"تجويد التعليم" عبر أنشطة لامنهجية جامعية.. طريق لسوق العمل

147
147
ريم زايد عمان- لم تكن المرحلة الجامعية بالنسبة لعمران أبو زريفة، عادية تسير كغيرها من الأعوام، إنما كانت مهمة وأسهمت في تطوير شخصيته وفكره وأسلوبه، وقدرته على تحديد خياراته في الحاضر والمستقبل. افتتح بانوراما الأنشطة الطلابية في كلية المال والأعمال أبو زريفة ممثل كلية الصيدلة في جامعة اليرموك ومؤسس مبادرة “ويبقى الأثر”، يسرد تجربته الجامعية التي صقلت شخصيته لمرحلة ما بعد التخرج؛ حيث شرح بداية الأنشطة الجامعية المنهجية وغير المنهجية، الأولى تندرج تحتها المواد النظرية التي يتلقاها الطالب في الجامعة من قبل مدرسي المواد، وغير المنهجية التي تهتم بصقل المهارات القيادية لسوق العمل كالدورات والورشات والمؤتمرات والمبادرات التطوعية، وكلاهما يعد ضرورياً ورئيسياً.

المرحلة الجامعية بتحدياتها كافة

العلامة الفارقة في حياة الطالب الجامعي تكمن بقراره في خوض غمار المرحلة بتفاصيلها وتحدياتها كافة، بحسب أبو زريفة، التي برأيه تترك أثراً واضحاً في تنمية شخصيته وتقوية أواصر علاقاته في المجتمع وصقل قدراته النظرية في المجال العملي ضمن حقل تخصصه. ويصف الجامعة بأنها المكان الذي يغير من شخصية الطالب بشكل إيجابي، فمشاركته في الأنشطة اللامنهجية بطريقة فاعلة تؤدي إلى بناء فهمه لذاته بشكل أوسع، حيث يرى نفسه الآن على معرفة أكثر بنقاط القوة والضعف في شخصيته من خلال تجاربه المتعددة. ويضيف “التأهيل الجامعي لدى الطالب يحتاج لوعي كاف من قبل الأهلي في تأهيل أبنائهم للمرحلة الجامعية”، ويعتبر أن طريقة التعاطي مع الجامعة وشخوصها وأنظمتها يجب أن تبنى على وعي وإدراك ونضوج بتعاون من الأهل والهيئة التدريسية ومن خلال برامج ممنهجة توضع لتطوير شخصيات الطلبة وتصقل مهاراتهم حال دخولهم للجامعة.

أكثر من نصف الطلبة غير مدركين لطبيعة تخصصاتهم

أكثر من نصف الطلبة لا يدركون الجوانب المختلفة في التخصص، أو يدخلونه من دون علم بمجالاته أو برغبة من أولياء أمورهم بدراسة تخصص معين، لذا تمضي سنينهم الجامعية منشغلين في التفكير بالتخصص وصعوبة التعايش معه أكثر من استثمار ذواتهم في تنمية أنفسهم. ووفقاً لدراسة “الدور التربوي للأنشطة الطلابية في تنمية بعض المبادئ التربوية لدى طالبات المرحلة المتوسطة”، التي أجرتها الباحثة في علم النفس “منال مزيو” العام 2014، فإن نتائج الدراسة أكدت أن العمل الجامعي الذي يحتاج إلى جهد مبذول كالجوالة والمعسكرات ومشاريع الخدمة التطوعية العامة يدعم فلسفة العمل الجماعي ويشعر الطلبة بالتجانس وروح والولاء والانتماء للجماعة، ما يسهل عليهم انتقال الروح الجماعية المتعاونة إلى مجتمعاتهم، وأن الأنشطة اللامنهجية دعمت مبادئ القيادة والمساواة والحرية المسؤولة لديهم كطلبة والتي، برأي الباحثة، هذه القيم من شأنها أن تنبذ الفردية وتعزز العمل الجماعي في الأسرة والمجتمع. سفيرة الأردن للسلام بتفويض من سلسلة السلام العالمية وطالبة كلية الصيدلة في الجامعة الأردنية تالا عودة، تتحدث عن الجامعة كمرحلة أهلتها لما هي عليه الآن “الجامعة بالنهاية هي تجمع لتيارات فكرية وعقلية ومهارية مختلفة يجب أن تؤهلنا للحياة العملية”. وتقول إن الجامعة تحتوي على شخصيات متعددة من الطلبة، بعضهم يحقق الغاية الفضلى بتأهيل نفسه ما بعد التخرج، وبعضهم ينعزل عن طبيعة الحياة الجامعية ويتمسك بالمراجع ذاتها التي كونها في المدرسة.

المرحلة الجامعية مرآة انعكاس المستقبل

ومن وجهة نظر عودة، فإن “المرحلة الجامعية مرآة انعكاس لمستقبل الشخص”، ومتطلبات سوق العمل ضاعفت حدية التنافس بين الطلبة حتى أضحى التحصيل العلمي الجامعي غير مهم بقدر الأنشطة والخبرات المعرفية والعلاقات الاجتماعية، التي يكونها الشخص في سنينه الجامعية. الأنشطة اللامنهجية تنقسم إلى تطوعية خيرية وطلابية حقوقية كالتي تطرحها منظمات المجتمع المدني، مشيرة إلى أن شركات التوظيف ومؤسسات سوق العمل التي تسعى للابتكار، تبحث مؤخراً عن مكتسبي المهارات ومن يفكرون بطريقة مختلفة ترفد أعمالهم بابتكارات جديدة، ما تراه إشارة إلى أهمية التدريب والتأهيل قبل الحياة العملية. وفي حديث عودة عن تأثير مشاركاتها في تدريبات منظمات المجتمع المدني والأنشطة اللامنهجية وبرامج السلام العالمية على شخصيتها، تؤكد أنها أصبحت أكثر مرونة في التعامل مع الآخرين، وأن مصدر معلوماتها أصبح متنوعاً وغنياً من خلال تعدد خبراتها.

التعليم كهدف عالمي

تقوم أهداف التنمية المستدامة على تحسين التعليم، وإيجاد سبل حياة أفضل ومجتمعات ومدن مستدامة، يجب أن تتحقق بغضون العام 2030، لذا فإن أهمية تجويد التعليم من خلال الأنشطة اللامنهجية، وتطوير شخصيات الأفراد والطلبة في المؤسسات، تعد هدفاً عالمياً لن تختلف الأجيال والحكومات النهضوية على تكوينه وتقويمه. الاستشاري النفسي والتربوي خليل زيود، يعدد أهمية الأنشطة اللامنهجية في المرحلة الجامعية، ويعتبرها بوابة للتفاعل الاجتماعي للطالب خارج منطقته ومحيطه، وسببا لتنمية عنصر الاختلاف في شخصيته. ويضيف أن الأنشطة غير المألوفة في الحياة الجامعية هي تلاق لأفكار الفرد ونتاج حيوي وجدي للتفاعل، فالطالب من خلال التفاعل الذي يقوم به، سيشعر أنه جزء من المجتمع. أهمية الدورات التأهيلية للطلبة ما قبل الجامعة أو في الحرم الجامعي، تعد جزءا مهما وأساسيا في تأهيل شخصياتهم، فهي تعرفهم كيفية التعامل مع ذاتهم ومع أقرانهم. عميد شؤون الطلبة في جامعة اليرموك الدكتور محمد ذيابات، يقول إن توفر الأنشطة اللامنهجية في الجامعة، يعزز بيئة التعاون والتفاعل للطالب مع زملائه الطلبة، وينمي لديه مهارات التواصل والقيادة وصنع القرار في مجتمعه. ويضيف “المرحلة الجامعية الغنية بالتجارب تعزز تقبل الطلبة لدى بعضهم بعضا ليكونوا قادرين أكثر على الاندماج مع بيئات مختلفة عنهم في الأردن أو في حال سفرهم للخارج”، منوها إلى أهمية التفاعل على شخصية الطالب الجامعي وتحفيزه لتكوين علاقات جيدة تتوافق مع متغيرات سوق العمل.

العمل خارج القاعات ودوره في تكوين الشخصية

العمل خارج القاعات الدراسية يتيح للطالب اكتساب العديد من المهارات كالثقة بالنفس، ما ينعكس على شخصيته على الصعيدين الشخصي والعملي. ويشير ذيابات إلى أهمية الانخراط اللامنهجي في المرحلة الجامعية. ويلفت ذيابات إلى فكرة تأهيل الطلبة نفسياً من قبل أسرهم حال دخولهم الحرم الجامعي، قائلا “عليهم إرشاد أبنائهم في بداية انتقالهم من بيئة المدرسة إلى الجامعة كونها مرحلة تختلف بطبيعة تلقي المواد من معلمة إلى دكتور جامعي وتعدد مصادر المعرفة”. ويواجه الطلبة في بداية دخولهم إلى الجامعة نوع من التشتت بسبب اختلاف الاتجاهات الفكرية، فقد يؤدي بهم إلى عزل أنفسهم في البيئة التي حولهم، لذا على الأهل تأهيلهم بشكل جيد لأن الأسرة هي الأساس في مرجعية بناء الإنسان وفكره.اضافة اعلان