القطاعات والأنشطة الأكثر تضررا.. تساؤلات مشروعة

لا جدال في أهمية اعلان الحكومة الدوري عن قائمة القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررا من جائحة كورونا، ولكن التساؤلات تدور حول المعايير التي يتم استخدامها في عملية التصنيف وحول الأهداف التي يتم من أجلها الإعلان عن القطاعات والنشطة الأكثر تضررا.اضافة اعلان
يأتي هذا الإعلان الدوري استنادا الى أمر الدفاع رقم 6 لسنة 2020 الذي أصدرته الحكومة في نيسان الماضي الذي يهدف الى إعادة تنظيم علاقات العمل في ضوء الأضرار التي أصابت مختلف القطاعات والانشطة الاقتصادية.
اللافت في هذا الموضوع أن الحكومة لم تفصح حتى الآن عن المعايير التي تستخدمها في تصنيف القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررا، والتي تثير العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت بعض الأنشطة الاقتصادية والمنشآت التي تندرج تحتها تعد من الأكثر تضررا أم لا؟
وهذا يدعونا للسؤال عن دقة تصنيف قطاع كامل أو نشاط اقتصادي كامل بأنه من الأكثر تضررا، والجميع يعلم أن هنالك تفاوتا في درجة تأثر المنشآت الاقتصادية جراء جائحة كورونا في القطاع والنشاط الاقتصادي ذاته.
وباستعراض سريع للقائمة الأخيرة التي صدرت في نهاية شهر تشرين الثاني(نوفمبر) الماضي نجد بسهولة أن هنالك منشآت أعمال تقع ضمن القطاعات والأنشطة الأكثر تضررا، وهي على أرض الواقع لم تكن كذلك، فهل جميع المدارس الخاصة تضررت، اذ أن العديد من المدارس الخاصة حصلت رسوم طلبتها منذ بداية العام الدراسي كاملا.
وكذلك ليست جميع منشآت الصناعات الجلدية والمحيكات تضررت، فهنالك العديد منها استمرت في عملها بشكل كامل، وفي أحسن الأحوال تضررت في النصف الثاني من شهر آذار (مارس)الماضي فقط. وهذا ينطبق على العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية المصنفة أكثر تضررا، مثل الصناعات الخشبية والأثاث، ومنشآت تجارة الألبسة والأحذية والاكسسوارات وأستوديوهات الإنتاج الإعلامي وغيرها.
استمرار التصنيف ليشمل القطاعات والأنشطة الاقتصادية ككل فيه ضرر وظلم كبير للعاملين في منشآت الأعمال التي يتم تصنيفها من بين الأكثر ضررا وهي على أرض الواقع لم تتضرر.
هذا يدعونا الى طرح سؤال آخر لا يقل أهمية عن معايير التصنيف، ويتعلق بغايات اعلان القوائم الأكثر تضررا من الجائحة، حيث تسمح أوامر الدفاع للإدارات وأصحاب هذه المنشآت المدرجة في القائمة باقتطاع جزء من أجور العاملين لديها، وهذا مخالف لمنطق دعم القطاعات والأنشطة الاقتصادية الذي تعلنه الحكومة بشكل مستمر.
يفترض أن تكون أهداف التصنيف تقديم المساعدات للمنشآت التي تضررت، وليس السماح لها بمواجهة مشاكلها على حساب العاملين فيها من خلال تخفيض أجورهم، ويمكن أن يكون الدعم والمساعدة من خلال تخفيض الالتزامات الضريبية غير المباشرة، أو المساهمة في تغطية أجزاء من أجور العاملين لديها.
ندرك أن خيار اجراء التصنيف على مستوى المنشآت يتطلب جهودا إدارية كبيرة، ولكن العمل بموجبه يحمي حقوق مئات الاف العاملين، الأمر الذي يقتضي إعطاء الاولوية لضمان هذه الحقوق.
كذلك ندرك أن تقديم المساعدات الحكومية لمنشآت القطاعات والأنشطة الأكثر تضررا يتطلب مخصصات مالية كبيرة، الا أن حماية الاقتصاد وتعزيز صموده يستحق التضحية، لأن هذا سيعزز الحمايات الاجتماعية وسيسرع عملية الخروج من حالة الانكماش الاقتصادي التي نعيشها، وبالتالي سيسهم في رفد خزينة الدولة بالمزيد من الإيرادات الضريبية.