تكييف قضية تسول 3 طفلات "اتجارا بالبشر" خطوة مهمة لتفعيل القانون

نادين النمري

عمان– فيما اعتبر مختصون أن قرار قاضي الأحداث بتحويل 3 طفلات شقيقات كن يتسولن ليلا في أحد شوارع العاصمة أول من أمس إلى إحدى دور الحماية، خطوة مهمة لجهة بدء تطبيق وتفعيل تعديلات قانون منع الاتجار بالبشر التي اعتبرت الإجبار على التسول المنظم شكلا من أشكال هذا الاتجار، طالب هؤلاء الخبراء بإيجاد تعريف واضح لمفهوم "التسول المنظم"، خصوصا أن القانون الحالي يفتقر إلى هذا التعريف.

اضافة اعلان


ويرجح أن تصل العقوبة بحق أب الطفلات المتسولات إلى 10 أعوام، في حال تكييف القضية كحالة اتجار بالبشر.


وكانت فرق مكافحة التسول ضبطت الطفلات الثلاث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 9 و11 عاما في أحد شوارع العاصمة ليلا إثر ورود بلاغات عنهن، وتبين أن إحداهن مكررة للتسول بواقع 10 مرات.


ورغم إيداع الفتيات الثلاث، بداية، في دار رعاية الأطفال المتسولين في الضليل، لكن قاضي الأحداث المختص، وبعد عرض الحالة عليه، قرر إيداعهن في إحدى الدور التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية المختصة بحماية ضحايا الاتجار بالبشر (دار كرامة) لمدة ستة أشهر، حيث سيتم تقديم كافة الخدمات التعليمية والنفسية لهن إضافة إلى سائر البرامج الموجهة وبرامج إعادة تأهيلهن من أجل دمجهن في المجتمع.


ووفقا لوزارة التنمية الاجتماعية "سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الأب بسبب تسخيره للفتيات وتوديعه للقضاء المختص بشبهة الاتجار بالبشر، وبالتنسيق والتعاون مع وحدة مكافحة الاتجار بالبشر التابعة لمديرية الأمن العام".

وفي هذا السياق تقول المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز إن "التعديل التشريعي على قانون منع الاتجار بالبشر وإضافة التسول المنظم يعد تعديلا مهما لجهة مساهمته في حماية الأطفال من الاستغلال".


وتابعت: "من الجيد أن نرى بدء التطبيق وتفعيل هذا القانون في أول سابقة بقرار حماية طفلات مستغلات في التسول".


أما المديرة التنفيذية لجمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان لندا كلش فتوضح أن القرار "جاء مهما جدا، لكن القضية حتى الآن ما تزال منظورة باعتبارها شبهة اتجار بالبشر".


وتتابع: "هناك إشكالية بعدم وجود تعريف واضح للتسول المنظم في القانون، لذلك نحن بحاجة الى تعريف من ديوان التشريع والرأي يوضح ماهيته". وتلفت كلش الى انه "في حالة الإدانة بتهمة الاتجار عبر التسول المنظم فإن العقوبة ستكون مغلظة وتصل الى 10 سنوات، أما في حال تم التكييف على أنه تسول فقط فإن العقوبة ستكون وفقا لقانون العقوبات، وستصل إلى عام واحد فقط".


وتنص المادة (389) من قانون العقوبات على: "يعاقب كل من سخر الآخرين للتسول أو طلب الصدقة بالحبس لمدة لا تقل عن عام"، في حين أن قانون منع الاتجار بالبشر الذي أقر مؤخرا، جرم التسول المنظم وأدرجه كجريمة اتجار بالبشر، مشددا العقوبة في حال كان الضحية دون الـ18 عاما، أو أنثى أو شخصا من ذوي الإعاقة.


وأتاحت التعديلات للقاضي إصدار عقوبة الحبس بين 6 أشهر و5 سنوات مع الأشغال الشاقة المؤقتة والغرامة بين 3 و10 آلاف دينار على مرتكب جريمة الاتجار بالبشر، وغلّظت ذلك في حال كانت الضحية في سن الطفولة أو امرأة أو من ذوي الإعاقة.

وبحسب المادة 9 من القانون التي تقول: "ﻳﻌﺎقب ﺑﺎﻻﺷﻐﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻗﺔ ﺍﻟمؤﻗﺘﺔ ﻣدة ﻻ ﺗﺰيد ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮ سنواﺕ ﻭبغراﻣﺔ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ﺧﻤﺴﺔ آﻻﻑ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻭﻻ ﺗزيد ﻋﻠﻰ عشرين أﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ".


وفيما يخص قرار القاضي بتوفير الحماية للطفلات الثلاث لمدة 6 أشهر في دور الرعاية، قالت كلش إن هذه الخطوة "مهمة لجهة اعادة تأهيل وإدماج الطفلات وتعريفهن على الحياة خارج إطار التسول".


ولفتت إلى أن "دار الكرامة تستقبل ضحايا الاتجار لمدة شهرين كحد أقصى، لكن من الممكن الاستفادة من الخبرات الموجودة لدى وزارة التنمية في دور حماية الأطفال المستغلين في التسول، التي تطبق العديد من البرامج للتعامل مع هذه الفئة من الأطفال، وتوفير الحماية لهم واعادة تأهيلهم ودمجهم".


وبحسب إحصائيات وزارة التنمية الاجتماعية للعام الماضي، فإن الاطفال المستغلين في التسول يشكلون 42 % من إجمالي المتسولين، اذ يبلغ عدد المتسولين المضبوطين 5787، والأحداث منهم 2418 (1639 ذكورا، و785 إناثا).

وفي تفاصيل بيان الوزارة عن حادثة الفتيات الثالث، قالت إن "أب الفتيات يعمل على تسخيرهن للعمل في جرم التسول بمناطق مختلفة في العاصمة عمان، رغم أنهم يسكنون في إحدى المحافظات القريبة من العاصمة ويتم إحضارهن منذ ساعات المساء للعمل بالتسول حتى ساعات الفجر".