التحول المناخي والتحفيز الاقتصادي في الأردن

يتشكل اقتصاد الطاقة النظيفة بسرعة، ولكن هناك حاجة ماسة إلى تغيير أسرع عبر معظم مكونات نظام الطاقة لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050. حيث أعلنت رئاسة COP28 عن خطة طموحة لتسريع عملية انتقال الطاقة وزيادة التمويل المناخي القائم على مبادئ الإنصاف والمساءلة والشمول والشفافية والمساواة، ولذلك ينصب التركيز على أسواق الطاقة في سوق سريع التغير وتحت ضغط من اتجاهات مختلفة.

اضافة اعلان


في حين أن المسار شاق، إلا أن العديد من المقومات والابتكارات الايجابية يمكن أن تجعله قابلاً للتحقيق في قيادة وتحقيق إستراتيجيات النمو. حيث توضح وتيرة نشر بعض تقنيات الطاقة النظيفة ما يمكن تحقيقه بطموح كافٍ وإجراءات سياسية، حيث وصلت مبيعات السيارات الكهربائية إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 10 ملايين في عام 2022 ، أي ما يقرب من عشرة أضعاف في خمس سنوات فقط. كذلك ارتفعت إضافات الطاقة الكهربائية المتجددة إلى 340 جيجاوات، وهو أكبر انتشار لها على الإطلاق.


نتيجة لذلك، تمثل مصادر الطاقة المتجددة الآن 30 ٪ من توليد الكهرباء في العالم، ووصل الاستثمار في الطاقة النظيفة إلى مستوى قياسي بلغ 1.6 تريليون دولار أميركي في عام 2022، بزيادة قدرها 15 ٪ تقريبًا عن عام 2021، مما يدل على استمرار الثقة في تحولات الطاقة حتى في ظل مناخ اقتصادي غير مؤكد.


أعلنت الاقتصادات الكبرى عن حزم تحفيز اقتصادي ستضخ ما يقرب من 4.6 تريليون دولار أميركي مباشرة في القطاعات ذات الصلة بالكربون مثل الزراعة والصناعة والنفايات والطاقة والنقل. أيضا يجب أن يزيد الاستثمار في مجال تحويل الطاقة بنسبة 30 ٪ عن الاستثمار المخطط له إلى ما مجموعه 131 تريليون دولار أميركي من الآن وحتى عام 2050، أي ما يعادل 4.4 تريليون دولار أميركي سنويًا. وبذلك ستكون الفوائد الاجتماعية والاقتصادية هائلة؛ حيث ان الاستثمار في التحول سيخلق ما يقرب من ثلاث مرات وظائف أكثر من الوقود الأحفوري لكل مليون دولار يتم إنفاقها.


تعد دول الشرق الأوسط من بين أكثر دول العالم تعرضًا للتأثيرات المتسارعة للتغير المناخي الذي يسببه الإنسان، بما في ذلك موجات الحرارة المرتفعة، وتراجع هطل الأمطار، والجفاف الممتد، والمزيد من العواصف الرملية والفيضانات الشديدة، وارتفاع مستويات سطح البحر. لكن العواقب ستكون غير متساوية في جميع أنحاء المنطقة، حيث ستعاني البلدان الفقيرة بالموارد التي تفتقر إلى القدرات التكيفية مثل البنية التحتية والتكنولوجيا ورأس المال البشري والمادي أكثر حدة، خاصة وأن الاحترار العالمي يساهم في تدهور سبل المعيشة الريفية ويعرض الأمن الغذائي للخطر.


تتزايد قابلية تعرض الأردن لتغير المناخ، مع ظهور آثار واضحة بالفعل على المياه، والزراعة، والأمن الغذائي، والمدن، والشركات، والنظم الاجتماعية. علاوة على ذلك، في حين أن انبعاثات الغازات الدفيئة في الأردن صغيرة نسبيًا على المستوى العالمي، فإن المملكة تقدم أيضًا فرصًا كبيرة للعمل المناخي في قطاعات المياه والنقل والطاقة، والمدن الذكية.


والتزاما مع اتفاقيات المناخ الدولي، يمتلك الأردن مجموعة قوية من السياسات المناخية الوطنية التي توفر مسارًا طموحًا نحو تنمية منخفضة الكربون ومقاومة للمناخ. لتعزيز زخم السياسات في ستة قطاعات محورية، وهي المياه والطاقة والنفايات والنقل والزراعة والسياحة بهدف إيجاد وظائف خضراء وتحفيز القطاع الخاص وجذب الاستثمارات. لذلك يجب على الحكومة والجهات الفاعلة الداعمة في مجال المناخ في الأردن تعزيز فعالية جهود حوكمة تغير المناخ وتدابيرها المستجيبة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.


يتطلب الوصول إلى التمويل، العمل على إطلاق مشاريع رئيسية بالشراكة بين القطاع العام والخاص، مثل التقاط الكربون واستخدامه عبر سلسلة القيمة المضافة، وإنتاج الهيدروجين والامونيا، والتوسع في الطاقة المتجددة، وإعادة التدوير، وكهربة النقل، ومعالجة تدوير البطاريات الكهربائية، والمدن الذكية، وكذلك إطلاق جهود دبلوماسية دولية للمساهمة في جذب الاستثمارات وتوفير التمويل، ومعالجة المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ.
علاوة على ذلك، تعتبر أرصدة الكربون ضرورية في الاستراتيجية العالمية لمكافحة تغير المناخ، من خلال تخصيص تكلفة لانبعاثات الكربون، فإنها توفر حافزًا ماليًا للانبعاثات لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعزيز تطوير وتنفيذ تقنيات وممارسات أنظف. وايضا، سيتطلب الهيكل المالي الجديد مؤسسات مالية دولية أقوى (IFIs) تعمل بشكل أفضل كنظام ويجب أن تطور حلولًا مبتكرة وشاملة تنقل رأس المال الخاص على نطاق واسع نحو العمل المناخي لمساعدة البلدان على اتخاذ مسار نمو تقوده التكنولوجيا والقطاع الخاص.


يجب أن تساهم عدسة مقاومة المناخ في جميع القرارات السياسية والاقتصادية والمتعلقة بالبنية التحتية لضمان حدوث التكيف المناسب مع تغير المناخ في وقت مبكر. ويجب أن تشمل التحول نحو اقتصاد مرن للمناخ ومنخفض الكربون، وبالتالي خلق فرص لوظائف جديدة وإتاحة وصول النساء والمجتمعات المحلية والشباب إلى خدمات عالية الجودة.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا