مؤخرا، بعقد سلسلة اجتماعات ومقترحات لإنشاء نافذة رحلة المستثمر؛ إذ سيتم تنفيذ المشروع بالتعاون ودعم من مجموعة البنك الدولي والتي ستقام داخل الوزارة.
وكان وزير "الصناعة" د.طارق الحموري، قال في تصريحات سابقة لـ"الغد": "إن العمل جار حاليا على دراسة هذا المشروع بالتعاون مع مؤسسات دولية بحيث يتم إنشاء بوابة الكترونية واحدة للتسجيل والترخيص وتكون مرجعية المستثمر".
وأكد الحموري أن هنالك مراجعة شاملة لإجراءات التراخيص والتسجيل التي تتم من مختلف المؤسسات الحكومية من أجل اقتصار الإجراءات غير الضرورية بهدف الوصول الى نافذة تسجيل فاعلة تخدم المستثمرين ضمن وقت محدد.
وبدوره، قال رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستثمر الدكتور أكرم كرمول "إن توجه الحكومة لإنشاء نافذة جديدة تعنى بالمستثمرين بعض النظر عن شكلها من شأنه أن يزيد تشتت المستثمرين ومحاولة لإضعاف مؤسسات حكومية قائمة ومعنية في هذه الملفات".
واستغرب كرمول توجه الحكومة لإقامة هذا المشروع في ظل وجود نافذة استثمارية داخل هيئة الاستثمار تم إنشاؤها بموجب قانون، مؤكدا أن الأصل أن يتم معالجة التحديات التي تواجه عمل هذه النافذة التي ينظر لها بأن تكون هي المحطة الأولى التي يلجأ اليها المستثمر عند تقديم الطلبات والحصول على التراخيص اللازمة لبدء المشروع.
وتعاني النافذة حاليا من قصور رئيسي يتمثل ببتر صلاحيات أغلب مفوضيها الستة عشر من قبل المؤسسات المعنية بالاستثمار والتي يفترض أن تتمثل وظيفتهم باتخاذ القرار المناسب للرد مباشرة على طلبات المستثمر لكنهم يعودون بهذه الطلبات الى لجان تعمل بالمؤسسات التي يمثلونها، فيما هذه اللجان تعود بالمستثمر الى دائرة البيروقراطية ويصبح دور المفوض "مراسلا" بين الطرفين.
وأكد رئيس الجمعية أهمية توجيه أي برامج دعم من مؤسسات دولية نحو تعزيز وتطوير النافذة الاستثمارية من خلال تكمين القائمين عليها ومنحهم الصلاحيات، إضافة الى الاستفادة من هذا الدعم في أتمتة خدماتها بهدف تسهيل وتبسيط الإجراءات على المستثمرين بعيدا عن البيروقراطية والإجراءات المعقدة.
وشدد كرمول على ضرورة العمل على تحديث المشاريع الاستثمارية المدعمة بدراسات جدوى اقتصادية أولية والعمل على تسويقها وتقديمها على المستثمرين المحتملين والسعي الى جذبهم للمملكة بهدف دعم الاقتصاد الوطني والتخفيف من نسب البطالة التي وصلت الى 18 %.
وأوضح أن المستثمر، في حال اضطر الى مراجعة مؤسسة أخرى، يجب أن يكون لدى هذه المؤسسة وحدة خاصة بخدمات المستثمرين تكون مزودة بموظفين ذوي خبرة بالتعامل مع المستثمرين من أجل استكمال طلباتهم.
ویشار إلى أن النافذة الاستثماریة تعاقب عليها أكثر من ستة رؤساء، فيما مر عليها ثلاث حكومات؛ حكومة د.عبد الله النسور وبعدها حكومة د.هاني الملقي ومن ثم حكومة الرزاز، لم تُفعل حتى اللحظة رغم إطلاقها منذ 5 سنوات.
واعتبر الخبير الاقتصادي د.قاسم الحموري توجه الحكومة لإنشاء نافذة جديدة تعنى بالمستثمرين بمثابة "التسويف" وشراء للوقت من أجل خلق وهم بأن هنالك أمورا تنجز من أجل تحسين بيئة الاستثمار والأعمال بالمملكة.
وقال الحموري "الأصل أن يتم تفعيل دور النافذة الاستثمارية وحل المعوقات التي تواجهها، خصوصا فيما يتعلق بمنح كامل الصلاحيات للمفوضين القائمين عليها والذين يمثلون مختلف المؤسسات المعنية بالاستثمار بحيث تكون (one stop shop) بدون الحاجة لمراجعة أي مؤسسة أخرى".
وأكد الحموري أن إنشاء هذه النافذة بمثابة رسالة بعدم استقرار التشريعات والجدية في إزالة المعوقات والتحديات التي تواجه المستثمرين، مبينا أن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على تراجع تصنيف المملكة بالمؤشرات العالمية التي ترصد واقع بيئة الأعمال في الدول.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور مازن مرجي "ليس هنالك سبب مقنع لإنشاء نافذة استثمارية تعنى بالتسجيل وترخيص المشروع في ظل وجود نافذة قائمة بموجب قانون لدى هيئة الاستثمار".
وأضاف أن الأصل أن يتم معالجة التحديات التي تعيق عمل النافذة من خلال الالتزام والجدية والتعاون والتسيق بين مختلف الجهات الحكومية المعنية بالاستثمار من أجل منح كامل الصلاحيات للمفوضين داخل النافذة.
وبين مرجي أن المضي في إقامة هذا المشروع يضيف عقبة جديدة أمام المستثمرين وحالة من الإرباك والتشتيت.
وبحسب بيانات رسمية، يوجد قرابة 43 جهة حكومية لها ارتباط مباشر بإجراءات منح التراخيص والتسجيل، فيما يوجد هنالك توصيات حكومية بإلغاء 24 منها واستبدالها بمنظومة أخرى والإبقاء على 19 رخصة مع إعادة هندسة الإجراءات الخاصة بها.
ووفق بيانات هيئة الاستثمار، فقد بلغ حجم المشاریع الاستثماریة المستفیدة من قانون الاستثمار خلال العام الماضي حوالي 864 ملیون دینار مقابل 850 ملیون دینار العام 2017، مسجلة بذلك تراجعا بمقدار 14 ملیونا.
ویعد الاستثمار أحد المعطیات المهمة الداخلة في الحساب الجاري لمیزان المدفوعات وأهم مغذیات الاحتیاطي الأجنبي، إلى جانب كل من السیاحة والمیزان التجاري وحوالات المغتربین.