"القدس والمسجد الأقصى" .. الانفجار قد يحدث في أي لحظة والعواقب خطيرة جدا

G8DYs (1)
G8DYs (1)

عماد العجلوني- تتسارع الأحداث على الساحة الفلسطينية بشكل لافت في الآونة الأخيرة، حيث شكلت حادثة اقتحام وزير الأمن القومي للاحتلال الإسرائيلي إيتمار بن غفير ومجموعة من المستوطنين باحات المسجد الأقصى تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال منعطفا خطيرا.

اضافة اعلان

ووجهت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بهذا الخطوة التي أثارت ردود فعل عربية وعالمية غاضبة لانتهاك حرمة المقدسات الإسلامية عدة رسائل للداخل والخارج، وكشفت بعض نواياها بطمس المعالم الإسلامية للمسجد الأقصى المبارك.

والوضع معرض للانفجار في أي لحظة

وقال الدكتور أيمن الحنيطي، خبير الشؤون الإسرائيلية في تصريحات لـ"الغد" بأن هناك العديد من الرسائل التي أوصلها الاحتلال من خلال عملية الاقتحام التي قام بها الوزير بن غفير.

ولفت إلى أن من بين أهم تلك الرسائل هي أن الاقتحام تم من خلال وزير وهذا الوزير يمثل توجهات الحكومة ككل فهو ليس عضو كنيست، اضافة إلى أن رئيس حكومة الاحتلال صامت ولم يرد ولكنه مبارك للخطوة التي تمت وهي الاقتحام.

وأكد بأن هدف نتنياهو وما يسعى إليه في الفترة القادمة هو فرض السيادة الإسرائيلية بالكامل على المسجد الاقصى من خلال قانون يسعى لتمريره في الفترة القادمة .

وأضاف بأن أحد أهم الملفات التي يتعامل معها نتنياهو هو ملف السيطرة على المسجد الاقصى ومحاولة شرعنة الدخول والخروج للمستوطنين اليهود والصلاة داخل باحاته.

وأردف بأن الدبلوماسية الأردنية يجب أن تلعب دورا هاما وحاسما لكف يد الاحتلال عن المضي قدما بتنفيذ مخططاته، وبسن القوانين التي ستجعل من المسجد الاقصى ساحات لذبح القرابين ولإقامة الطقوس الدينية بكل اريحية .

وقال بأن على الجانب الأردني أن يكون واعيا لمخططات اسرائيل والتي تطمح لأن يقوم الأردن بإلغاء معاهدة السلام والتي ستستغل حكومة الإحتلال فيها العديد من الجوانب الهامة وعلى رأسها فرض سيطرتها على المسجد الأقصى .

ولفت إلى أن هناك انعكاسات خطيرة ستحدث إن تمت السيطرة الإسرائيلية على المسجد الاقصى، وعلى رأسها بان يذهب الأردن إلى أبعد الحدود وسيضع كل الملفات على الطاولة.

وقال إن ملف القدس الآن هو حجر العثرة أمام الكثير من القضايا في المنطقة، وعلى رأسها العلاقات بين بعض الدول العربية وحكومة الإحتلال وخاصة فيما يتعلق بالمعاهدات واتفاقيات العلاقات التجارية .

ولفت إلى أن ما يجري الآن في المسجد الأقصى هو خطير جدا خاصة في ظل التغطية الأمريكية الأوروبية لأفعال الاحتلال، مشيرا إلى أن كل الدول المعنية لديها هم الآن وهو ايجاد حل شامل للقضية الفلسطينية.

ورجح بأن يكون في القريب مؤتمر للسلام في المنطقة العربية لحلحلة الأمور ومحاولة التوصل لحل ينهي الصراع الحاصل في المسجد الأقصى .

وحذر الحنيطي من انفجار للأوضاع على الساحة الفلسطينية خلال شهر اذار ونيسان القادمين، بمناسبة بعض الأعياد اليهودية التي تعتمد على الدخول للمسجد الاقصى وذبح القرابين .

ولفت إلى أنه حسب توقعاته سيكون القادم أسوا مما هو عليه الآن خاصة مع استلام حكومة يمينية متطرفة مقاليد الأمور، حيث تسعى لتغيير الامور على أرض الواقع مشيرا إلى أن الاحتلال يبدو أنه لا يفهم إلا لغة القوة.

وأكد على أن يجب إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني محذرا من كارثة ستحدث اذا لم يتم لم شمل جميع الفصائل تحت لواء واحد، مبديا مخاوفه من تفجر الأمور بشكل كامل خلال الأشهر القادمة في حال التجهز لإقامة الطقوس الدينية اليهودية داخل المسجد الأقصى على نطاق واسع.

وأوضح بان الاجماع العربي الان مطلوب أكثر من أي وقت مضى، كون المرحلة حساسة وخطيرة جدا قائلا إنه يجب أن يكون الموقف العربي واضح وقوي وان لا يترك الأردن لوحده في مواجهة الاحتلال .

خطر داهم حول المسجد الأقصى

من جانبه قال الناشط الحقوقي والميداني في القدس فخري أبو دياب في تصريح خاص لـ"الغد" بأنه منذ بداية العام الحالي ازدادت بشكل كبير وواضح عمليات الاقتحام وخاصة من قبل بلدية الإحتلال وجمعيات ما يسمى بالهيكل والمستوطنين المتطرفين.

وأكد أنه من الملاحظ وبكثرة أنه زادت ايضا عمليات مصادرة الأراضي والحفريات، وقام الإحتلال بمضاعفة أعداد الآليات في المناطق المحيطة بالمسجد الاقصى المبارك مثل سلوان والأرض الحمرا والتي تتبع لكنيسة الروم الارثوذكس.

وحذر من أن المشهد الذي أصبح يزداد خطورة يوما بعد يوم هو قيام هذه الآليات والجرافات بالحفر المستمر ومحاولة تغيير معالم المنطقة والتهيئة لمشاريع تهويدية جديدة.

وأضاف بان الواقع الحالي والصورة في محيط المسجد الأقصى تزداد خطورة بشكل كبير خاصة منذ بداية العام الحالي، محذرا من أن قوات الإحتلال كثفت من حفرياتها في منطقة القصور الأموية حيث تعمل الجمعيات الاستيطانية في تلك المنطقة وداخل باب المغاربة وتسعى لتغيير كافة المعالم .

وتابع بأن الناشطين الفلسطينيين على الأرض لاحظو منذ فترة أسبوع نشاطا غريبا لقوات الإحتلال شرق المسجد الأقصى المبارك، وهي منطقة ملاصقة تماما لمقبرة الرحمة .

وأضاف بأن آليات وجرافات الاحتلال تعمل ايضا على الحفر في منطقة وادي الجوز، وهي المنطقة الشمالية الشرقية للمسجد الأقصى وتبعد عنه من 100 إلى 150 مترا فقط .

كما أن منطقة شارع السلطان سليمان القانوني تشهد إغلاقا غير مبرر من بلدية الاحتلال بحجة إجراء تحسينات وتحديثات، وحذر من أن هذا الشارع مهم جدا كونه يربط بين باب العامود وباب الساهرة ومفرق شارع صلاح الدين، مشيرا إلى أن هناك حفريات خطيرة تجري في المنطقة ويتم إبعاد المقدسيين بشكل كامل وعدم السماح لهم بالإطلاع على طبيعة الحفيرات .

وحذر بشكل كبير من وجود حفيرات تجري الآن في محيط المسجد الأقصى بشكل مباشر وداخل البلدة القديمة ايضا، حيث أن أكثر شيء ملاحظ وفق أبو دياب هو ازدياد وتيرة الحفر ونبش القبور في المنطقة القريبة من باب الخليل وبالتحديد مقبرة "مأمن الله".

وأكد بأن هناك هجمة شرسة وقوية للحفريات في المسجد الأقصى ومحيط البلدة القديمة في هذه الأيام، مشددا من خطورة أن الأوضاع تسير إلى تغيير المشهد بالكامل في مدينة القدس، خاصة في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة تسعى بكل ما اوتيت من قوة لفرض هيمنتها وسيطرتها على المسجد الأقصى المبارك.

كشف كواليس الداخل الإسرائيلي

من جانب آخر قال صحفي ومختص بالصراع العربي الإسرائيلي متواجد حاليا في مدينة القدس فضل عدم ذكر إسمه في تصريح خاص لـ"الغد" بأن كلمة السر في كل ما يجري حاليا وما هو متوقع أن يجري في المستقبل هو تفسير مصطلح "الوضع القائم في المسجد الأقصى".

وأضاف أنه بالنسبة للأردن وفلسطين ومعهما الدول العربية والإسلامية والعديد من الدول الغربية فإنه يعني الوضع الذي ساد في المسجد الأقصى ما قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 وبموجبه فإن دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، هي المسؤولة الحصرية عن إدارة شؤون المسجد الأقصى بمساحته البالغة 144 دونما، وأن لا دخل للسلطات الإسرائيلية من قريب أو بعيد بشؤون المسجد.

ولفت إلى أنه بالنسبة للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فإن الوضع القائم يعني حق المسلمين بالصلاة في المسجد وحق غير المسلمين بزيارته، وهو تعبير فضفاض جدا وفق تعبيره .

وأضاف بأن الداخل الإسرائيلي يعج بالخلافات ما بين اليهود حول اقتحام المسجد، فالأغلبية من اليهود تلتزم بالفتوى الصادرة عن الحاخامية الإسرائيلية الكبرى عام 1967 بالامتناع عن الاقتحام بداعي عدم توفر متطلبات الطهارة، ولكن جماعات يمينية إسرائيلية متطرفة تدعي أن ليس هناك ما يمنع في الشريعة اليهودية من اقتحام المسجد شريطة عدم الدخول إلى المباني المبنية في المسجد.

ولفت إلى أنه من الواضح إن إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي يستغل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى ابعد الحدود عبر محاولة فرض اجندة على الحكومة بادعاء تنفيذ وعود انتخابية في حين أن نتنياهو، الذي يريد البقاء في الحكم ويخشى المحاكمة بتهم الفساد، ينصاع لرغبات بن غفير وغيره من اليمينيين المتطرفين.

وكشف عن أن اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى، تم بطريقة التحايل بعد إشاعة تأجيل الاقتحام عبر مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية، موضحا أنه يمثل خطوة خطيرة للغاية.

وأكد بأن هناك انتقادات واسعة في وسائل الإعلام الإسرائيلية لهذا الاقتحام من قبل بن غفير باعتبار إن من شأنه أن يقود الى احتجاجات فلسطينية في المسجد والقدس الشرقية قد تمتد إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، واعتبر الكثير منهم الاقتحام بأنه استفزاز وإن بن غفير أراد الاستعراض فقط.

بيان أردني يحذر

وكانت مندوب المملكة قد شارك بالجلسة الطارئة التي عقدها مجلس الأمن لمناقشة الانتهاكات الإسرائيلية للوضع الراهن في القدس، بطلب أردني فلسطيني مشترك، وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، المندوب العربي في المجلس، وكل من فرنسا و الصين و مالطا.

وألقى المندوب الدائم للمملكة الأردنية الهاشمية لدى الأمم المتحدة السفير محمود الحمود بيان المملكة في الجلسة، الذي أكد إدانة الأردن بأشد العبارات إقدام وزير الأمن القومي الإسرائيلي على اقتحام المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف صباح يوم الثالث من الشهر الجاري تحت حراسة وحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشددا على أن اقتحام المسجد الأقصى المبارك وانتهاك حرمته خطوة استفزازية مرفوضة ومُدانة، تمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي، والوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس ومقدساتها.

الدور الأمريكي

كما وبحث نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، التبعات الخطيرة لاقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي اتمار بن غفير المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف.

وأكد الصفدي في اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي ضرورة تكاتف الجهود للحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها والحؤول دون التصعيد الحتمي الذي سيتفاقم إن استمرت خروقات إسرائيل له.