الاعتراف بالعضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة.. هل يحقق حل الدولتين؟

1713367971868794700
مجلس الأمن الدولي خلال تصويت سابق-(أرشيفية)
عمان - في انتظار مصير التصويت في مجلس الأمن اليوم على قبول عضوية فلسطين الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، تثور تساؤلات حول الفوائد التي يمكن أن يجنيها الفلسطينيون من هذا الاعتراف إن حدث، وماذا سيترتب عنه، لاسيما من حيث الاقتراب إلى تحقيق حل الدولتين، أو من حيث قوة الدفع الذي يمنحه للطرف الفلسطيني في المساءلات القانونية والجنائية، وكذلك في المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.اضافة اعلان
وفي الوقت الذي بدأت فيه دول غربية عدة تدرس الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كسبيل نحو السلام في المنطقة، باعتباره الأمل الوحيد لكسر دائرة العنف التي تبدو بلا نهاية، من المقرر أن يصوت مجلس الأمن الدولي اليوم الخميس على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، فيما استبقت الولايات المتحدة التصويت تاركة الشكوك تحيط بفرص نجاح مشروع القرار بالنجاة من فيتو محتمل من حلفاء إسرائيل الذين يتمتعون بعضوية مجلس الأمن.
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد في تصريحات صحفية أمس، إنها لا ترى أن هذا القرار من شأنه أن يساعد في الوصول إلى حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وكانت الجمعية العامة في الأمم المتحدة اعترفت بدولة فلسطين العام 2012، وقبلت عضويتها في المنظمة الدولية بصفة "مراقب".
بدورهم يرى مراقبون أن رفض حكومة اليمين المتطرف بقياده بنيامين نتنياهو حتى مجرد الانخراط في مناقشة مسألة الدولة الفلسطينية، تتسبب في إحباط واسع النطاق لحل الدولتين كسبيل لحل الصراع، الأمر الذي دفع المجتمع الدولي لدراسة مسألة الدولة الفلسطينية كوسيلة للدفع نحو حل الدولتين.
وبحسب هؤلاء، فإن الاعتراف الدولي إن تم، من شأنه أن يفتح مرحلة جديدة لتحقيق الدولة الفلسطينية، وبالتالي سيتوسع الإطار القانوني للتعامل مع الوضع ليشمل بذلك مزيدا من الهيئات الدولية التي تتعامل مع حقوق الإنسان.
وتحظى فلسطين حاليا بوضع دولة غير عضو، لها صفة مراقب، وذلك بعد اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 عضوا بفلسطين عام 2012، لكن الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة يحتاج إلى موافقة مجلس الأمن، حيث يمكن للولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، أن تعرقل القرار.
وفي هذا الصدد، يرى الوزير الأسبق مجحم الخريشا، أن الأطراف الرئيسية في الشرق الأوسط تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التحرك صوب الاعتراف بدولة فلسطينية، داعيا في الوقت ذاته إلى توخي الحذر بشأن التصريحات الأميركية والبريطانية، إذ يمكن تفسيرها على أنها محاولة للضغط على الحكومة الصهيونية التي يبدو أنها غير مكترثة بما أعرب عنه حلفاؤها من انزعاج وقلق إزاء تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
ويضيف الخريشة: "منذ سنوات والدول الغربية كانت ترى أن تغيير وضع الفلسطينيين سيأتي ثمرة  لمفاوضات حل الدولتين، والذي يعني أن تعيش إسرائيل وفلسطين جنبا إلى جنب في سلام وأمن، لكن بعد العدوان الهمجي على غزة طفت على السطح وبقوه قضية الاعتراف بدولة فلسطينية باعتبارها خطوة أولى تمهد الطريق أمام حل دائم وسلمي لصراع ممتد منذ عقود، لكن شريطة حدوث تغيرات على أرض الواقع، وبدون ذلك، فإن الاعتراف سيكون عديم الفائدة ولن يؤدي إلا إلى استمرار بقاء الوضع الراهن".
ومنذ العام 2012، بعد أن أصبحت فلسطين دولة بصفة عضو مراقب في الأمم المتحدة، انضمت إلى عديد المعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان، وشمل ذلك العهود الدولية للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW).
وتعكس عضوية فلسطين في هذه المعاهدات وضعها كدولة ذات سيادة في القانون الدولي، بجميع التزامات وواجبات هذا الوضع.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن فلسطين عضو في مجموعة متنوعة من المنظمات الدولية الأخرى، بما في ذلك حركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامي، والمحكمة الجنائية الدولية (ICC).
من جهته، يقول عميد كلية القانون السابق في جامعة الزيتونة الدكتور محمد فهمي الغزو، إنه بموجب القانون الدولي، فإن الدول تجري علاقاتها الخارجية على أساس الاعتراف الثنائي متعدد الأطراف بالسيادة، ما يشكل مه هذا الاعتراف أيضا الأساس لسلوك الدول، ويفرض العديد من الالتزامات القانونية القابلة للتطبيق والواجبات بموجب المعاهدات الدولية.
وأضاف الغزو: "تم الاعتراف بفلسطين بوصفها دولة مستقلة من قِبل 139 من أعضاء الأمم المتحدة البالغ عددها 193، لكن وبشكل حاسم لم تعترف بها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى من مجموعة الدول السبع الكبرى، بما فيها ألمانيا وإيطاليا وفرنسا".
وتابع: "الاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة يتجاوز مجرد إيماءة سياسية، إذ يمتلك هذا الاعتراف إن حصل القدرة على فتح مجالات قانونية أوسع للمساءلة عن الفظائع وانتهاكات حقوق الإنسان، استنادا إلى التزامات الدول تحت قوانين النزاعات المسلحة الدولية".
وأضاف: "في حال تم الاعتراف بفلسطين كدولة يترتب عليها التزامات معينة من جانبها، سواء من حيث القانون الدولي أو حقوق الإنسان، وتتحمل الدول التزامات وواجبات ملموسة بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بكيفية التعامل مع النزاعات المسلحة، كما يلزمها أيضا الالتزام بالقانون الدولي في الاعتراف بحقوق الإنسان وحمايتها في الأراضي التي تخضع لسلطتها".
ومساء الثلاثاء الماضي، نشرت البعثة الفلسطينية في الأمم المتّحدة على حسابها في منصة (إكس) بياناً صادراً عن مجموعة الدول العربية في الأمم المتّحدة يطالب مجلس الأمن الدولي بقبول دولة فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة.
وقالت المجموعة العربية في رسالتها: "ندعو جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى التصويت لصالح مشروع القرار الذي قدّمته الجزائر باسم المجموعة العربية، وعلى أقلّ تقدير، نناشد أعضاء المجلس عدم عرقلة هذه المبادرة الأساسية".
وبحسب البعثة الفلسطينية، فإن مشروع القرار الجزائري يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة.
ويتم قبول دولة ما عضواً في الأمم المتحدة بقرار يصدر من الجمعية العامة بأغلبية الثلثين، لكن فقط بعد توصية إيجابية بهذا المعنى من مجلس الأمن الدولي.
من جهته، يرى المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، ان الاعتراف بفلسطين كدولة هو أكثر من مجرد اعتراف سياسي؛ إذ إنه ينطوي على آثار قانونية تستدعي أهميتها أيضا عندما يتعلق الأمر بالتفاوض على السلام ومستقبل الشعب الفلسطيني، والمساءلة عن جرائم الحرب التي ارتكبها الكيان المحتل.
وأضاف الحجاحجة أن الاعتراف بدولة فلسطينية من شأنه أن يمنح الفلسطينيين المزيد من السلطات السياسية والقانونية، فضلا عن رمزية الخطوة بما يمهد الطريق أمام اعتبار احتلال إسرائيل لأراض فلسطينية أو ضم بعضها إليها، قضية قانونية.
وتابع: "الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيكون وسيلة للقول بأن المجتمع الدولي يقبل مشروعية القضية الفلسطينية في سياق احتلال صهيوني طال أمده، وهذا الأمر سيساعد في تعزيز الرصيد السياسي للفلسطينيين.