تعديلات دستورية تحمي حقوق الإنسان وتنتظر الإجراءات التنفيذية

اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية خلال جلسة سابقة-(أرشيفية)
اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية خلال جلسة سابقة-(أرشيفية)
هديل غبون  عمّان- أشاد حقوقيون وقانونيون بالتعديلات الدستورية المتعلقة بتمكين الفئات الأكثر حاجة للحماية. فضلا عن  إدراج كلمة الأردنيات في عنوان الفصل الثاني من الدستور الخاص بحقوق الأردنيين وواجباتهم وتفصيل بنود للمرأة والطفولة والشيخوخة وذوي الاعاقة والشباب.

موقف الحقوقيون

يرى حقوقيون، أن مشروع التعديلات سينعكس على البيئة الثقافية والتشريعية لمنظومة حقوق الإنسان في البلاد. وكذلك على المراجعات الدورية للتقارير الحقوقية تحت مظلة الأمم المتحدة، ضمن تعزيز مبادئ أساسية تتعلق بالعدالة وتكافؤ الفرص للأردنيين والأردنيات، وتؤسس لمرحلة تشريع جديدة. ويبرز في التعديلات الدستورية في إطارها الحقوقي، وضع حقوق النساء والشباب وذوي الإعاقة “تحت كفالة وحماية الدولة”، بنص منفصل لكل منهما. إضافة إلى النص صراحة على حماية الطفولة والأمومة والشيخوخة، ضمن فقرات أضيفت على المادة 6 من الدستور. حقوقيون وقانونيون، أكدوا أن التعديلات التي وردت في مشروع تعديل الدستور الأردني لسنة 2021، ذات سمة حقوقية وتعتمد تعزيز مبادئ أساسية في حقوق الإنسان.

تعديلات الدستور: إنشاء مجلس للأمن الوطني يرأسه الملك

وقال الخبير والمدرّب الحقوقي كمال المشرقي لـ”الغد”، إن التشريعات الدستورية تسهم في توسيع مظلة الحماية للفئات المستضعفة من النساء والأطفال والاشخاص ذوي الإعاقة. وتركز على مبادئ أساسية تعتمد على تطبيق مفهوم المساواة والتمكين وتكافؤ الفرص في جميع القطاعات المدنية والسياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أنها تساعد على خلق بيئة آمنة لدمج جميع الفئات وتعزز التماسك المجتمعي والمضي نحو تعزيز مفهوم التنمية المستدامة.

أهمية المشروع المعدل

يرى المشرقي، أن أهم ما يلفت في مشروع الدستور المعدّل، ما ورد في الفصل الثاني منه بإضافة الأردنيات على عنوان “حقوق الأردنيين وواجباتهم” ليصبح “حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم”. معتبرا ذلك “تكريسا” لمعايير المناصفة وهذه المستخدمة في تعديل الدستور وبعيدة كل البعد عن مفهوم “المماثلة”، على حد تعبيره. ووفق المشرقي فان ذلك “يعني بأن المقترح يراعي الجوانب المبنية على التنوع في المجتمع وتبادل الأدوار مناصفة بين الرجل والمرأة ، وتحقق نوع من العدالة في تكوين البيئة والتركيبة المجتمعية”. ويرى أن التحفظات على هذه المفاهيم في غير محلها، وقال إن “حساسية التعامل مع القضايا المرتبطة بحماية حقوق المرأة من المنظور الدستوري يؤسس لمرحلة قادمة في دعم قضايا المساواة في المجتمع والنهوض بمنظومة حماية حقوق المرأة والتي هي بالأساس حقوق المجتمع بأكمله”. وفي الإطار الحقوقي الأشمل، يرى المشرقي أن التعديلات تساعد بشكل كبير على مأسسة العمل الحقوقي في دعم قضايا حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

ما يشمله التعديل

شمل التعديل مضمون حماية الحقوق تأكيدا للتعهدات والالتزامات بضرورة توفير البيئة القانونية الآمنة للأشخاص ذوي الإعاقة، وتأكيد تطبيق منظومة الحماية من جهة الدستور، وكذلك التشريعات الناظمة وخصوصاً القانون رقم 20 لسنة 2017 وتعديلاته. وهو ما يؤسس لمرحلة قادمة تلزم بالنهج القائم على حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتطبيقها، ويضمن تمتع هؤلاء الأشخاص بحقوقهم وحرياتهم الأساسية. الى جانبل تفعيل أدوارهم في المجتمع وتحقيق المصلحة الفضلى لهذه الفئة التي تحتاج للحماية والرعاية بشكل مستمر. ويعتقد المشرقي، أن مشروع التعديلات الدستورية تقتضي بالنتيجة العمل على اصلاح منظومة التشريعات القانونية الوطنية ومراجعتها للمواءمة مع الالتزامات الدولية خصوصاً الاتفاقيات الأساسية المعنية بحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك تفعيل دور اللجنة المعنية بمراجعة التشريعات والتي تم تأسيسها العام 2018. ليأتي تعديل الدستور 2021، بمثابة مأسسة لمعايير أساسية، تستند اليها هذه المنظومة لحماية الحقوق والحريات. وفيما دعا المشرقي إلى ضرورة إطلاق حملة توعية بالجوانب الحقوقية التي تضمنتها التعديلات. اقترح أيضا إعادة النظر في التوصيات والملاحظات الختامية، التي قدمتها الآليات التعاقدية ضمن مناقشة التقارير الدورية ووضعها في صياغة خطة وطنية لتنفيذها وتوفير مظلة تشريعية وتنفيذية لها. الى جانب توفير الموارد اللازمة وتوسيع دائرة الحماية، والمضي نحو تنفيذ توصيات الإجراءات الخاصة. خاصة المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، والتوصيات المقدمة إلى الأردن ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان.

أثر التعديلات

وفي ذات الخصوص، تقول المحامية إسراء محادين مدير مركز قلعة الكرك للاستشارات والتدريب، إن ما ورد من تعديلات بالمجمل في مشروع التعديلات الدستورية 2021، سينعكس حتما على ثقافة المجتمع الأردني والذهنية العامة، وحتى على مستوى السياسات والممارسات والتطبيقات القانونية. وفيما استبعدت محادين إدخال تعديلات جوهرية على مشروع تعديل الدستور في البرلمان، تعتقد أن إدراج مصطلح الأردنيات على الفصل الثاني للدستور يؤسس لمرحلة وعي جديدة على مستوى الممارسات والثقافة العامة. كما انها رافضة أي مخاوف تتعلق بالمس بحقوق المرأة الشرعية أو إعطاء الجنسية لأبناء الأردنيات بموجب هذا التعديل، لاعتبارات تتعلق بقانون الجنسية. وقالت محادين “قضية منح الجنسية ترتبط بقانون الجنسية، وإدراج نصوص دستورية لتمكين المرأة وذوي الإعاقة باعتبارهم من الفئات الأكثر هشاشة والحاجة للحماية، يندرج في تعزيز منظومة حقوق الإنسان كاملة”. وترى محادين، أن التشريع جزء أساسي من تعزيز منظومة حقوق الانسان، يتبعه الممارسات والتطبيق ما يتطلب حملة توعية بهذه التعديلات. وتتفق مع محادين، المحامية تغريد الدغمي مديرة مركز وعي لحقوق الانسان، بأثر تلك التعديلات على تعزيز منظومة حقوق الانسان. وبما يستوجب مراقبة ومراجعة وتدقيق التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية والخطة الوطنية لحقوق الانسان. وتوضح الدغمي، انه ورغم عدم تعديل نص المادة 6 من الدستور المتعلقة بأن الأردنيين أمام القانون سواء ولم تضف لها كلمة الأردنيات، إلا أن إضافتها على الفصل الثاني من الدستور ينسحب على كل المواد المندرجة في هذا الفصل. إضافة إلى أن ذلك سيضيّق من باب الاجتهادات المتعلقة بحقوق الاردنيات في مختلف المسائل الحقوقية. ويرى الخبير الحقوقي رياض صبح، أن ما تم إدراجه في الفصل الثاني من الدستور الأردني من إضافة الأردنيات، يعد إضافة أوسع وأكثر شمولا من تعديل المادة 6. ويمتد إلى كل مجالات الحقوق، وأن الحق دستوري للجميع، وأن كل أوجه التمييز القانوني يجب أن تصوّب بموجب هذا التعديل المقترح. ولفت صبح، بأن ما ورد من تعديلات أخرى تتعلق بكفالة الدولة بتمكين المرأة والشباب وذوي الاعاقة، يندرج ضمن تجسير الفجوة فيما يتعلق بالتمتع بالحقوق من خلال وسائل مساندة وتدابير واضحة، ما يعني أن أي عوائق اجتماعية وثقافية واقتصادية غير قانونية، بموجب هذه التعديلات، بأن يتم العمل على إقرار هذه التدابير “التعجيلية” على حد تعبيره، للوصول إلى هذه الحقوق. وقال “إن هذه إضافات جيدة تبرر تشريعيا أي تعديلات على القوانين لاحقا، سواء فيما يتعلق بالكوتا أو غيرها من حقوق وهي كلها من وحي القانون الدولي ويجب أن تنعكس على التشريعات وليست مفردات إنشائية، كلها لها أثر ودلالات قانونية”. من جهتها، اعتبرت عضوة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية المحامية ريم أبوحسان، أن ما أدخل من تعديلات على الدستور في الإطار الحقوقي سيؤسس لمرحلة تشريعية جديدة، خاصة وأن تعديل عنوان الفصل الثاني من الدستور الأردني الذي يشمل المادة 5 من الدستور إلى المادة 23، ينسحب على كل ما ورد فيها، لافتة إلى أن إدراج كلمة الأردنيات على كل بند كان سيستوجب فتح كل المواد. وفيما يخص حقوق المرأة وإدراج فقرة تنص على أن الدولة تكفل تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع، بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والانصاف وحمايتها من كل أشكال العنف والتمييز، قالت أبو حسان، إن التخوفات وما أيدته من وجود بعض “محاولات شيطنة” للنصوص المقترحة الخاصة “بالمرأة”، في غير محلها، وأن ما تم تعديله يدستر “العلاقة بين المرأة الدولة” في علاقة كفالة مباشرة. وأكدت الوزيرة السابقة، أن التعديلات ستنعكس على منظومة وآلية التشريع، والممارسات والسياسات فإن النص المتعلق بالمرأة حدد وعرّف بشكل واضح مبني على أساس مبادئ العدالة والانصاف وتكافؤ الفرص، ولم يمس الحقوق الشرعية للنساء. وشددت أبوحسان مجددا، على أن التعديل لم يتضمن استخدام مصطلح “الجنس”، وأن النص المتعلق بأن الأسرة “أساس المجتمع” باق في النص الدستوري الأصلي، وأن التعديل يتعلق بزيادة الفرص والموارد للنساء. وقالت “الحقوق الشرعية محمية بالدستور وفي قانون الأحوال الشخصية”. الى ذلك، تشكك أوساط نيابية وسياسية بمآلات تلك التعديلات، خاصة فيما يتعلق بتمكين المرأة، وتبدي تلك الاوساط، مخاوفها من تلك التعديلات لاعتقادها انها قد تمس حقوق المرأة الشرعية. وإيجاد مفاهيم جديدة “للمساواة” ورفض “التمييز”، وسط تساؤلات عن حتمية قوننة منح الجنسية لأبناء الأردنيات والتأثير على قضايا الإرث، بموجب التعديلات.اضافة اعلان