شباك موطني المكسور

16133_large
16133_large

أمجد تادرس

في كتابه "نقطة التحول" تناول الكاتب الكندي الشهير (مالكوم چلادويل) نظرية "الشبابيك المكسورة" والتي تفترض أن العلامات المرئية للجريمة والسلوك المعادي للمجتمع والاضطراب المدني تخلق بيئة حضرية تشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم. وقال أن "بالتالي أفضل طريقة لتقليل الجريمة، إذن، هي التعامل مع العلامات المرئية أولاً - مهما بدت غير مهمة."

اضافة اعلان

ولا يوجد مثال أفضل لتلك العلامات المرئية من برجين زجاجين غير مكتملين يسطران أعلى نقطة من خط سماء مدينتي عمان.

البرجين الذين سُميا "بوابة الأردن" أو كما نعرفهما "بأبراج السادس" هو مشروع استثماري

بدأ العمل به عام ٢٠٠٥ وكان من المفروض الإنتهاء منه عام ٢٠١٠. ولكن منذ بدايته شائب المشروع الكثير من الغمز واللمز حول شبهات فساد وأسئلة عن مالكي المشروع والمبلغ التي تنازلت به الأمانة عن "حديقة عمره" التي كانت متنفس لألوف الأردنيين، وقدرة البنية التحتية من شوارع ومواقف ومجاري تصريف صحي من تحمل عبء مشروع بهذا الحجم في منطقة مكتظة أصلاً.

وللمزيد من الدراما توقف المشروع بعد فترة دون أن يقدم أحد لنا نحن الشعب الغلبان أي تفسير منطقي لما حدث. وتٌرك البرجين فارغين يجمعان الغبار بالرغم من الوعود المتكررة للمسؤولين المتبدلين بمعالجة الموضوع. وبعدها أصبح البرجين معلماً وتذكاراً للأردنيين وزوار المملكة عن مصير الاستثمار والمستثمرين في البلد.

وبغض النظر عن تفاصيل القضية والحق مع مين أو على مين، فبالاولى بالحكومة الإسراع في التعامل وإنهاء موضوع الأبراج حتى لو اقتضى الأمر إصدار أمر دفاع جديد من حزمة الأوامر التي تعودنا عليها. والنظر إلى حلول جذرية مثل مصادرة المشروع أو كتلك التي اقترحها قبل ستة سنوات المهندس المبدع -والذي كان يافع وقتها- (حنا سلامة) بتحويل الأبراج إلى مزرعة عمودية بمنتصف المدينة تستخدم في زراعة الأشجار والنباتات المثمرة كالخيار والبندورة.

أو اقترح حتى هدم الأبراج وارجاع لنا "حديقة عمره" مع مرتاديها من بائعي الذرة المشوية و الترمس المسلوق وشعر البنات. وهذا بلا شك أفضل حل لما تمثله الأبراج الآن من "شباك مكسور" وبؤرة إحباط للشباب ومثال حي ّعن مصير الاستثمار في الوطن.

أبراج السادس هي من تصميم المعماري جعفر طوقان. وهو نجل الشاعر ابراهيم طوقان الذي جسد لنا رومانسية حب الوطن في قصيدته الخالدة "موطني” والذي قال فيها أن "الجلالُ والجمالُ والسناءُ والبهاءُ" في رٌبى موطني وأكيد ليس برجين اكتساها غبار النسيان.