ليلة رأس السنة غزية!

كان يا مكان في كل عام كانت هناك ليلة تكتمل فيها أيام السنة وتقبل علينا أيام السنة الجديدة، ليلة تجمع الأصدقاء والأحبة، ليلة فيها من يصلي وفيها من يحتفل، كانت هناك ليلة نترقب فيها دخول عام ميلادي جديد بالأمنيات والدعاء بالخير والفرح، كانت ليلة تلمع وتنير السماء ويفرح الصغار بالألعاب النارية، ليلة فينا من يرتقى سطح بيته يستمتع، وفينا من يفترش رصيفا يتابع، وفينا من يجلس على طاولة فيها ما لذ وطاب وأكلات هنية.

اضافة اعلان


في ليلتنا اليوم غاب كل ذلك حيث توقف التاريخ يوم السابع من اكتوبر للعام ألفين وثلاثة وعشرين في ليلة غزاوية، لم نعد نسجل سوى أرقام الشهداء من أطفال ونساء وشيوخ، لم نعد نشهد سوى أضواء ولهيب يلمع سببته انفجارات القنابل في الأرض والسماء، لم نعد نحلم وندعو سوى بنجاة ونصرة أهلنا في غزة العزة، في ليلتنا هذه لن نفترش نحن الرصيف بل افترشه أطفال رضع ونساء وشباب وشيب هدمت بيوتهم، في ليلتنا كل أهل غزة ينظرون إلى السماء فلا سقف يؤيهم ولا طعام وماء يكفيهم، في ليلتنا هذه سندخل سنة كبيسة أيامها أطول بيوم واحد في العدد، وأصعب بألف ألف يوم بما كسبته أيدينا فيما مضى، فليلتنا لن تختلف عما سبقها من أيام توقفت في السابع من أكتوبر. 


اعلم أن العد التنازلي سنتابعه الليلة لانتهاء سنة ميلادية واعلم أن شاشات التلفاز ستنقل احتفالات العام الجديد حول العالم واعلم أننا سنسرد حصاد العام الماضي في كل بلد، ولكن اعلم ان هذه الليلة لا طعم فرح فيها، ولا عد تنازليا سوى لسقوط شهداء جدد، ولا رصيد فيها سوى لمن وقف مع غزة وصمود أهلها، لا ضوء إلا لمن قدم الموقف الصادق والدعم الحقيقي لخدمة فلسطين، لا مكانة اليوم إلا لمن لم تغب فلسطين عن فكره، ولن نحسب أياما إلا لمن آمن بفلسطين قضية وتحريرها عقيدة والصلاة على أرضها أكبر أمانيه.


عام مضى لن ينسى في ذاكرتنا وذاكرة العالم، فبعدد من سقطوا شهداء سقطت أقنعة شخوص ودول، وبعدد من هدمت بيوتهم تكشفت نوايا وأسرار، عام وأن جمع أكبر عدد من الشهداء إلا انه عام غزة التي نقلت فلسطين قضية بين كل البشر، عام عرف فيه العالم الغربي والأجنبي أن هناك بلدا نزعت حقوقه وحرم من الإنسانية، عام سجلت فيها فلسطين وأطفال غزة الاسم الأكثر ترددا والشعور الأكبر إنسانية، عام وان كان الأصعب إلا انه كان الأكثر وضوحا لمعنى الحق والحرية، فكل عام وكل يوم انت غزة وفلسطين بأمن وسلامة وسلام على أرواح من فقدناهم لأجل قضية. 


وأقول لكل من يقبل عليه العام الميلادي الجديد اجعل لنفسك مكانة وهوية، اجعل لأيامك معنى يخدم قضية، اجعل للإنسانية والحق وأهل فلسطين مساحة أكبر من فكرية، اجعل غزة وأطفالها عنوانا لكل خطوة وعمل واجعلها قرينا مستمرا وغاية وطنية، وليكن وعيك فقط هو المحرك لا حزبا أو جماعة أو تاجر قضية.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا