100 يوم صمود ومقاومة

يتعين علينا نحن الذين عايشنا العدوان الإسرائيلي الداعشي على قطاع غزة معاينة ما يجري في القطاع أولا بأول، حتى يتسنى لنا لاحقا اخبار أطفالنا حقيقة ما يجري، وعدم تركهم يقرأون ما سيكتب لاحقا، فالتاريخ يزور بسهولة والحقائق يلوى عنقها من قبل مرتجفين ومتخاذلين ومنافقين، وجبناء، سيعمدون للكذب  لتبرير تقاعصهم.

اضافة اعلان


علينا إدخال بيانات ما يحدث في القطاع في رؤوسنا أولا بأول، وحفظ الأحداث بقوة، فالمرتجفون كثر وسيوظفون كل طاقاتهم لحرف الحقائق، وإدخال انفسهم كأطراف فاعلة، وأبطال وهميون يسردون أفعالا لا أساس لها، وليس مستبعدا أن اولئك يمكن أن يقولوا بعد 50 سنة من الآن انهم هم الأبطال الحقيقيون، والمقاومون الصامدون. 


علينا جمع أطفالنا يوميا لنقول لهم ان غزة (شعبا، وأرضاً) تركت وحدها لأكثر من 100 يوم (الحبل على الجرار)، وان دواعش إسرائيل القوا عليها قنابل فسفورية وعنقودية  وانشطارية تعادل أضعاف ما تم ألقاه من أعتى جيوش العالم في حروب نظامية بين الدول، ونسجل للتاريخ ولأطفالنا وشبابنا والأجيال القادمة أن في غزة التي تعادل مساحتها 365 كيلو مترا مربعا فقط ويعيش فيها 2.5 مليون نسمة، مقاومة تبحث عن الحرية والاستقلال، وان تلك المقاومة تصدت لجيش نظامي يعتبر أقوى جيوش الشرق الأوسط، والثامن عشر في ترتيب الجيوش العالمية وأذلته وكسرت شوكته، والمقاومون الذين كانوا يبحثون عن استقلال فلسطين وكنس المحتل الصهيوني من الأرض العربية يحاربون حفاة الأقدام، ويزرعون قنابلهم في الدبابات من مسافة صفر.


سنقول للأجيال القادمة لكي لا يكذب التاريخ عليهم ان مقاومة بسيطة لا تمتلك إلا أسلحة فردية وصواريخ محلية الصنع هزمت مخططات جيش نظامي مجهز، وان الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا ودول الغرب فتحت مع دواعش تل ابيب جسورا جوية وبرية وبحرية للإمدادات العسكرية واللوجستية دون فائدة.


سنقول لهم اننا شاهدنا بأم العين في قطاع غزة صمود شعبي أسطوري كنا نعتقد أنه غير موجود إلا في الحكايات الشعبية، ولكننا رأينا رجالا يدفنون أولادهم ونساءهم وبناتهم الشهداء، ويقفون كالعنقاء من تحت الرماد يمتشقون الميكروفون ويعودون للعمل لنقل حقائق دواعش تل ابيب (ليس صمود وصبر وشجاعة الزميل وائل الدحدوح عنا بعيدة)، وسنقول لهم ان كل غزة كانوا وائل، يصبرون ويضعون الملح على جرحهم وينهضون، وسنقول اننا شاهدنا أمهات صبرت، وشيوخا كالجبال، وأطفالا أعطت العالم دروسا في حب الوطن، ومقاومة عرفت العالم معنى الثبات والتضحية والإيمان والعزيمة. 


سنقول أيضا أن غزة أسقطت كل أكاذيب الغرب وإنسانيته المزيفة، وان كل المنظمات التي تأتي إلينا للحديث عن حقوق الطفل والمرأة وحق التعبير، يكذبون علينا ولا ينفذون مما يقولون شيئا، فغزة كشفت وعرت الكثير، ومنها منظمات دولية منافقة.


سنقول ان جنوب أفريقيا التي تجلس في آخر الكرة الأرضية عند رأس الرجاء الصالح كانت أكثر تعاطفا من أبناء الجلدة والدين والمعتقد، واستطاعت وحدها، جر دواعش تل أبيب إلى محكمة العدل الدولية بدعوى جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وسنقول ان البرازيل وكوبا والصين وكوريا الشمالية وإسبانيا وإيرلندا وأسكوتلندا وبلجيكا وروسيا وغيرهم الكثير كان حضورهم في تعرية مواقف واشنطن وتل ابيب في المحافل الدولية أقوى من بعض العرب والمسلمين، وان في برلين ولندن وباريس وواشنطن وطوكيو خرجت مظاهرات ضد دواعش تل ابيب وتطالب بالحرية لفلسطين وغزة، فيما منعت وقمعت المظاهرات في بعض عواصم العرب والمسلمين.


سنحكي عن اولئك الذين كانون يتاجرون بالقضية، وعند منعطف الفعل الحقيقي كشفت عوراتهم وانسحبوا وغابوا عن الساحة بلا أثر أو تأثير، وسنقول لهم ان في اليمن ولبنان والعراق خرج من يساند، وبدعم، وأن بعضنا حاول جاهدا إلهائنا في فتح عداوات مع بعضنا الآخر تحت عناوين المذهب والدين والمعتقد، وان غزة عطشت وجاعت لأكثر من 100 يوم، ولم تستطع أكثر من 55 دولة إسلامية وعربية إدخال الماء والطعام إليها.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا