على أعتاب 2022.. "التعافي النفسي" سبيل لتحقيق أحلام مؤجلة

Untitled-1
Untitled-1
منى أبوحمور عمان- تنتاب رزان عبدالله، مشاعر من الندم لأنها استسلمت عبر العامين الماضيين لما أفرزته جائحة كورونا، وتوقفت خلال كل ذلك عن التخطيط والسعي نحو تحقيق أهدافها وآمالها، كما اعتادت في سنوات سابقة. هي تدرك أن كورونا فرضت شروطها على العالم أجمع، وكأن الحياة توقفت عند محطات معينة، لكن ذلك كان ينبغي ألا يمنع الانسان من أن يطور ذاته، ويفكر أكثر في مستقبله وألا يترك نفسه رهينة للحظة. لذلك، هي قررت هذا العام أن تغير طريقة تفكيرها، وتطلق العنان لاحلامها وطموحها، وأن تطور ذاتها وفي بيئة عملها، لأن كورونا لا أحد يعلم متى تنتهي من هذه الحياة، وعليه فإن الانسان عليه أن يتعايش معه، ويفكر بايجابية.

المرضى النفسيون.. بين المعاناة والأمل

الحياة الصحية والشعور بالرضا ينيران درب “الشيخوخة الناجحة”

كثيرة هي الأحلام التي ما تزال عالقة منذ عامين وتنتظر دخولها حيز التنفيذ، إذ جاءت جائحة كورونا لـ “تغيب” آمالا كثيرة كانت تنتظر أن تبصر النور ذات يوم علّ الحال يتغير لما هو أفضل. عامان تخللهما أحلام وخطط لكنها ثابتة مكانها لا تتحرك، حيث أصبح الإنسان يميل لأن يعيش يومه دون التفكير فيما سيأتي غدا المرهون بتطورات فيروس كورونا وطفراته. “التعافي النفسي” هو ما يحتاجه الأربعيني أحمد حسن في بداية 2022، لعله يتمكن من إنعاش خططه وطموحاته التي توقفت عن التنفيذ منذ 2020، بسبب جائحة كورونا التي ألقت بظلالها السلبية على حياته بشكل عام. ويقول أحمد “أصبح كل شيء مرهونا بكورونا حتى في تفاصيل الحياة البسيطة، فلم نعد نفكر ولا نخطط لأي شيء منتظرين انتهاء الوباء”. اتخاذ قرار التفكير بإيجابية والتوكل على الله، والبدء من جديد، هو ما يسعى إليه أنس البيتاوي مع بداية عام 2022 برفقة خطط قيدتها الجائحة ورحلتها معه عام بعد عام.

بعد الصدمات.. التصالح مع الواقع أولى خطوات العلاج

كيف تؤثر الأحداث الفارقة في حياتنا على صحتنا النفسية لفترة طويلة؟

ويقول البيتاوي “تعلمت الكثير من كورونا وتمسكت أكثر بخططي وأهدافي”، مشيرا الى أنه خلال العامين الماضيين فقد الكثير من مهاراته وأفكاره، واستسلم للإحباط وترك نفسه مسيرا لتبعات كورونا وأين تمضي به. اختصاصية العلاج النفسي والاجتماعي الدكتورة عصمت حسو تشير إلى أن كورونا قدمت درسا للبشرية على مختلف الأصعدة، إذ غيرت الكثير من المفاهيم والأفكار التي كانت سائدة، فالإنسان بطبيعته لم يكن يؤمن بعنصر المفاجأة وكان يتعامل مع أمور حياته على المضمون. وتؤكد حسو ضرورة أن يكون لدى الإنسان خطط بديلة تتواءم مع أي ظرف طارئ، مبينة أن كورونا عطلت كثيرا من الأهداف وغيرت طبيعة الحياة على مدار عامين كاملين، إلا أن ما يميز أية جائحة أن الناس تتساوى، فيعيش الإنسان يومه ويزداد تفكيره بأي شيء طارئ. بعد عامين من كورونا تشير حسو الى ضرورة التركيز على نوعية العلاقات ومتطلبات الحياة، فالتكنولوجيا سرقت الناس من العلاقات الأسرية خلال الجلوس القسري وكشفت عن العلاقات الزوجية الأصيلة، كذلك حجم الفجوة بين الناس، ومن زاوية أخرى قربت الجائحة أناسا من بعضهم البعض وازدادت العلاقات قوة ومتانة. ويوافقها في ذلك الخبير النفسي الدكتور موسى مطارنة الذي يلفت إلى أن أي حدث يصيب البشرية بشكل كامل يُحدث صدمة للمجتمع، وتفكير وحيد حول كيفية التخلص والنجاة منه. ووفق مطارنة، فإن التفكير على مستوى التخلص من الفيروس وضبابية الجائحة أخذ الناس بعيدا عن أهدافها وخططها وأحلامها أيضا وانحسر التفكير في أطر معينة. الآن وبعد عامين من كورونا وبعد الوصول إلى مراحل متقدمه في التصدي لهذا الفيروس، يؤكد مطارنة ضرورة التعايش مع هذا الوباء والتعامل معه كواقع حال والبدء في التفكير في التعامل مع نتاجاته وما تركه من أثر في كافة الجوانب الحياتية. ولأن الجائحة زادت من آلام الفقد وأوجاعه، فإن الخوف من خسارات جديدة من محيط الأهل والأحبة، تضاعف، لكن مع مرور وقت لابد من أن يكون هناك حالة من الاعتياد ومواجهة الصدمات، وأن يكون هنالك خطط حول كيفية التعامل مع القضايا والأهداف والأحلام التي توقفت في ظل جائحة كورونا، ومعرفة كيفية التعامل مع المشكلات والعلاقات الاجتماعية. وتعود حسو لتؤكد أن كورونا ساهمت في “إعادة ترتيب العلاقات واختيار الأشخاص ممن نضمن استمرارهم وبقاءهم إلى جانبنا مهما كانت الظروف والأحوال”. وتنوه “لابد من أن يوقن الإنسان أن ما سيأتي غير مضمون وأن عليه أن يعيش اللحظة بكل تفاصيلها”، فقد جاءت كورونا لتؤكد الحكومة أيضا أهمية الاستثمار في القطاعين التعليمي والصحي وأن تكون جاهزة لإدارة هذان الملفان في أي ظرف طاريء. وحول البدء بالعام الجديد واستئناف الخطط والأحلام والأهداف التي أوقفتها كورونا وعرقلت تنفيذها، تؤكد الحسو على ضرورة أن يحدد الشخص موارده المالية في اتجاه واحد وأن ينوع مصادر دخله من خلال مشاريع متنوعة ومختلفة حتى لا تتضرر كاملة في ظل حدوث أي طارئ. وبحسب حسو، ومع استقبال عام 2022 لابد من استئناف الأحلام وتنفيذ الخطط وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي بانتظار انتهاء جائحة كورونا فربما بعدها يأتي شيء آخر أو ظرف يعرقل هذه الخطط من جديد. الى ذلك، ينبغي أن تكون هناك خطط بديلة وتوقعات استثنائية لأي ظرف أو تغيير قد يعصف بهذه التوقعات، متسلحين بالإصرار والعزيمة والمثابرة والرغبة دائما في الوصول إلى الأهداف. المناعة النفسية بحسب حسو هي الأساس والجسر الذي سيمكن الأشخاص من العبور إلى أحلامهم، وتنفيذ خططهم العالقة والبدء من جديد، فالصحة النفسية والمناعة النفسية هي الوصفة السحرية للوصول إلى الغايات وتجاوز الصعاب والعثرات التي خلفتها جائحة كورونا. وتضيف “الإرادة هي وقود النجاح وبها يتغلب على كل صغيرة وكبيرة” وليس عيبا أن يخطئ الإنسان ولكن من السلبية تكرار ذلك، لذا عليه أن يتعافى من كل الأفكار والعلاقات السلبية ويدخل عامه الجديد بأمل وتفاؤل وعزيمة. وينصح مطارنة الإنسان بعدم التوقف عند محطة تبعد الأماني والطموحات والغايات في المستقبل، فصدمة كورونا على صعوبتها إلا أنها أفرزت أفكارا جديدة، فما بعد الجائحة يختلف تماما، واكتسب الإنسان خبرة ومهارات كافية للتعامل مع الحالات الطارئة والمفاجئة بشكل مهني وعقلاني وايجابي. ويبين مطارنة أن النظرة بعقلانية والتفكير بشكل منطقي يسهم في معالجة وترميم الاختلالات وبناء قواعد أساسيات للتقدم من دون التوقف عند عتبات الماضي، إنما التفكير بما يحقق النجاح والتقدم.اضافة اعلان