تعدد الجهات المسؤولة عن ملف سلامة النقل يشتت القطاع

1703251372210387800
أحد باصات النقل العام في العاصمة عمان-(أرشيفية)

يظهر واقع سلامة قطاع النقل في الأردن بأنه "مشتت" وتتوزع مسؤولياته بين وزارات الأشغال والنقل والبلديات والتربية والداخلية وأمانة عمان في ظل غياب جهة تنسيقية بين هذه الأطراف.

اضافة اعلان


وبين الخبراء لـ"الغد "أن إنشاء جهة تنسيقية يمكن من وضع الإستراتيجيات والخطط والأهداف وتحديد المسؤوليات، ومن بينها تأهيل سائقي الشاحنات والحافلات ما يخفف من آثار الحوادث، مشيرين إلى الحادث الذي وقع قبل نحو أسبوع قرب قرية سلحوب وأدى إلى وفاة 5 من طلاب إحدى الجامعات وإصابة عدد كبير من ركاب الحافلة.


واعتبروا أن المشكلة في الخطط والإستراتيجيات وعدم تطبيقها وأن ما ورد في مسودة الخطة الإستراتيجية لقطاع النقل (2023 – 2027) جيد لكن في حال تم تنفيذه.


وزير النقل السابق هاشم المساعيد قال "ما ورد في المسودة لا جديد فيه ومكرر "مشيرا إلى أن سلامة النقل مشتتة بين  الأشغال والنقل والسير والترخيص والتربية والبلديات وأمانة عمان ما لا يحد من حوادث السير أو يقلل من آثارها.


وأكد أنه دون جسم واضح يتولى سلامة النقل والمرور لا يمكن تحسين سلامة النقل، مؤكدا أهمية وجود مجلس أعلى للسلامة المرورية.


وأشار المساعيد إلى أن الدول المتقدمة فيها مجلس مسؤول عن سلامة المرور والنقل يحول دون تشتت الجهود والصلاحيات ومنها التأهيل والتدريب بحيث يتولى المجلس مهام وضع الإستراتيجيات فيما يتعلق بالطرق والنقل وفحص الحافلات والشاحنات والمركبات وترخيصها وتأهيل وتدريب العاملين في القطاع والزامهم بتطبيق القانون.


ويرى المساعيد أن بعض شركات النقل والحافلات لا تتابع ولا تراقب سائقيها ومن بين ذلك أجهزة تسجيل السرعات للتأكد من التزام السائقين بالسرعات القانونية، مشيرا إلى أن بعض السائقين يتعمد تعطيل هذه الأجهزة.


وتابع ربما يكون سائق الحافلة التي تعرضت للتدهور قبل أسبوع لم يلتزم بالسرعة.


وشدد على ضرورة وجود جهة تتولى العمل على تصميم الطريق والتاكد من صلاحية الشاحنة أو الحافلة وضبط السلوك الإنساني وتأهيل وتدريب العاملين ومستخدمي الطريق بكل فئاتهم لتقليل حوادث السير والتخفيف من آثارها.


من جانبها، أكدت وزيرة النقل السابقة لينا شبيب أهمية وجود جهة تنسيقية (مجلس أعلى سلامة المرور) مشيرة إلى مشكلة تتكرر من قبل الحافلات (حادث سلحوب) والشاحنات على مختلف الطرق وخصوصا الحوادث التي تكررت على طريق البحر الميت ومن أسبابها العمر التشغيلي الذي يصل إلى نحو 19 عاما.


وترى شبيب أن الأهم بعد ترخيص الشاحنات ووسائل النقل العام وجود فحص دقيق وكاف للسير على الطرق والتأكد من توفر شروط السلامة العامة فيها فيما دعت إلى مراجعة آلية الفحص مهما أخذ من الوقت.


وأكدت أهمية وجود جهة واحدة مهمتها العمل من أجل السلامة  المرورية وادارتها للتنسيق بين الجهات المسؤولة بطريقة فاعلة  وللتقليل من آثار حوادث السير لانه لا يمكن الوصول إلى صفر وفيات.


وأشارت شبيب إلى مشكلة مهمة وهي عدم وجود معايير مناسبة لتسجيل المركبات مثل العمر التشغيلي وقالت "نحن سوق ثان للمركبات ولا حسم في موضوع العمر التشغيلي وفي العالم يتم الحديث عن شاحنات تعمل على الهيدروجين وعلينا على الأقل أن نعمل على ديزل نظيف وشاحنات وحافلات بعمر تشغيلي مناسب ". 


وأكدت أهمية وجود لجنة وطنية للسلامة المرورية أو مجلس أعلى برئاسة رئيس الوزراء ويضم الجهات المعنية مثل وزارات التربية والأشغال والنقل والبلديات والداخلية وامانة عمان، تكون مهمتها وضع السياسات والإستراتيجيات ومتابعتها على أن تتولى كل جهة تدقيق المشاريع فلا يجوز أن يكون  التدقيق مناطا بالمجلس الأعلى بل بكل جهة مختصة.


ودعت شبيب إلى إشراك جميع فئات مستخدمي الطريق وخصوصا المرأة لتطوير الإستراتيجيات والخطط من الجهة المرجعية (المجلس الأعلى) مؤكدة ضرورة تنظيم دورات تأهيل السائقين بدورات متخصصة في النقل والسلامة وإدارة المخاطر.


وطالبت بوضع لوائح حول سلامة المرور والنقل البري إذ أن هناك معايير دولية للنقل الجوي والبحري ويتم متابعتها والالتزام بها وهذا غير موجود في النقل البري، مشيرة إلى ضرورة أن يكون هناك مجلس لسلامة النقل بجميع انماطه. 


ودعت إلى السير بمشاريع السكك الحديدية التي تقلل من حوادث السير. 


من جهته، دعا استشاري النقل والمرور حازم زريقات إلى تفعيل القانون وضبط المخالفين والعمل على تدريب وتطوير قدرات العاملين في النقل والسائقين وتنفيذ القانون.


وأكد زريقات ضرورة وجود مرجعية واحدة لسلامة النقل، معتبرا أن المشكلة ليست في تعدد الجهات مثل البنية التحتية لقطاع النقل وتشغيل القطاع والسير والأشغال والبلديات لكن من الضروري وجود مرجعية واحدة للسلامة للتنسيق ووضع الإستراتيجيات،  مشيرا "أن قانون السير الجديد نص على وجود مجلس أعلى للسلامة المرورية وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح مع ضرورة التنسيق بين الجهات المختلفة مع وجود جهة مرجعية واحدة ".


واعتبرت مسودة الخطة الاستراتيجية لقطاع النقل أن مسؤولية السلامة على الطرق تقع على عاتق جهات متعددة مثل وزارة الداخلية ووزارة الأشغال العامة والاسكان ووزارة النقل ووزارة التربية والتعليم وهيئة تنظيم النقل البري.


وتعد المسؤولية المشتتة عن الجوانب المختلفة للسلامة على الطرق السبب الرئيس الذي حال دون اتخاذ أي إجراء فعلي حتى الآن ، بسبب المسودة.


 وأشارت أن إجمالي عدد حوادث الطرق في المملكة بلغ في عام 2019  10.857 حادثاً وشمل 16.734 مركبة. وأسفر ذلك عن 643 حالة وفاة، و17013 إصابة، منها 792 إصابة خطيرة، و3661 حادث تصادم مع مشاة.


أما التكاليف المالية الناتجة عن حوادث السير عام 2019 فقد بلغت 294 مليونا - 324 مليون دينار أردني، والجدير بالذكر أن إجمالي التكاليف المالية الناتجة عن حوادث السير في المملكة خلال السنوات الخمس الماضية بلغت حوالي 1.54 مليار دينار أردني ويمثل سائقو وركاب المركبات حوالي 71 % من وفيات النقل البري، بينما تشكل نسبة الوفيات من المشاة 29 % من إجمالي الوفيات.


اما بالنسبة لمحور السلامة على الطرق للرؤوس القاطرة فقد ارتفع عدد الحوادث الكلي في المملكة خلال العامين 2018 و 2019 بشكل لافت إلى أن بلغت نسبة الرؤوس القاطرة المشتركة في الحوادث البليغة والوفيات أكثر من 25 % من إجمالي الوفيات في العام 2018 وقد كانت هذه النسب قبل ذلك أقل بكثير حتى أنها كانت تصل لنسبة (صفر %) في سنوات عديدة.


ومن الملاحظ ، حسب المسودة ، أن أهم الأسباب وراء ذلك هو صلاحية الشاحنات الفنية للعمل وقلة عوامل الأمان بها وطول فترات القيادة دون وجود سائق ثان والعمر التشغيلي لتلك الرؤوس القاطرة الذي يقلل درجة الأمان بها وتعرضها للأعطال المفاجأة، إذ تعد حوادث هذا النوع من المركبات بسبب وزنها وحمولاتها حوادث قاتلة.


وأشارت إلى أنه كانت هناك عدة محاولات سابقة لتأسيس جهة مختصة لسلامة النقل في الأردن لكنها لم تنجح، مؤكدة انه يفضل أن تكون الجهة المختصة كيانا قائما بذاته مع لجنة تنسيق تمثل الشركاء وبحيث تربط الجهة المختصة مباشرة مع رئاسة الوزراء.  


ومن أبرز التحديات لسلامة النقل حسب المسودة ، قلة الاهتمام بالوفيات على الطرق وعدم اعتبارها قضية استراتيجية، وعدم وجود جهة واحدة تتولى المسؤولية الشاملة عن السلامة على الطرق ، وسلوك السائقين واخلاقيتهم التي لا تراعي مبادئ السلامة العامة على الطرق، وعدم وجود معايير أمان حديثة ومناسبة لتسجيل المركبات.


ومن التحديات عدم وجود تدريب على السلامة لسائقي الشاحنات ووسائل النقل العام كشرط للحصول على رخصة القيادة، وعدم تضمين شريحة الشباب باتخاذ القرارات المتعلقة بالسلامة على الطرق.


وقدمت المسودة توصيات وحلولا مقترحة تضمنت، إنشاء جهة رائدة مستقلة ماليا لتوجيه الجهود الوطنية للسلامة على الطرق بحيث تكون مسؤولة مباشرة أمام مكتب رئيس الوزراء ولديها ما يكفي من الموظفين والميزانية وتقوم بتنفيذ ونهج الأنظمة الآمنة للسلامة على الطرق.


ووفق المسودة لن تتوقف مسؤولية الجهة الرائدة للسلامة على الطرق على تقديم التوصيات اللازمة لتقليل عدد الوفيات والحوادث فقط ولكن أيضا ستقوم بوضع وانفاذ التشريعات واللوائح الوطنية المتعلقة بالسلامة على الطرق، وتصميم وتنفيذ الحملات التوعوية والبرامج التعليمية، والقيام بعقد دورات تدريبية ومنح شهادات للسائقين وجعلها متطلبا كشرط للحصول على رخص القيادة، وإدراج معايير سلامة المركبات في إصدار شهادات النوع للمركبات وتسجيلات المركبات الفردية، واشتراط تصاميم السلامة في البنية التحتية للطرق وتنفيذ عمليات تدقيق مفصلة قبل اعتماد تصاميم الطرق.


وشددت المسودة على أهمية التركيز على بناء القدرات الإدارية، وإنشاء شراكات متعددة القطاعات وتعزيز مشاركة الشباب والمرأة باتخاذ القرار وتطوير استراتيجيات وخطط وأهداف وطنية للسلامة على الطرق، مدعومة بجمع البيانات والأبحاث لتمكين التقييم بشكل أكثر شمولا في النواحي المتعلقة بجوانب السلامة على الطرق المختلفة.


وأكدت ضرورة القيام بإعداد الورش التدريبية لجميع سائقي النقل البري وذلك لرفع مستوى كفاءتهم، وتحسين جودة خدمات النقل المقدمة، وتعزيز السلامة المرورية على الطرق مع التركيز على دور سلوك السائقين، وتفعيل النصوص القانونية في نظام رخص القيادة بموجب قانون المرور، الذي يتطلب من جميع سائقي وسائل النقل العام الحصول على تصريح قيادة كل سنة، وأن يحضر جميع السائقين دورات تدريبية خاصة، بما في ذلك دورات التدريب المتعلقة بالسلامة على الطرق وسلوك السائقين، كشرط أساسي للحصول على تصريح القيادة.


ودعت إلى مراجعة اللوائح المتعلقة بالسلامة والانبعاثات بهدف استخدامها لتقليل حجم أسطول الشاحنات وفي نفس الوقت زيادة سلامتها وتقليل انبعاثاتها. وتضمين أحكام لزيادة السلامة في النقل البحري والجوي، ومقترحات لزيادة السلامة للنقل بالسكك الحديدية عندما يصبح قابلا للتشغيل مرة أخرى والامتثال الكامل للمعايير الدولية، (مثل تلك الخاصة بالاتحاد الأوروبي) حيثما كانت متوفرة وقابلة للتطبيق.

 

اقرأ المزيد : 

96 % من انبعاثات قطاع النقل ناتجة عن عدم وجود سكك حديدية