معاناتها مع متلازمة داون لم تكن إلا حافزا لتصبح أكثر قوة وإيمانا بالذات

مجد الهنداوي.. تحصد الحزام الأسود بالكراتيه وتحلم بدراسة الإعلام

مجد الهنداوي - (من المصدر)
مجد الهنداوي - (من المصدر)

بابتسامة لا تفارق وجهها وإصرار على رسم مستقبل أفضل؛ تمضي الشابة مجد الهنداوي (23 عاما) نحو حياة تريدها أكثر عدلا وايمانا بالقدرات.

اضافة اعلان


هي وبإرادة لا تعرف الهزيمة أو اليأس تطمح لأن تكون شخصية مجتهدة وقوية وتثق بأن الحلم تأشيرة للنجاح فمتى وجدت الرغبة في التغيير أصبح كل شيء ممكنا.


مجد أول لاعبة من متلازمة داون تحصل على الحزام الأسود بالكراتيه وتثبت استحقاقها للتميز وتقديم نفسها عالميا لتنافس على حقها في تحديد طريقها والعمل من أجل واقع أكثر إنسانية يؤمن بالآخر، وبحقه بالفرص ليصنع إنجازات تليق بحجم طموحه. 


مجد لم تعرف الوقوف يوما هي ظلت مؤمنة بنفسها وبحلمها بأن تكون إعلامية وهذا ما يجعلها أقوى من الظروف. أحبت التصوير وخضعت للعديد من الدورات لتحترفه كما تميزت بالمشغولات اليدوية وآمنت بالتغيير وبأن الحلم سيتحقق وتنجح أكاديميا وتلتحق لاحقا بالجامعة.


واجهت مجد في بداية حياتها بعض الصعوبات وتحديدا على المستوى الصحي، إذ خضعت للعديد من العمليات نتيجة مشاكل بالقلب. هي بدأت تدرك أن الحياة ليست وردية وأن كل تلك الصعوبات لم تكن إلا لتقويها وتزيدها إيمانا. 


ومن وجهة نظرها فإن متلازمة داون ليست إصابة ولا حتى مرض، إنما خلل بالكروموسومات يعني هناك كروموسوم زائد، وهذا بحسب رأيها ما يفسر كونهم أكثر سعادة وطيبة وأمل. 


نظرتها تجاه نفسها لم تتغير يوما فهي ترى أنها تتساوى مع غيرها. "أنا زيي زيك" عبارة تؤمن بها مجد وتطبقها على أرض الواقع فقد تعلمت أن تدافع عن نفسها وترد باحترام على كل من يسيء لها أو حتى يفكر بذلك.


طموحها وشخصيتها القوية واجتهادها هي أسباب قادتها لأن تكون ناجحة ولديها الرغبة لأن تتعلم أشياء كثيرة تحبها كالتصوير وصناعة الإكسسوارات والميداليات وأيضا الطباعة عليهما. كما أبدعت في رياضة الكراتيه فكانت أول لاعبة من متلازمة داون تحمل الحزام الأسود في الأولمبياد الخاصة بذوي الإعاقة والتي أقيمت على أرض المملكة في عام 2020 واليوم تنافس على البطولة عالميا. 


أما حلمها بدراسة الإعلام فلم يكن عن عبث فمجد بلباقة حديثها وسرعة البديهة لديها عرفت كيف تصقل شخصيتها وتخطو نحو الحلم الذي لطالما أحبته وأرادته واقعا.
 تقول؛ مجد "أطمح أن أكون صحفية لأستطيع توصيل صوتنا للعالم لذا تحاول أن تجتهد أكاديميا وكلها ثقة أن تحصل على شهادة الثانوية العامة بالفرع الأدبي قد تكون المهمة شاقة.. لكنها تعلم تماما أنها قادرة على اجتياز المرحلة وتتويج كل تلك السنوات بنجاح يؤهلها من الالتحاق بالجامعة ودراسة الإعلام". 


وتبين والدة مجد سمر عثامنة أن مجد متميزة ليست لأنها ابنتها بل لأنها عرفت كيف تهيئها لمواجهة كل الظروف فمجد بطبيعتها لا تعرف الاستسلام أبدا هي قوية في أصعب المواقف تحب أن تتعلم دائما. 


وتشير إلى أنها احتضنتها منذ البداية، لم تقف مكتوفة اليدين بل سعت في كل الاتجاهات برغم صعوبة الحصول على المعلومة في ذلك الوقت فلم تكن التكنولوجيا كما هي الآن بانتشارها الواسع. 


تقول "لم أنتظر أن يساعدني أحد لذا قررت طرق كل الأبواب والعمل من أجل أن تعيش ابنتي حياة آمنة ومستقرة تكون فيها متساوية مع غيرها وقادرة على تحقيق كل ما تطمح إليه". 


حبها لابنتها كان الدافع وراء كل ما تفعله فهي لم تسمح للمحبطين والمتنمرين أن يكونوا عقبة في طريقها، قرارها كان واضحا منذ البداية فنجاح ابنتها وسعادتها بالنسبة لها أولوية لن تتنازل عنها لأي سبب من الأسباب لذلك حاولت بكل طاقتها أن تربيها على المسؤولية والثقة بالنفس، كما ألحقتها بمراكز خاصة منذ أن كانت صغيرة. 


ولأنها تدرك جيدا أن التغيير يبدأ من الداخل وأن النجاح لا يتحقق بالشعارات، تدعو الأم الأهالي جميعهم إلى الإمساك بأيدي أبنائهم وخاصة من لديه ابن أو ابنة من ذوي الإعاقة تقول، "آمنوا بأحلامهم لا تتركوهم للظروف وللنفوس المريضة.. واحترموا رغباتهم وميولهم وادعموهم لكي يتميزوا.. إيمانكم بهم سيكون فارقا في حياتهم".


وتؤكد أن وقوفها إلى جانب ابنتها والاستماع لكل ما تفكر به والسماح لها بأن تلحق أحلامها كل ذلك مكن مجد من الإقبال على الحياة وإثبات أنها قادرة على رسم مستقبل أفضل يليق بطموحاتها. هي اليوم شخصية متحدثة تعرف تماما ماذا تريد وكيف تقدم نفسها للمجتمع وتكون على قدر الثقة. 


أحبت مجد اختلافها، فلم تقبل إلا أن تكون مميزة بأفكارها وإمكاناتها لا ترى في الظروف عائقا أو شماعة لتلقي عليها الأعذار والمبررات التي تعفيها من المسؤولية تجاه كل ما تحلم به.


هي استطاعت أن تتحدى وضعها الصحي وما تزال إلى الآن تواجه الألم بالنجاح، متمنية الأم أن تلتفت الجهات المعنية جميعها لتطبيق الدمج بصورته الحقيقية ليشمل كل مدارس المملكة، فهناك قصص كثيرة تحمل المعاناة نفسها. 

 

اقرأ أيضاً: 

أشخاص من متلازمة داون يتركون بصمات في سوق العمل