الجازي.. يافع يمنح الفرح لمصابي التوحد عبر مشروعه العلاج بالليغو

0404
الجازي.. يافع يمنح الفرح لمصابي التوحد عبر مشروعه العلاج بالليغو

وجد مشهور عمر الجازي سعادته الحقيقية بالعطاء، فهو شاب لم يتجاوز الـ(17 عاما)، اختار أن يكون مسؤولا طموحا يؤمن بأن له دورا مهما في الحياة.

اضافة اعلان


 شغفه وحبه لأن يتميز ويحقق كل ما يصبو إليه، هما ما يحمسانه لأن يخطو نحو مستقبله بثبات. هو يدرك جيدا أن للشباب حقوقا وعليهم واجبات تجاه وطنهم، لذلك أراد مشهور أن ينتمي لمجتمعه ويكون جزءا منه.


وبإيمان الشاب الواثق وإصراره على أن ينجح لم يكتف بأن يكون نافعا لنفسه، فحسب بل أيضا وبكل الخير الذي يحمله في روحه قرر أن يلتفت للأشخاص المصابين بالتوحد، فكان مشروعه الخاص العلاج بالليغو موجها لفئة يراها مهمشة اجتماعيا. 


أحب أن ينقل خبرته بالليغو والتي صقلها باجتيازه لدورات عديدة تفوق فيها، وهذا ما جعله يفكر بتوسيع مشروعه ليشمل اللاجئين والأيتام والأشخاص ذوي الإعاقة. 


يقول في حديثه لـ"الغد" كل شيء يبدأ فكرة ثم يتحول إلى واقع ملموس إذا آمنا به فلا شيء صعب طالما أن الإنسان يسعى. هو شخصيا يجد أن لمدرسته دورا كبيرا في تمكينهم وتأهيلهم ليكونوا قادرين على خدمة مجتمعهم، إذ إن قيامهم بمشاريع هادفة وذات قيمة له فائدة على الشخص نفسه أولا ومن ثم على المجتمع  ككل. 


هي مشاريع تنمي في الطلبة روح المسؤولية والإحساس بالآخر، وتصنع أفرادا أكثر وعيا بمصلحة الوطن، لافتا إلى أن فكرة المشروع نظام تعتمده المدرسة عند وصول الطلبة الصف التاسع عندها يكون بإمكان كل طالب اختيار مشروعه الخاص باعتباره فردا من المجتمع بشرط أن يحمل المشروع أهدافا شخصية وأخرى اجتماعية بما يتناسب وشغف الطالب وهواياته. 


لذا اختار مشهور اللعب بالليغو ليكون مشروعه هو وبما لديه من خبرة وحماس، وقرر أن يركز على المصابين بالتوحد في أحد المراكز الخاصة، فكان الهدف من المشروع تنمية مهارات هذه الفئة تحديدا وقدراتها وتحسين حياة الأشخاص وذلك بمساعدتهم على التفاعل مع غيرهم. اختياره لليغو لم يكن عبثيا، حسب قوله بل جاء نتيجة خبرته وتميزه بعمر الأربع سنوات واجتيازه بتفوق لدورات عديدة في هذا المجال. الليغو بالنسبة لمشهور لم تكن مجرد لعبة فقط وإنما حبه الكبير لها، مكنه من أن يبني علاقة قوية معها، هو أحبها جدا، ووجد فيها سعادته وهذا ما بدأ مشهور يلمسه عند المحيطين به فقد أصبحوا أكثر اهتماما وتعلقا باللعبة. 


ويبين أنه ولشدة شغفه بالإطلاع على كل ما هو جديد يتعمد القراءة دائما وخاصة بكل ما يتعلق بالتكنولوجيا، لكونها قادرة على تسهيل حياة الأشخاص جميعهم اليوم. 


تركيزه على مصابي التوحد يأتي من حاجتهم للاهتمام والرعاية فحسب رأيه الجميع لديهم قدرات، لكن الأهم أن نعرف كيف نوجهها لتستطيع أن تتميز وتكون مختلفة بإبداعها. مؤكدا أن فكرة العلاج بالليغو بدأت في الدنمارك، وقد أجريت عليها الكثير من الدراسات لتطويرها والوصول إلى الآثار الإيجابية لاستخدامها.


مشهور لم يقف عند البحث والقراءة في تنفيذ مشروعه على أرض الواقع بل أيضا خضع لدورة متخصصة بتدريب الأشخاص ذوي الإعاقة وبعد اجتيازه للدورة كانت الخطوة الثانية هي عرض فكرته على المراكز الخاصة بمصابي التوحد، وبالفعل استطاع أن يجد مركزا يقدر مشروعه ويرى فيه فرصة جديدة لتحسين حياة هذه الفئة، وهو من أوائل المراكز التي تعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة ولديهم برامج متنوعة كالموسيقا والرسم واليوغا والرياضة.


وحتى ينجح المشروع كان لا بد من الاستعانة بمتخصصين لديهم الخبرة الكافية لتوضيح الصورة أمامه وليتمكن من التفاعل مع مصابي التوحد بطريقة تضمن الفائدة لهم وللمشروع أيضا. 


ووفق مشهور فإن مشروع العلاج بالليغو هو الأول من نوعه في الأردن وبالنسبة لأهميته فقد حقق نجاحات عديدة في الدول الأخرى وهناك تجارب تثبت مدى فعاليته في تطوير القدرات العقلية والجسدية لدى مصابي التوحد. ويعتمد نجاح المشروع أيضا على تهيئة المكان وتزويده بكراس وطاولات مريحة تناسب جميع الطلبة وقد تم دعم الغرفة الخاصة بالليغو ببعض الأجهزة الكهربائية من قبل إحدى الشركات. 


في البداية كان التواصل مع الطلبة صعبا بعض الشيء بحسب مشهور، لكن بمرور الوقت والأخذ بنصائح المختصين عرف كيف يكون قريبا منهم واستطاع أن يبني علاقة جيدة معهم، بالإضافة إلى أنهم أصبحوا يقدرون هذا النشاط المختلف ويجدون سعادتهم فيه.


 وبحب وإصرار على البحث والإطلاع تمكن مشهور من صقل خبرته أكثر ليكون قادرا على التعامل مع مصابي التوحد بأساليب علمية للوصول إليهم وإفادتهم فهو يعتمد في كثير من الأحيان على عرض المادة النظرية على الشاشة لكونهم قد يفهمون على المشاهدة أكثر من الاستماع. 


 أما الليغو كما يبين مشهور فهو نشاط لتفريغ الطاقة بطرق إيجابية يمنح الشخص فرصة لتنمية قدراته العقلية وإظهار إبداعه على شكل مجسمات قد تنفعهم في حياتهم اليومية، مشيرا إلى أن الإنسان عندما ينظر لشيء صنعه بيديه فإن شعوره بالفخر يزداد ويصبح أكثر ثقة بنفسه وهذا تماما ما يحتاجه الشخص المصاب بالتوحد فهو بحاجة لأن يشعر بأنه قادر وبالتالي سيصبح لديه دافع قوي نحو العمل والنجاح. 


يقول مشهور، السعادة هي أن تعطي دون أن تنتظر المقابل وأن تكون سببا في رسم الابتسامة على وجوه تحتاج للفرح والحب والاهتمام فقمة العطاء أن تصنع السعادة لأشخاص همشتهم الحياة لمجرد أنهم مختلفون. وأكثر ما يطمح إليه مشهور اليوم أن يوسع هذا المشروع وألا يقتصر فقط على المراكز الخاصة فهو يتطلع لشراكة مع وزارة التنمية الاجتماعية يستطيع من خلالها نشر المشروع على نطاق واسع يشمل دور الأيتام واللاجئين والأشخاص ذوي الإعاقة. 


ويوضح أن حياته العملية لن تشغله عن العطاء، فالعطاء بالنسبة له سعادة إضافية تشعره بإنسانيته وبإمكان كل شخص أن يعطي بأي طريقة بشرط أن يكون العطاء نابعا من القلب. 


وعن إحساسه بالآخرين وحبه للعطاء يرى مشهور أن التربية كان لها الأثر الأكبر في تقديسه لعمل الخير فهم كعائلة يؤمنون بأن الإنسانية أولوية فقد تربوا على أن العطاء، ليس بالضرورة أن ينحصر في أشياء كبيرة العطاء قد يكون بكلمة حلوة باهتمام صادق بأشياء بسيطة مغلفة بالحب. 


هو يدرك جيدا أن كل ما يقدمه للآخرين سيعود إليه يوما ما ومن أكثر ما يسعده أيضا أن يكون ملهما لغيره. 


ولأن الشباب هم المستقبل فعليهم أن يبحثوا عن الفرص هي موجودة حولهم وأن يكونوا قادرين على التواصل والوصول للهدف مهما كان الطريق إليه صعبا.

 

فالطموح والثقة والعلم والقدرة على اتخاذ القرارات هي أسلحتهم ليستطيعوا أن ينجحوا ويكونوا أشخاصا إيجابيين. ويؤكد مشهور الطموح ليس له عمر لذلك يسعى وكله إيمان بأن يصبح مشروعه مشروعا وطنيا يخدم جميع الفئات المهمشة ويتمنى أن يحظى المشروع بدعم من جميع النواحي. كما يطمح في المستقبل لعقد دورات للمهتمين بالعلاج عن طريق الليغو. ويلفت إلى أن الإيجابية تأتي من القدرة على استحضار الفرح في أكثر المواقف صعوبة وأن الإرادة كفيلة بأن تصنع الفرق في حياة أشخاص الإبداع هو طريقهم.

 

اقرأ أيضاً: 

لعب الطفل بالليغو يكشف سعة خياله ويعزز روح المشاركة لديه